الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
جزيرة الشيطان!

جزيرة الشيطان!






لم تدرك قناة الجزيرة حجم التغيير الكبير فى وعى المصريين،المواطن المصرى فى 2019 يختلف كثيرًا عن مواطن 2011، غرورها صوّر لها أن تقنيات تمرير الكذب والخداع وتزييف الحقائق التى قدمتها للناس فى أحداث يناير يمكن أن تنطلى عليهم مرة أخرى فى سبتمبر، تسرعت فوقعت فى أخطاء قاتلة بفبركة صور وفيديوهات فضحها المواطن المصرى البسيط على وسائل التواصل الاجتماعى، ثم اضطرت تحت ضغط الإعلام المصرى الهائل الى تقديم اعتراف تاريخى بالجريمة ينسحب على ماضيها ويلاحقها فى مستقبلها.
لا أقول إننا نجحنا فى كسر الموجة الأولى من قصفهم ضد الدولة المصرية، فهى معركة طويلة وأسلحتها غير تقليدية، الإعلام القطرى ذراع سياسية لقوى إقليمية متعددة لديها طلبات من الدولة المصرية، إذا استجابت ورضخت يتقلص الضغط، إذا رفضت يصبح خلعها والتخلص منها مهمة المنظومة الإعلامية القطرية كلها والتى ينفق عليها سنويًا أكثر من 9 مليارات دولار بحسب مصادر إعلامية متعددة.
تقسم تلك الأموال بشكل متناسب على أكثر من وسيلة إعلامية، بشكل ظاهر على مجموعة الجزيرة ومنصاتها على وسائل التواصل الاجتماعى مثل AJ + والتى انطلقت فى عام 2014 كمنصة إخبارية على الإنترنت تستهدف الشباب،مع إصدارات اللغة الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، وكذلك قناتها العربية وخصصت كل محتواها للهجوم على قادة مصر ودول الرباعى العربى، ويتحرك قسم آخر من تلك الأموال بطريقة خفية إلى قنوات الإخوان فى تركيا عبر شركات إنتاج محتوى يتم تقديمه ثم يعاد تسويقه بأكثر من طريقة على منصة يوتيوب، ثم قناة العربى فى لندن، بالإضافة الى دعم مئات الحسابات المؤثرة على تويتر وفيس بوك، فضلا عن حصص مؤثرة فى أكثر من صحيفة أوروبية وأمريكية مؤثرة دوليًا.
تجيد المنظومة القطرية التحايل والخداع من أجل إخفاء تحركاتها، لكن سياسة هذه القنوات تفضحها تماما،فهى داعم قوى لجماعة الإخوان الإرهابية المتحالفة مع قطر وتركيا، واستهدافها لمصر تحديدًا فاضح تماما لذلك الدور المشبوه للضغط على مصر.
الضغط على مصر بأقسى الطرق مفهوم إذا وضعنا فى اعتبارنا ما قالته صحفية تركية مقربة من نظام أردوغان من أن التوتر فى مصر ينتهى فى الوقت الذى يجلس فيه الرئيس عبد الفتاح السيسى على مائدة المفاوضات لتقسيم غاز المتوسط، وما يتضمنه ذلك من تنازلات تقدمها مصر لتركيا من ثروتها، وهو ما رفضته مصر جملة وتفصيلا، كما حذرت تركيا من عمليات التنقيب غير الشرعية التى تقوم بها فى المياه الاقليمية القبرصية.
لم تستوعب الجزيرة ولا حكام قطر وتركيا أن التاريخ لا يعيد نفسه مرتين، وإذا حدث ستكون فى الأولى مأساة والثانية مهزلة، وهو ما حدث بالفعل بعد دعوه اتباعهم من جماعة الاخوان الارهابية وتيارات اخرى للتظاهر فى مصر، واستغلوا إمبراطوريتهم الإعلامية من اجل صناعة مشهد مفبرك بامتياز لإسقاط الدولة، مشهد يقترب كثيرا من أحد مشاهد فيلم «wag the dog« من بطولة العظيمان روبرت دى نيرو وداستن هوفمان، حينما قرر خبراء الداعية انقاذ الرئيس الأمريكى من فضيحة بافتعال حرب مع البانيا داخل استديو فى هوليود وخداع الشعب الأمريكى بها، نفس الفبركة حاولت الجزيرة تضليل المصريين بها، بداية من عملية التسخين ضد القوات المصرية نهاية باشعال الوضع بفيديوهات مفبركة لدفع الناس للاشتباك مع الدولة وإثارة الفوضى على طريقة يناير.
يجب أن لا تمر جريمة الجزيرة وأخواتها ضد مصر مرور الكرام هذه المرة، ولا نكتفى بالرد فقط، فما تقوم به قطر وتركيا جريمة كاملة ضد مصر، واستخدام الاعلام كسلاح للتدخل فى شئون الدول، فمصر هى الدولة الوحيدة فى العالم التى تواجه هذا الكم من الفضائيات الموجهة، وما تبثه من محتوى تحريضى على العنف والكراهية على مدار الأربعة وعشرين ساعة فى اليوم، وتجاهلها للمعايير المهنية وعدم خضوعها لأى قانون وهو أمر غريب ويرقى ليصبح تواطئ علنى على أمن واستقرار مصر بالصمت عليه من جانب المؤسسات المعنية بمراقبة الإعلام حول العالم.
أدعو منظمات المجتمع المدنى المصرية وخاصة صاحبه الصفة الاستشارية للتحرك والدفاع عن حق الانسان المصرى فى الاستقرار بإرسال شكاوى للمفوضية السامية لحقوق الانسان ضد تلك الفضائيات والدول التى تستضيفها وتدعمها ماديا، وما تقوم به من تزييف للحقائق، ولقد أعطاها القانون الدول الإنسانى هذا الحق، فهذه الفضائيات تخالف ما نص عليه دليل منظمة اليونسكو لضبط البث الإعلامى والتى تتمثل فيما يلي:
1- دور الإعلام فى المسار الديمقراطي.
2- قدرة الإعلام على تعزيز الترويج الثقافى والمصالح والأولويات الوطنية.
3- المصالح الاقتصادية للدولة المعنية.
كما تمارس تلك القنوات التحريض والحض على الكراهية لدعم مخططها الإرهابى فى جذب الشباب لقتال اجهزة الدولة وهو الامر المجرم وفقا لنصوص القانون الدولى، حيث نصت المادة 20 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حظر أية دعاية للحرب و أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف وأيضا نص قرار مجلس الامن رقم ١٦٢٤، والذى نص على قيام الأمــم المتحــدة وكافــة الــدول باتخـاذ جميـع التـدابير الـضرورية والمناسـبة، وفقـا للقـانون الـدولى، على الصعيدين الوطنى والدولي، لحماية الحق فى الحياة وتجريم عمليات التحريض على العنف والدعوة لممارسة الإرهاب.
هذه المواد تنطبق على ما تبثه تلك القنوات، ويمكن أيضا للمنظمات والمحامين المصريين الذين لديهم نشاط دولى أن يتقدموا بدعاوى قضائية ضدهم فى المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان ضد تركيا التى تأوى تلك القنوات لعدم التزامها بالاتفاقية الأوروبية حول البث التلفزيونى عبر الحدود بتشغيل تلك القنوات على أرضها دون ترخيص وهو ما أعترف به الإخوان فى أكثر من مرة فضلا عن المحتوى الإعلامى الذى لا يتقيد بالمعايير المهنية التى تفرض عليها عرض كل وجهات النظر.
مصر فى حالة حرب شعواء تريد أن ترجعها الى مربع الفوضى والانهيار، فى لحظة تحتاج فيها لوحدة المصريين وتكاتفهم لصدر ذلك العدوان الإلكترونى وحماية الامن القومى واستقرار البلاد ليست مهمة الحكومة فقط، بل مهمة كل مصرى غيور على بلده.