
محمود بسيونى
منظمة العفو الإخوانية!
إذا كانت هناك إيجابيات من الصراع بين الدولة المصرية وجماعة الإخوان الإرهابية وداعميها فى قطر وتركيا، يصبح أهمها سقوط أقنعة كثير من المؤسسات الدولية التى خدعت الناس لسنوات باسم حقوق الإنسان، بينما هى تتحرك ضد حق الإنسان فى الحياة والتنمية والاستقرار وتنفذ أجندات معينة لا تصب إلا فى مصلحة الجماعة الإرهابية وداعميها الدوليين.
كانت منظمة العفو الدولية من المؤسسات التى لها احترامها فى الشرق الأوسط، فقد رفضت الحرب على العراق، وكان لها موقف مساند للقضية الفلسطينية وكاشف للجرائم الإسرائيلية، إلى أن انتهت أدوار البطولة وتحولت إلى دور البديل أو الدوبلير لمنظمة هيومان رايتس ووتش التى توارت قليلا بعدما وضعت علامات استفهام عديدة حول تركيزها على مصر خلال السنوات الماضية وظهور أحد موظفيها على شاشة إحدى القنوات الإخوانية وهو ما فضح تعاونها معهم، فكانت العفو الدولية هى البديل المتاح فى لعبة تقسيم الأدوار ضد مصر.
سقط احترام العفو الدولية ابتداء بدفاعها عن تظاهرات مزعومة دعا لها شخص مدان بعدة جرائم يعاقب عليها القانون الدولى الإنسانى مثل التحريض على العنف والحض على الكراهية والتنمر عبر سلسلة من الفيديوهات التى عرضتها شبكات تليفزيونية تابعة لدولة قطر وقنوات تمولها سرا تابعة لجماعة الإخوان الإرهابية فى تركيا.
انشغلت العفو الدولية بإدانة إجراءات الأمن المصرى والتى أجازها القانون الدولى، وتجاهلت تماما شروط التظاهر الموجودة فى القانون المصرى، والتى توجب إخطار الأمن قبل أى تظاهرة وحقه فى الموافقة أو الرفض، تبعا لرؤيته لمخاطر الأمن القومى فى دولة كل حدودها مشتعلة بالصراعات وتواجه خطر الإرهاب والتنظيمات المسلحة، وكشفت عن انحيازها السياسى ضد الدولة المصرية رافضة الالتفاف الشعبى الكبير الذى ظهر حول القيادة السياسية، لم تحسب تكلفة انهيار الأمن فى بلد نام يسكنه 100 مليون نسمة.. لم تحسب التكلفة الإنسانية لأى احتكاك عنيف يحدث بين الأمن وعناصر الإخوان المشاركة فى تلك التظاهرات، وبحث الجماعة الإرهابية المحموم عن ضحية تتاجر بدمائها أمام الإعلام الدولى وهو ما اتضح من تسريبات عناصر الجماعة الإرهابية.
تحرك الهيئة العامة للاستعلامات للرد على العفو الدولية، كشف للعالم الدور المشبوه الذى تمارسه ضد مصر، وقدم الدليل الدامغ على انهيار مهنيتها وغرقها فى بحر السياسة والابتعاد عن مهمتها الأصلية وهى الدفاع عن حقوق الإنسان.
ما قالته هيئة الاستعلامات عن العفو الدولية ليس بالأمر الجديد فقد سبقتها صحف عالمية حذرت من خطورة ما تقوم به العفو الدولية فى السنوات الأخيرة ضد دول من العالم الثالث وتساءلت عن تمويلاتها خاصة تلقيها أنواعًا مختلفة من التمويل غير المباشر من وزارة التنمية الدولية البريطانية (DFID) والمفوضية الأوروبية وهولندا والولايات المتحدة والنرويج ومعظم هذه الأموال لا تأتى بالضرورة مباشرة من تلك الحكومات بل من خلال مؤسسات أخرى، مشيرة إلى أدوارها السلبية التى لخصتها فى وظيفتين، التشويه السياسى والتأثير الاقتصادى على الدول المستهدفة بهجومها المنتظم.
يبدأ التشويه السياسى بعمليات ادانة مستمرة للدولة المستهدفة ثم الضغط على الحكومات الغربية بحملات ممنهجة من أجل وقف تصدير الأسلحة لتلك الدولة، تقوم بذلك وهى تعى تماما خطورته على الحالة الأمنية وما ينتج عنه من تعرض سكانها لتهديدات التنظيمات المسلحة، وهو ما حدث فى ليبيا بعد سقوط الدولة المركزية، فهل غياب الأمن فيه حماية لحقوق الإنسان، أم أنه فتح للباب أمام الفوضى وتمكين للإرهاب؟
كما تؤثر حملاتها فى الضغط على الشركات الغربية بعدم الاستثمار أو التعاون الاقتصادى مع الدول المستهدفة وهو تهديد آخر لحق المواطن فى العمل وتعطيل لإجراءات مكافحة الفقر.
فى شهر فبراير الماضى نشرت الجارديان البريطانية تقريرا للصحفية كارين ماكفى عما يحدث داخل العفو الدولية وضعت له عنوان «العفو الدولية.. ثقافة العمل السامة « قالت فيه إن توظيف الأفراد فى المناصب البحثية والقيادية الرئيسية داخل المنظمة يتم على أساس خلفياتهم السياسة دونما النظر للخبرة المهنية المطلوبة فى مجال حقوق الإنسان، وبسبب ذلك تفاقمت أزماتها مع دول عديدة حول العالم بسبب التحيز الأيديولوجى والسياسى العميق الموجود فى تقاريرها، وهو ما أخل بمبدأ عالمية حقوق الإنسان وهو ما يعنى مبدأ المساواة بين كل الدول فى نظر المواثيق الدولية، والدليل على ذلك ظهر فى التباين بين بيانات المنظمة الخجولة مع الحكومة الفرنسية التى تصدت لتظاهرات السترات الصفراء وبين بياناتها الساخنة ضد الحكومة المصرية، كما كشفت أيضا عن قيام إدارتها بالتضييق على موظفيها حتى وصل ذلك ببعضهم إلى الانتحار، كما أبلغ الموظفين عن تعرضهم للتمييز على أساس العرق والجنس، فكيف يمكن لمنظمة تشهد إداراتها كل تلك الجرائم غير الأخلاقية أن تتحدث عن حماية حقوق الإنسان.