الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«الجوكر» إله الفوضى!

«الجوكر» إله الفوضى!






كل المؤشرات الاقتصادية تشير إلى ركود عالمى يقترب، حرب ‏تجارية بين أمريكا والصين وانكماش للاقتصاد الألمانى وأزمة خروج ‏بريطانيا من الاتحاد الأوروبى والصراعات الجيوسياسية التى تجتاح ‏العالم، ولا أحد يعلم متى ستتوقف فى ظل حالة ضعف شديدة تمر بها ‏الأمم المتحدة، وآخرها إعلان عجزها عن دفع رواتب 37 ألف ‏شخص يعملون فى أمانتها العامة بعد إعلان أنطونيو غوتيريش، الأمين ‏العام أن المنظمة الدولية تُعانى عجزًا قدره 230 مليون دولار وأنّ ‏احتياطاتها المالية قد تنفد بحلول نهاية أكتوبرالحالى مرجعا السبب فى ‏ذلك إلى عدم وفاء الدول الأعضاء بدفع مساهمتها المالية. ‏
إذن العالم يمر بمرحلة دقيقة، أزماته تتجاوز فكرة حل الأزمة ‏الاقتصادية العالمية، وواصلة إلى مرحلة اللابديل عن المحافظة على ‏الأمن والاستقرار كأولوية أولى لحماية الناس من شرور الفوضى ‏المصاحبة لتراجع قدره العالم على حل أزماته.‏
وسط ذلك الوضع الدولى الصعب يتم تصنيع رمز جديد مرتبط بقناع ‏من عالم القصص المصورة، وهو شخصية الجوكر الذى اشتهر ‏بأعمال الشر فى سلسلة باتمان الشهيرة، قناع جديد ستراه فى ‏تظاهرات وأعمال عنف مثلما حدث مع قناع شخصية فانديتا الذى ‏أصبح رمز الاحتجاج فى السنوات الأخيرة.‏
كلاهما الجوكر وفانديتا تعرض لأذى مجتمعى تحول إلى غضب موجه ‏إلى السلطة، وكلاهما ظهر تأثيره على المراهقين والشباب بدرجة ‏كبيرة، تأثير يشبة جلسات التنويم المغناطيسى، حتى أن تصرفاتهما ‏العنيفة والجنونية المستمدة من خيال المؤلف أصبحت الشغل الشاغل ‏للجميع على السوشيال ميديا، وتغزو  الكوميكسات المرتبطة بهم ‏تصنيفات الأكثر انتشارا وشيوعا حول العالم فيما يعرف بسيطرة ‏‏«التريند»، وينتهى ذلك بظهور من يحاول تقليدهما وهو ما يهدد ‏الأمن الاجتماعى فى الصميم.‏
حتى إن الولايات المتحدة أعلنت حالة التأهب القصوى مع بدء عرض ‏الفيلم خشية أن يتكرر ما حدث فى دار عرض سينمائى بمدينة أورورا ‏بولاية كولورادو عن عرض فيلم من سلسلة باتمان عام 2012 حينما ‏قام مسلح بالهجوم على دار عرض وقتل 12 شخص وجرح 70 ‏وكشفت التحقيقات أنه كان تحت تأثير شخصية الجوكر.‏
تقارير صحفية عديدة تحدثت عن تهديدات صدرت بالفعل دفعت بعض ‏دور العرض إلى الغاء عرض الفيلم الذى حقق نجاح قياسى بلغة ‏الأرقام خلال أيامه الأولى، خطورة الموقف دفعت الجيش الأمريكى إلى اصدار توجيه إلى أفراده، بوجود تهديدات بحدوث عمليات إطلاق ‏نار جماعى مع عرض الفيلم فى صالات السينما، حيث من المحتمل أن ‏يتم استهداف قاعات العرض، كما منعت دور العرض فى عدد من ‏المدن الأمريكية ارتداء الأقنعة، وطلاء الوجه، والملابس التنكرية عند ‏عرض الفيلم، رغم أنه تقليد معروف عند إصدار أى من أفلام الأبطال ‏الخارقين.‏
شرطة مدينة لوس أنجليس رفعت درجة تأهبها إلى الدرجة القصوى ‏خشية وقوع احداث عنف قد يقوم بها أفراد يتأثرون بما تنضح به ‏شخصية جوكر من شرور، وذكرت التقارير الصحفية أن عددا من ‏الحاضرين فى أحد دور العرض بالقرب من ميدان تايمز سكوير ‏بولاية نيويورك قد قاموا بالهرب أثناء عرض الفيلم بسبب المخاوف ‏من رجل قام بالبصق على الجمهور وكان يصفق كلما قتل الجوكر ‏شخصية ما خلال عرض الفيلم.‏
الشركة المنتجة وبطل العرض الممثل العبقرى خواكين فينكس أكدا ‏أن العمل لا يهدف إلى تمجيد شخصية الجوكر، لكن حركة التفاعل مع ‏الفيلم تتزايد حول العالم معلنة عن نوع جديد من الهلع الأمنى المرتبط ‏بتقليد شخصيات شريرة فى أفلام لها جماهيرية واسعة وتخاطب ‏المراهقين، وفى حالة دول العالم الثالث ومجتمعاتها الهشة تصبح تلك ‏الشخصيات مادة جاذبة للتظاهر العنيف تحت أقنعتها وصب الغضب ‏على الحكومات التى تتحول إلى متهم لا يريد أحد الاستماع إليه.‏
الفيلم يعرض بشكل طبيعى فى قاعات العرض المصرية والعربية ‏وسط تحذيرات متعددة لأطباء نفسيين من جرعه الدراما السوداوية ‏الموجودة فى مشاهد الفيلم والذى حاز على تحذيرات مرتفعة من ‏الرقابة لكثرة مشاهد العنف والدم فى الأحداث.‏
حالة القلق المصاحبة للفيلم حول العالم توجب التحذير من إثارة السلبية ‏على الشباب والمراهقين والمرضى النفسيين، كمصدر الهام للفوضى ‏العنيفة، والعمل على تحصين المجتمع سريعا حتى لا تتكرر مأساة ‏فانديتا، ونجد أنفسنا أمام فوضى جديدة تقودها أقنعة لا تعى معنى ‏الأمن والاستقرار، وتبحث عن انتقام لشخصية كرتونية بعد أن ‏قطعت الحد الفاصل بين الخيال والواقع، واسقطت كل أزماتها ‏الاجتماعية على الدولة وأجهزتها، وهو أمر بالغ الخطورة فى دولة ‏تتعرض لمخاطر متعددة أمنية واقتصادية ومائية تهدد حياة شعبها.  ‏