الخميس 1 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
سعيد اللاوندى نقطة مصرية مضيئة

سعيد اللاوندى نقطة مصرية مضيئة






حين قرر الشاعر الكبير سعد عبد الرحمن رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة الأسبق أن أتولى مسئولية رئاسة إقليم شرق الدلتا الثقافى، ذهبت إلى هناك وكلى أمل أن أفعل شيئا لهذا الإقليم القريب من مسقط رأسى فى مدينة المحلة الكبرى، فإقليم شرق يتكون أربع محافظات؛ الدقهلية وكفر الشيخ والشرقية ودمياط، وكلها محافظات تمس القلب بمبدعيها ومثقفيها وتاريخها الكبير فى الثقافة والحضارة المصرية القديمة والحديثة.
ومن هؤلاء المثقفين النبلاء الذين ينتمون لهذا الإقليم كان الدكتور سعيد اللاوندى الذى تولى عدة مهام وظيفية فى منتهى الأهمية والخطورة، منها مركز الأهرام للدراسات الاستراتجية، كما تولى مكتب الأهرام فى باريس لسنوات، ولد اللاوندى فى قرية المهندس التابعة لمركز شربين محافظة الدقهلية، وكان رحمه الله عليه واحدا ممن يتابعون ما يحدث فى محافظته ثقافيا وفنيا، كان مشغولا بكل ما يحدث فيها، لدرجة أنه يتابع قضايا قد يراها البعض بسيطة، لكنه يعطيها من الاهتمام ما تستحق حتى يرى الآخرون صدق رؤيته فى تلك القضية، وكان منها تبنى قضية الطفلة التى خاطبت رئيس الجمهورية قبل 25 يناير فى موضوع تعبير فى امتحان اللغة العربية فى محافظتها، فأعطاها المدرسون درجات قليلة حتى ترسب، لكن اللاوندى تبنى قضيتها حتى كلمها رئيس الجمهورية وقتها الرئيس حسنى مبارك، وقال لها أن تكتب ما تريد، ونججت الطالبة فى اللغة العربية بعد أن كانت راسبة، كان يهتم بالدقهلية بصفة عامة وبقريته المهندس التابعة لمركز شربين بصفة خاصة.
 غادر الدكتور سعيد اللاوندى قرية المهندس التى كان يعشق ترابها إلى القاهرة ليدرس الاقتصاد والعلوم السياسية، ثم سافر بعد ذلك إلى فرنسا، وهناك التحق بمدارس ليلية ليتقن الفرنسية، ثم التحق بجامعة السوربون ليحصل على درجتيّ الماجستير والدكتوراه.
قدم الدكتور سعيد اللاوندى للقارئ العربى والمصرى عدة أعمال مهمة؛ منها الموسوعة السياسية للشباب، وتقع تلك الموسوعة المهمة فى (18 جزءا)، ومن كتبه المهمة أيضا عبدالرحمن بدوى فيلسوف الوجودية الهارب إلى الإسلام، ثرثرة تحت برج إيفل، الشرق الأوسط الكبير مؤامرة أمريكية ضد العرب، عمائم وطرابيش مصريون عاشوا فى باريس، إشكالية ترجمة القرآن الكريم محاكمة جاك بيرك، حكايات قريتنا، تهافت المثقفين، وغيرها من الكتب المهمة.
من الأشياء المهمة التى جمعت بيننا أثناء تحملى مسئولية رئاسة إقليم شرق الدلتا الثقافى زيارته للإقليم فى المنصورة، كان يريد أن يفعل فرع ثقافة الدقهلية شيئا لقريته، كانت رغبته شديدة أن يفعل شيئا ثقافيا لخدمة قريته المهندس التابعة لشربين، كنت وقتها أحاول أن أطبق فكرة البقع الثقافية المنيرة فى قرى مصر، وكانت تعتمد تلك الفكرة على تبرع محبى الثقافة بمكان فى القرى يليق بعمل مكتبة ثقافية، أو تخصيص مركز الشباب فى القرية لبعض قاعات منه لعمل بيوت للثقافة أو مكتبات ثقافية، وفى حالة عدم وجود مركز شباب أو متبرع نستأجر بعض الشقق المناسبة لكى نقيم بها المكتبة الثقافية، والحمد لله أن تم تنفيذ الأفكار الثلاثة فى الدقهلية ودمياط دون أن تتكلف الهيئة شيئا إلا مبلغ زهيد لتأجير شقة كفور الغاب، كان الدكتور سعيد اللاوندوى صاحب التبرع بمكان جيد فى قرية المهندس لعمل مكتبة ثقافية محترمة فى قريته، وتم تجهيزها وإعدادها، وجاء الشاعر سعد عبدالرحمن رئيس الهيئة وقتها وقام بافتتاحها فى احتفالية أسعدت أبناء قرية المهندس، ثم تم البدء بعد ذلك فى استكمال البقع الثقافية المضيئة فى الإقليم، فافتتحنا مكتبة كفور الغاب وبيت ثقافة تفتيش السروفى دمياط.
وأخيرا كل الرحمة للرجل العاشق لقريته وللثقافة المصرية والمدافع عن ثقافته العربية ضد كل المتنطعين وكل المدعين، الرجل المؤمن أن الثقافة أساس التغيير لأى مجتمع يريد أن ينهض.