السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
١٠٠٠ وجـه للإرهـاب!

١٠٠٠ وجـه للإرهـاب!






لاحقت روسيا والصين الانتقادات الحقوقية وعلامات الاستهجان بسبب ‏رفضهما تشغيل موقع الفيسبوك، واختراعهما برامج خاصة بهما للتواصل ‏الاجتماعى عبر شبكة مغلقة داخل حدود الدولة، ورفضهما السماح ‏للمنظومة الدولية بالنفاذ إلى مواطنيهم، ومع انكشاف أوجه الفيسبوك ‏المخفية الداعمة للإرهاب والتطرف والفوضى فى الشرق الأوسط، ‏نكتشف أن قرار روسيا والصين ربما كان الأصوب .‏
السبت الماضى أعلنت المانيا عن انضمامها لأمريكا وبريطانيا واستراليا ‏فى حملة الانتقادات الموجهة إلى فيسبوك بسبب إعلانه التوسع فى تشفير ‏موقعه على الإنترنت، وحذرت من أن هذا الإجراء سيضعف قدرات ‏سلطات الأمن على اكتشاف المخاطر وتتبع الجرائم‎ ‎، واعربت عن ‏مخاوفها من تأثير ذلك الإجراء على السلم العام، وان فى ذلك إضعاف ‏لقدرة الأمن على اكتشاف المخاطر الكبيرة .‏
تحركت هذه الدول حينما اكتشفت أن الوحش الذى صنعته وتركته ينمو، ‏يفكر فى افتراسها، فالدول الأربع تعانى من تزايد حالات الكراهية ‏والتحريض على العنف باستخدام الفيسبوك، وترى فى ذلك تهديدا لأمنها ‏القومى، وهو حديث ذو شجون إذا فكرنا فى إحداث مقاربة بين تحرك ‏الدول الأربع لحماية امنها القومى وبين ما تتعرض له مصر طوال التسع ‏سنوات الأخيرة بسبب سيطرة الجماعات الارهابية والتنظيمات الراديكالية ‏المتطرفة ودعاة الفوضى على الفيسبوك ورفض الشركة للتعامل الايجابى ‏مع المخاوف المصرية والتذرع بأنها تحمى حسابات المشتركين بها فضلا ‏عن انها داعمة لحرية الرأى والتعبير  .‏
‏ كثيرا ما كانت المنظمات الحقوقية الدولية تلاحقنا باتهام معلب عن تعريفنا ‏للأمن القومى فى مصر وأنه ذو معان فضفاضة، إذا ما طرحنا حاجتنا ‏لحماية أمننا القومى من إرهاب الفيسبوك، رغم أنه لم يخرج أبدا عن ما ‏حدده هنرى كيسنجر مستشار الأمن القومى الأمريكى الأسبق بأنه «أية ‏تصرفات يسعى المجتمع – عن طريقها – إلى حفظ حقه فى البقاء»، أو ما ‏قاله روبرت ماكنمارا وزير الدفاع الأمريكى الأسبق ايضا عن  «أن الأمن ‏هو التنمية، وبدون تنمية لا يمكن أن يوجد أمن، والدول التى لا تنمو فى ‏الواقع، لا يمكن ببساطة أن تظل آمنة»، و مصر لا تبحث سوى عن ‏حماية الأمن والاستقرار والتنمية مثلها مثل أى دولة من دول العالم .‏
والحقيقة أن الدور التخريبى للفيسبوك ظهر فى مصر بالتزامن مع ‏تظاهرات يناير 2011، وسيطرة التنظيمات الفوضوية والجماعات ‏الإرهابية، كجزء من حروب الجيل الرابع أو الحرب الهجينية التى ‏أطلقتها تلك الجماعات لتفكيك الدولة، وكانت أداتهم هى تلفيق الصور ‏والفيديوهات، وتمريرها ‏ للناس عبر الفيسبوك، صور قتلى وجرحى لم ‏يسقطوا فى ميدان التحرير، تحولت صورهم إلى «الورد اللى فتح فى ‏جناين مصر» لشحن الناس ضد أجهزة الدولة، وأبلغ دليل على ذلك قصة ‏سالى زهران التى تردد أنها قتلت فى ميدان التحرير بينما هى انتحرت ‏فى مدينة سوهاج، ومع ذلك حولها الفيس بوك إلى أيقونة كاذبة كادت أن ‏تسقط دولة فى يد الإرهاب، نفس الأمر تكرر فى سوريا وتحديدا مع حملة  ‏‏«حلب تحترق» التى حاول الإخوان من خلالها اختبار قوتهم فى نشر ‏الصور المفبركة والأكاذيب والشائعات واستخدام سلاح  «ابتزاز المشاعر ‏الإنسانية» لحماية التنظيمات الإرهابية التابعه له فى حلب قبل تحريرها .‏
يلاحق الفيسبوك حاليا صور قتلى التنظيمات الإرهابية فى سيناء، ‏ويحذف صور ضحايا اردوغان فى سوريا، كما تعامل بشكل مريب مع ‏منشور باسم يوسف المسىء للإعلامى عمرو أديب ورفض حذفه رغم ‏البلاغات التى قدمت فيه، وجاء رده إن إهانة يوسف لأديب لا تتعارض ‏مع قيمه، هذا التعامل الانتقائى يربك حسابات أى دولة تحاول المحافظة ‏على أمنها وأى مجتمع له قيم وتقاليد راسخة مثل مصر .‏
ليس من حق أى شركة دولية التمترس وراء منظومة الحقوق والحريات ‏فى مواجهة الطلب على الأمن، احتياج المواطن للأمن مقدم على تلك ‏الذرائع، وهو ما تفعله أمريكا وأوروبا حاليا مع فيس بوك، فالإنسان ‏الميت لن يتمتع بحقوق يتاجر بها البعض للربح، و من حق الدولة ‏المصرية أن تحمى أمنها أيضا مثل الدول الكبرى، وأن تتخذ ما تراه ‏ضروريا من إجراءات للحفاظ على تماسكها ووحده شعبها، وان تقف ضد ‏ما تقوم به تلك الشركة وغيرها  من حماية للجماعات الارهابية  وحلفائها ‏من الفوضويين، وسماحها لهم بتحويل موقع التواصل الاجتماعى الى ‏ساحة حرب رقمية مفتوحة ضد الدولة واجهزتها، بما يعرض الامن ‏القومى للخطر وهو أمر غير مقبول من الدولة والمجتمع، وعلى الشعب ‏المصرى ان يحذر من التلاعب به من جانب تلك الشركة سواء على ‏مستوى أمن معلوماته الشخصية و ما تقوم به من مراقبة لتصرفاته اليومية ‏التى أصبحت مكشوفة لأجهزة تلك الشركة وهو ما يهدد حقه فى ‏الخصوصية،أما على مستوى الأمن الجماعى فهناك خطر قائم بعدما ‏اتضح استغلال تلك الجماعات لهذا الموقع بكثافة للتلاعب بالعقول عبر ‏الأكاذيب المنهجية التى تبث على صفحات الجماعة الإرهابية والمتحالفين ‏معها، وأن يتحرى المعلومة الصادقة دوماً ولا يستسلم للشائعات، فاليقظة ‏مطلوبة لأنها تحمى المجتمع وتحافظ على بقائه.     ‏