محمود بسيونى
١٠٠٠ وجـه للإرهـاب!
لاحقت روسيا والصين الانتقادات الحقوقية وعلامات الاستهجان بسبب رفضهما تشغيل موقع الفيسبوك، واختراعهما برامج خاصة بهما للتواصل الاجتماعى عبر شبكة مغلقة داخل حدود الدولة، ورفضهما السماح للمنظومة الدولية بالنفاذ إلى مواطنيهم، ومع انكشاف أوجه الفيسبوك المخفية الداعمة للإرهاب والتطرف والفوضى فى الشرق الأوسط، نكتشف أن قرار روسيا والصين ربما كان الأصوب .
السبت الماضى أعلنت المانيا عن انضمامها لأمريكا وبريطانيا واستراليا فى حملة الانتقادات الموجهة إلى فيسبوك بسبب إعلانه التوسع فى تشفير موقعه على الإنترنت، وحذرت من أن هذا الإجراء سيضعف قدرات سلطات الأمن على اكتشاف المخاطر وتتبع الجرائم ، واعربت عن مخاوفها من تأثير ذلك الإجراء على السلم العام، وان فى ذلك إضعاف لقدرة الأمن على اكتشاف المخاطر الكبيرة .
تحركت هذه الدول حينما اكتشفت أن الوحش الذى صنعته وتركته ينمو، يفكر فى افتراسها، فالدول الأربع تعانى من تزايد حالات الكراهية والتحريض على العنف باستخدام الفيسبوك، وترى فى ذلك تهديدا لأمنها القومى، وهو حديث ذو شجون إذا فكرنا فى إحداث مقاربة بين تحرك الدول الأربع لحماية امنها القومى وبين ما تتعرض له مصر طوال التسع سنوات الأخيرة بسبب سيطرة الجماعات الارهابية والتنظيمات الراديكالية المتطرفة ودعاة الفوضى على الفيسبوك ورفض الشركة للتعامل الايجابى مع المخاوف المصرية والتذرع بأنها تحمى حسابات المشتركين بها فضلا عن انها داعمة لحرية الرأى والتعبير .
كثيرا ما كانت المنظمات الحقوقية الدولية تلاحقنا باتهام معلب عن تعريفنا للأمن القومى فى مصر وأنه ذو معان فضفاضة، إذا ما طرحنا حاجتنا لحماية أمننا القومى من إرهاب الفيسبوك، رغم أنه لم يخرج أبدا عن ما حدده هنرى كيسنجر مستشار الأمن القومى الأمريكى الأسبق بأنه «أية تصرفات يسعى المجتمع – عن طريقها – إلى حفظ حقه فى البقاء»، أو ما قاله روبرت ماكنمارا وزير الدفاع الأمريكى الأسبق ايضا عن «أن الأمن هو التنمية، وبدون تنمية لا يمكن أن يوجد أمن، والدول التى لا تنمو فى الواقع، لا يمكن ببساطة أن تظل آمنة»، و مصر لا تبحث سوى عن حماية الأمن والاستقرار والتنمية مثلها مثل أى دولة من دول العالم .
والحقيقة أن الدور التخريبى للفيسبوك ظهر فى مصر بالتزامن مع تظاهرات يناير 2011، وسيطرة التنظيمات الفوضوية والجماعات الإرهابية، كجزء من حروب الجيل الرابع أو الحرب الهجينية التى أطلقتها تلك الجماعات لتفكيك الدولة، وكانت أداتهم هى تلفيق الصور والفيديوهات، وتمريرها للناس عبر الفيسبوك، صور قتلى وجرحى لم يسقطوا فى ميدان التحرير، تحولت صورهم إلى «الورد اللى فتح فى جناين مصر» لشحن الناس ضد أجهزة الدولة، وأبلغ دليل على ذلك قصة سالى زهران التى تردد أنها قتلت فى ميدان التحرير بينما هى انتحرت فى مدينة سوهاج، ومع ذلك حولها الفيس بوك إلى أيقونة كاذبة كادت أن تسقط دولة فى يد الإرهاب، نفس الأمر تكرر فى سوريا وتحديدا مع حملة «حلب تحترق» التى حاول الإخوان من خلالها اختبار قوتهم فى نشر الصور المفبركة والأكاذيب والشائعات واستخدام سلاح «ابتزاز المشاعر الإنسانية» لحماية التنظيمات الإرهابية التابعه له فى حلب قبل تحريرها .
يلاحق الفيسبوك حاليا صور قتلى التنظيمات الإرهابية فى سيناء، ويحذف صور ضحايا اردوغان فى سوريا، كما تعامل بشكل مريب مع منشور باسم يوسف المسىء للإعلامى عمرو أديب ورفض حذفه رغم البلاغات التى قدمت فيه، وجاء رده إن إهانة يوسف لأديب لا تتعارض مع قيمه، هذا التعامل الانتقائى يربك حسابات أى دولة تحاول المحافظة على أمنها وأى مجتمع له قيم وتقاليد راسخة مثل مصر .
ليس من حق أى شركة دولية التمترس وراء منظومة الحقوق والحريات فى مواجهة الطلب على الأمن، احتياج المواطن للأمن مقدم على تلك الذرائع، وهو ما تفعله أمريكا وأوروبا حاليا مع فيس بوك، فالإنسان الميت لن يتمتع بحقوق يتاجر بها البعض للربح، و من حق الدولة المصرية أن تحمى أمنها أيضا مثل الدول الكبرى، وأن تتخذ ما تراه ضروريا من إجراءات للحفاظ على تماسكها ووحده شعبها، وان تقف ضد ما تقوم به تلك الشركة وغيرها من حماية للجماعات الارهابية وحلفائها من الفوضويين، وسماحها لهم بتحويل موقع التواصل الاجتماعى الى ساحة حرب رقمية مفتوحة ضد الدولة واجهزتها، بما يعرض الامن القومى للخطر وهو أمر غير مقبول من الدولة والمجتمع، وعلى الشعب المصرى ان يحذر من التلاعب به من جانب تلك الشركة سواء على مستوى أمن معلوماته الشخصية و ما تقوم به من مراقبة لتصرفاته اليومية التى أصبحت مكشوفة لأجهزة تلك الشركة وهو ما يهدد حقه فى الخصوصية،أما على مستوى الأمن الجماعى فهناك خطر قائم بعدما اتضح استغلال تلك الجماعات لهذا الموقع بكثافة للتلاعب بالعقول عبر الأكاذيب المنهجية التى تبث على صفحات الجماعة الإرهابية والمتحالفين معها، وأن يتحرى المعلومة الصادقة دوماً ولا يستسلم للشائعات، فاليقظة مطلوبة لأنها تحمى المجتمع وتحافظ على بقائه.