الجمعة 26 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الرئيس يقود الوعى الشعبى للقانون

الرئيس يقود الوعى الشعبى للقانون






فى لقائه مؤخرًا برؤساء المحاكم الدستورية والعليا المشاركين فى الاحتفالية الدولية للعيد الذهبى للقضاء الدستورى المصرى ، أكد فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح  السيسى ، أهمية الوعى الشعبى لتعزيز دور القانون والمؤسسات القضائية بغرض تمكين الدول من التصدى بفعالية للتحديات التى تهدد كيانها، وأخطرها الإرهاب والفكر المتطرف، فضلاً عن صون أمنها واستقرارها، وهو الأمر الذى يستوجب من المؤسسات القضائية أن تسهم فى الاضطلاع بتلك المهمة من واقع مسئوليتها، جنباً إلى جنب مع سائر مؤسسات الدولة.
كما أشار الرئيس، إلى حرصه على تعزيز علاقات التعاون القضائى المشترك، فضلاً عن أهمية الدور المحورى الذى تقوم به المحاكم الدستورية العليا فى تفعيل الحماية القضائية للمواطنين، وذلك فى إطار سيادة الشرعية الدستورية، وبما يحقق التوازن بين حقوق وحريات المواطنين من ناحية، ومباشرة السلطات العامة لوظائفها من ناحية أخرى.
وفى الواقع فإن الرئيس بهذه الكلمات الصادحة بالحق والعدل تعد تجسيدًا لتعبير»دولة القانون» وهى التى تقيم التوازن بين ضرورات السلطة وضمانات الحقوق والحريات العامة، لأن تغليب ضرورات السلطة يؤدى إلى الاستبداد، وتغليب ضمانات الحقوق والحريات العامة يؤدى إلى الفوضى،وهذا – بقراءة موضوعية - ناجم عن موروث تاريخى أفرزته الحضارات المتعاقبة ، فالعصور القديمة ركزت وأكدت إنسانياً على الشخصية الإنسانية الحرة المسئولة، واقتصادياً على الملكية الفردية، واجتماعياً على العدالة ، وقد جاءت الحضارة اليونانية اللاتينية على تنظيم ذلك فى إطار الدولة أو السلطة السياسية،  ومن ثم أدخلت المسيحية على هذه الأفكار دقة ولهجة جديدة ، وأكملت فكرة العدالة بفكرة الإحسان ،  ونمّت الفكرة الفردية كأحد جذور الحرية بقوة فى ظل القرون الوسطى. وبدأ هذا الموروث التاريخى «يتمأسس» منذ عصر النهضة حيث نشأت الفردية الحديثة التى تشكل تراثاً إنسانياً للمجتمعات الغربية. فالإنسان أو الفرد هو خيّر بطبيعته، حتى نحصل على نظام اجتماعى كامل.
ومن البدهيات أن مفهوم دولة القانون ومضمونه هو من المفاهيم ذات الدلالات المختلفة باختلاف بعدى الزمان والمكان: السياق التاريخى والثقافى للأمم أو المجتمعات ولذلك نرى مثلاً أن المصطلحات Rule of law فى إنجلترا، وL>Etat de droit فى فرنسا. وRechtsstaat فى ألمانيا المعبرة عن مفهوم دولة القانون تنطوى على صيغ مختلفة ترتبط بالتكوين التاريخى والثقافى لشعوب هذه الدول إلا أنها تشترك فيما بينها فى تحديد المفهوم العام لدولة القانون .. أى أن دولة القانون هى الدولة التى تخضع بدايةً لنظام قانونى ذاتى يمتد من الدستور إلى أبسط القواعد القانونية قيمةً (المذهب الوضعى)، وفقاً لمبدأ تدرج القواعد القانونية ، وهذه القواعد الأخيرة منبثقة من طبيعة «دولة القانون» (مدرسة القانون الطبيعى) ويتوجب على كافة السلطات أن تتقيد بها.
فالسلطة التنفيذية، يجب أن تتفق أعمالها وتصرفاتها، كسلطة إدارية ، ليس مع أحكام الدستور فقط، بل مع أحكام القواعد القانونية الأخرى النافذة من قوانين عادية ولوائح تنظيمية استناداً لمبدأ المشروعية.. والقضاء هو الضامن والكفيل لتأمين احترام السلطة التنفيذية (الإدارة) لهذه الأحكام من خلال دعوى الإلغاء ، ودعوى التعويض عن أعمالها المادية وتصرفاتها القانونية (سواء اللوائح التنظيمية أم القرارات الفردية).
وكذلك فإن أعمال السلطة التشريعية يجب أن تدور فى حدود أحكام الدستور، خاصةً فى إصدارها للتشريعات. فلا تملك السلطة التشريعية أن تخالف أحكام الدستور، فى نصها وفى روحها، من خلال القوانين الصادرة عنها. فأحكام القوانين يجب أن تكون متفقة مع أحكام الدستور، وذلك تحت طائلة بطلانها. وضمان أن تكون أحكام القوانين متفقة مع أحكام الدستور يتم عن طريق الرقابة على دستورية القوانين ، سواء بطريق الدعوى المباشرة أم بطريق الدفع الفرعى بعدم الدستورية.
واستقلال القضاء الذى يعتبر أمراً لابد منه لقيام دولة القانون يتضمن كيفية اختيار القضاة، والحصانة خاصةً عدم القابلية للعزل، والنظام المالى والإدارى الخاص بالترقية والنقل والتأديب، وقواعد الحياد فى مواجهة الخصوم، وكذلك عدم تحصين أى عمل من أعمال سلطة الدولة من رقابة القضاء، وعدم تدخل كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية فى عمل القضاء، وضمان احترام حجية الأحكام وتنفيذها.
ونهنئ بهذه المناسبة محكمتنا الدستورية العليا بعيدها الذهبى رائدة للشرعية الدستورية ، والتى أعرب  المشاركون فى اللقاء مع فخامة الرئيس ،عن تطلعهم للاستفادة من التجربة المصرية التى تعد نموذجاً لاحترام دولة القانون واستقلالية القضاء.
وبالقانون تحيا مصر