
صبحى شبانة
المغالطات فى مفاهيم الأمن القومى العربى
يعانى الامن القومى العربى فى العقد الاخير من ازمة مفاهيم تغذيها مجموعة من العناصر والمقومات الطارئة غير الصلبة التى أحدثت إختلالا بنيوبا واجتماعيا دفعت بالبعض إلى المقدمة فى ظل إنكفاء القوى الحية القادرة التى تعانى اعتلالا طارئا فرض عليها تراجعا مرحليا لإعادة تصحيح وتحصين اقتصادها ومجتمعها، ومن ثم العودة مجددا إلى قمرة قيادة المنطقة وجبر الإنكسارات العربية.
تمر المنطقة العربية خصوصا، ومنطقة الشرق الأوسط عموما بتحولات حدية منذ الغزو الامريكى للعراق ومن ثم تسليمه لايران، تلك التحديات أطاحت بأنظمة وهدمت دول، ولا تزال أثار تلك التحولات تقذف بأثقالها على الراهن والمستقبل العربى الذى لم يفق بعد فى معظمه من زلزال الخريف العربي، مصر التى فى القلب منه خرجت بفعل ما حققه الرئيس عبد الفتاح السيسى للتو من مرحلة النقاهة تحاول جاهدة فى لملمة العالم العربى وتفعيل الأمن القومى العربى بمفهومه الحقيقي، وثوابته الراسخة، بعد أن شوهها من يتطلعون الى النجومية فى فضاءات عربية غاب عنها الفكر الجاد والاعلام الرصين.
رغم التحديات العاصفة التى يواجهها الأمن القومى العربى فى الفترة الاخيرة ، وبرغم التشوهات فى مفاهيم القلة من المتثقفين ممن يتصدرون المشهد على الساحة داخل الدوائر الضيقة فى عواصم بلدانهم، التى بالكاد قد، (أكرر قد) يعرفهم أو يسمع عنهم نفر قليل خارجها، فإن ثوابت الامن القومى العربى تظل ثابتة راسخة لدى الدول العربية الكبرى الفاعلة (مصر والسعودية حاليا) التى لاتلفت الى مثل هذه المغالطات، ولا تعيرها اهتماما فهى التى تضطلع بالفعل رغم ازماتها الداخلية وتحدياتها الخارجية بالقيام بمسئولياتها التاريخية للحفاظ على هذا الامن القومى العربى الذى يعانى من مغالطات كثيرة فى هذا الزمن الذى يتصدره البعض ممن ليست لديهم القدرة على الفهم الحقيقى لمتطلبات الامن القومى العربى ودوائره الضيقة والواسعة.
من سوء حظ الراهن العربى فى ظل الفراغ السياسى والازمات التى تخيم على عدد من الدول والشعوب العربية ان يتصدر المشهد قلة مصنوعة بفعل عوامل عدة ليس منها التعليم والتثقيف الجاد، ظنوا أنهم بمجرد ان قرأوا قشورا سطحية لا تعدو أكثر من بضعة سطور فى الاستراتيجيات، أو اتيحت لهم التحدث فى بضع ندوات أنهم اضحوا مفكرين استراتيجيين، حينما يتحدثون من أول دقيقة يتضح للمتلقى الواعى فضلا عن المتخصص أن مفهوم الامن القومى العربى لديهم ملتبس، وان إستخدام المفردات والمصطلحات ليست فى محلها، أخطاء أبجدية لا تليق حتى بمدع يقف متغطرسا أمام حشد من السياسيين والاعلاميين والمتخصصين والمهتمين، مشكلتنا فى العالم العربى ان الساحة الثقافية بمفهومها العريض تعانى من الخلل والفراغ الذى يملؤه قلة ممن يفرضون انفسهم بسلطان قوة المال و حنجرة الصوت العالي.
فى يقينى أن هؤلاء يشكلون خطورة على مستقبل الأمة العربية وعلى الامن القومى العربى لاتقل فى خطورتها عن التحديات التى يشكلها مثلث الارهاب وتركيا والعمالة القطرية،،، من الخطورة ان نتيح لهؤلاء الادعياء مساحات وفضاءات فى ظل التطورات والمخططات التى يروج لها من وقت الى آخر منذ انتفاضات الخريف العربي، فالشأن العربى العام فضلا عن الأمن القومى العربى اعمق من أن يخوض فيه هؤلاء الذين هم معول هدم وأداة فرقة فى أياد لا تريد خيرا للأمة العربية.