محمود بسيونى
رسالة أنفاق بورسعيد.. وخيابة مؤتمر لندن
يستدعى ديسمبر نسائم الانتصار، عبق معركة بورسعيد الخالدة، ميراث الأجداد الذين تحدوا الإمبراطورية البريطانية المنتصرة فى الحرب العالمية الثانية، وقتها التفت مصر كلها خلف الزعيم جمال عبدالناصر مؤيدة لقرار تأميم قناة السويس، لتتحرر مصر تماماً من كل مظاهر التبعية الأجنبية.
انتصرت إرادة المصريين على الاحتلال البريطانى مرتين فى القرن الماضى، مرة بجلاء آخر جندى بريطانى فى 18 يونيو 1954، ثم كان طردهم الثانى بعد فشل العدوان الثلاثى فى 23 ديسمبر 1956، وقتها نشر رسام روسى كاركاتير لقطع أبوالهول لذيل الأسد البريطانى، وخرج كثير من المحللين السياسيين يتحدثون عن أن مصر كتبت نهاية الإمبراطورية البريطانية التى لا تغيب عنها الشمس لصالح الولايات المتحدة، واعتبرت بريطانيا معركة السويس هزيمة قاسية، ولم تنس منذ ذلك التاريخ أن مصر انهت الإمبراطورية إلى الأبد.
طاردت بريطانيا عبر أجهزتها الاستخباراتية والإعلامية الرئيس عبدالناصر حياً وميتاً، القت عليه كل أنواع الاتهامات، شوهت كل مشروعاته وطعنت فى ذمته المالية، استخدمت كل الأساليب القذرة لتشويه زعيم كل جريمته أن استعاد لمصر استقلالها الكامل، اعتبرت ذلك جريمة بحق التاج البريطانى.
تمر السنون ويذهب الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى بورسعيد ليقوم بافتتاح أنفاق بورسعيد إحدى معجزات هندسة الأنفاق التى تمت بخبرة مصرية لتتصل مرة أخرى الأرض ويمتد شريان البناء والتعمير من إفريقيا إلى آسيا لأول مرة منذ حفر قناة السويس، لتقدم مصر للعالم شبكة مواصلات حديثة تربط بين القارات لتحقق مزيدًا من التلاقى الحضارى والإنسانى الواقعى، تحمل فى عبورها المتجدد إلى الضفة الشرقية من القناة وثيقة التزام بدوام السلام والبناء والعمران، وتأكيد حق الإنسان فى التخلص من ظلام الإرهاب والتطرف.
أطلقت بورسعيد نداء الحرية مرة أخرى، فيما كان صوت الخيانة يتردد فى لندن، بريطانيا تفتح ذراعيها مرة أخرى لمن يريد العبث بمصر، هى تعلم أن التاريخ لا يستعاد، لكن القلق ودعم الإرهاب صناعة تحترفها بريطانيا منذ مشاركتها فى تأسيس جماعة الإخوان الإرهابية، لندن ستان هى مأوى التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية، التطرف الدينى رهان بريطانى قديم فى مواجهة أنظمة الحكم الوطنية، نراه فى الاقتراب القطرى البريطانى وأولويته فى دعم تلك التيارات على أمل أن تحكم يوماً ما، ويصبح الخائن هو الحاكم، وتعود الإمبراطورية بعملية تجميل تناسب القرن الجديد وتخفى تحتها دمامة القرون الماضية.
قطر هى رأس الحربة، بريطانيا تقدم الدعم بالاستضافة والإقامة، لا مانع من بث قنوات وطباعة صحف وتنظيم مؤتمرات وتأسيس منظمات هدفها إسقاط الدولة المصرية عبر أراضيها ثم تختبئ تحت شعار حرية الصحافة، تستثمر بيد وتدعم الإرهاب بيد أخرى، تلونه بألوان الديمقراطية المصنعة أو المعلبة على مقاس مشروعها، تنظر إلى إرادة المصريين باستخفاف ،تجاهلت ثورة 30 يونيو بنفس طريقة تجاهلها لثورة 1919 بل وتآمرت على وحدة نسيجنا الوطنى بعدما شاهدت المسلم والمسيحى يداً واحدة .
القادم من بريطانيا خطر ليس وليد المصادفة، ومخططات الخراب لن تتوقف طالما هناك من ينفق ببذخ، ومن يدعم بلا سقف.