
كمال عامر
اللعب بالشارع
■ محطات التليفزيون تنقل لنا الأحداث العالمية.. تبث لنا المظاهرات الشعبية والتى قد يصل المشاركون فيها إلى الملايين..
وقد عدت بالذاكرة وجدت الحرب على العراق وقد لاقت رفضًا شعبيًا واسعًا فى دول التحالف المشارك فى ضرب العراق.
اذكر أن طوابير المشاركين فى مظاهرات الرفض امتدت إلى عشرات الكيلو مترات حدث ذلك فى فرنسا، ألمانيا، أمريكا. حتى فى انجلترا. وقتها كنت أعتقد أن حكومات تلك الدول قد تلغى قرار المشاركة فى الحرب وهذا لم يحدث.. فى إحدى زياراتى إلى ألمانيا.. وأثناء نقاش مع مجموعة مهتمة بالحركة الشبابية فى العالم فى أحد المطاعم فوجئت بمظاهرة حاشدة خرجت مسرعًا لأتابع المظاهرة شارك فيها أكثر من 100 ألف ألمانى ولاحظت فى آخر المظاهرة سيارات شرطة ورجال شرطة يتابعون المشهد وقد قمت بالتقاط عدد من الصور لى مع المظاهرة.. وقد كانت تتزامن مع اجتماع الثمانية الكبار والمظاهرة ضد مصاريف الحماية التى تنفقها الحكومة الألمانية للقادة المجتمعين..
خط سير المظاهرة محدد وقيادات المظاهرة حصلوا على تصريح لها وقد علمت من خلال الحوار مع المجموعة الألمانية أن المسئولين اختاروا الشارع وحددوا خط سير المظاهرة ونهايتها بدقة بما لا يؤدى إلى توقف المرور أو مضايقة المواطن.. واستمعت لدور الشرطة وهو الحماية والردع لمن يحاول الخروج عن روح المظاهرة..
حتى أصحاب المحلات فقد خرجوا وتبادلوا التحية مع المتظاهرين دون حدوث لا قذف طوبة ولا تحطيم واجهة لمحل!
سيارات الاسعاف كانت فى بداية المظاهرة وفى نهايتها.. وقد تعلمت على الطبيعة الدرس الأول..
■ الذين شاهدوا وتابعوا الرفض الشعبى فى أوروبا وأمريكا لضرب العراق تصوروا أن قيادات تلك الدول بالطبع ستعيد النظر فى سياستها تجاه العراق وتمتنع عن الاستمرار فى العدوان!
■ مشهد ثالث عدت إليه فى ذاكرتى وهو فى بدء الانتفاضة الفلسطينية الأولى والاعتداءات الإسرائيلية على المواطنين والضحايا وصورة لصغيرة تقتل ولجندى إسرائيلى يعتدى بالضرب على مواطنة فلسطينية!
وقتها تابعت من خلال التليفزيون والفضائيات ثورة الشارع الغربى والمظاهرات أمام سفارات إسرائيل وأمام البيت الأبيض الأمريكى.
■ مشهد أيضًا مظاهرات فى انجلترا ضد الأضرار البيئية والقرارات الاقتصادية ومصاريف الدراسة.. وهى بدأت سلمية وعندما خرجت عن الخط تم التعامل معها بعنف بمشاركة الجيش والبوليس.
■ من تلك المشاهد يمكن وبسهولة رصد تفهم الحكومات الغربية للتظاهر كحق مشروع.
والمظاهرات حتى لو شارك فيها الملايين هى أداة تعبير عن المواطن..
وليس شرطًا أن ترضخ الحكومة لها.
بل وعادة لا تؤثر بأى درجة فى قرار الحكومة وحرب العراق مثال!
أيضًا أن وجود الملايين بالشارع لا يزعج الحكومة.. ولا يوقف الحياة ولا يهدد أى جهة.. بل هو تعبير جماهيرى نظيف.. ولو خرج عن هذا الشعار فالأمر يختلف.
فى مصر لم نعرف مظاهرات الشارع إلا فى 25 يناير.. وبالطبع هى مظاهرات عشوائية.. اختلط فيها الهدف بالمصالح.. وقد الحقت الضرر ببعض القطاعات وعطلت العمل والمرور وغيرها.
النزول للشارع فى مصر أخشى أن يتحول لبيزنس وسلعة.. لذا يجب أن نضع له شروطًا ليظل موقفًا ديمقراطيًا.. وهو أمر لم يعد مزعجًا كما كان فى بدايته.. على الحكومة والبرلمان وضع الشروط اللازمة لاستمرار سلامة هذا النوع من الرفض تضمن للمواطن حقوقه.. وللمتظاهر سلامته..
الناس لم تعد تنزعج من التهديد بالمليونيات وهذا أمر طبيعى وديمقراطى وهو ما يلحق الضرر ببهلوانات السياسة الجدد وغيرهم.