
كمال عامر
الجزيرة.. المهنية والتحيز
▪ من حق قناة الجزيرة أن تسعى للانفراد والتميز.. وتحقيق مكاسب طبقا لرؤيتها.. لعبت الجزيرة دورًا واضحًا فى أحداث يناير 2011.. وهو دور معروف.. ولأنه كان فى جانب البعض فقد لاقى استحسانا.
بمرور الوقت وجد المصريون قناة الجزيرة تطالب بنصيب من التورتة.. وبالتالى تحول دورها من قناة ناقلة للأحداث.. إلى موجهة للأحداث.
منحت قناة الجزيرة الإخوان كل الفرص ليصل صوتهم للعالم ثم إلى المصريين.
بمرور الوقت وجد المعارضون للإخوان فى قناة الجزيرة ليس محطة إعلامية تسعى للسبق الصحفى والإعلامى.. بل فى موقع المستشار للإخوان.
فقدت الجزيرة حيادها.. انحازت للإخوان وهى هنا أصبحت طرفا فى الصراع الموجود فى الشارع المصري.. ونالت على أثر ذلك بعض الاتهامات والمضايقات ومنحت الفرصة للمعارضين لحكم الإخوان فى البحث عن هدف الجزيرة ومالكها ووصل الاشتباك إلى دولة قطر.
وهو الموقف الذى قد يحدث لو أن قناة العربية قد وقعت فى نفس موقف الجزيرة.
وخلال فترة التحضير لثورة 30 يونيو اتخذت قناة الجزيرة موقفا معارضا لكل الأصوات المعارضة للإخوان.. لعبت دورًا واضحًا سواء مباشرًا بإلقاء الضوء على رأى الإخوان ووجهة نظرهم والمؤيدين لهم أو غير مباشر بالسعى لمخاطبة الرأى العام الخارجي.
وخلال يونيو وبعدها.. زاد انحياز الجزيرة للإخوان دون غيرهم.. وهو سلوك غير مهنى فيما لو لاحظنا طريقة الاسئلة ونوعيتها وأسلوب الحوارات كلها تصب لصالح الإخوان وتشوه غيرهم حتى لو كان الضيف معارضا للإخوان.
إذا قناة الجزيرة من خلال سلوكها الإعلامى اختارت الوقوف بجانب الإخوان وتبنى وتسويق وجهة نظرهم وتغطية كل ما يقولونه أو يفعلونه.. فى نفس الوقت وفى مواقف تمثيلية حاولت أن تمنح المعارضين للإخوان فرصة، والمحصلة أن الجزيرة لم تكتفى بموقفها غير المحايد بل بدأت فى الانخراط لدرجة التوريط فيما يحدث من جانب الإخوان.. وها هى تلعب دورًا فى تسويق ما يحدث لهم.
إذا يمكن أن نقول إن قناة الجزيرة هى المتحدث باسم الإخوان حاليًا.. وفى المقابل تدفع فاتورة ذلك.
قناة الجزيرة شأنها والإخوان لم تعترف بثورة 30 يونيو.. وتتفنن فى اغضاب الشعب المصرى وتشويه فرحته بالثورة الثانية.
وهى هنا تتعامل مع الموقف وكأن يونيو ليس هزيمة للإخوان.. بل هزيمة لقناة الجزيرة وقيادتها وأصحابها.
أنا متفهم تمامًا أن تكون مشاركا ومتحيزًا لمشروع ثم تجد نفسك مهزومًا.. وسلوك الجزيرة هو تأييد لهذا المشهد وهى تدفع ثمنا لهذا.
قناة الجزيرة تدفع ثمنا لمواقفها المنحازة للإخوان.. وليس للمصريين كان من الممكن أن تكون قناة إعلامية وهى تضم مجموعة محترفة ومحترمة من العاملين.. لكن اعتقد أن هناك توجيهًا ما وهو ما يؤثر على المهنية!!
وبدون شك قناة الجزيرة أصبحت إحدى الصور الغاضبة من المصريين خاصة الرافضين للإخوان، وإذا كانت مصر الرسمية الآن والمؤيدين لثورة 30 يونيو يشعرون بالغضب من سلوك قناة الجزيرة.. فالأمر هنا يجب أن يتوقف على إدارة القناة وأصحابها وإعادة النظر فى الموقف بشكل عام، على الجزيرة أن تعود إلى سابق عهدها.. تنحاز للخبر والعمل المهنى والانفرادات.. أو تعلن رسميًا أنها إحدى الجهات المخابراتية كصورة لمجموعة لها أجندة.. هى وحدها التى يمكن أن تنظف هذا السجل أو تصحح هذا التشويه.. أو تعلن رسميًا أنها صوت الإخوان المسلمين أو تضيف إلى اسمها كلمة لتصبح الجزيرة الإسلامية.
قواعد اللعبة السياسية معروفة والقائمون على الجزيرة يدركون هذا جيدًا.. عليهم أن ينحازوا للشعب وليس للإخوان.. قيادات قطر دفعت ثمنا لمواقف الجزيرة.