
محمد عبد النور
٢٦ يوليو (٢)
قلت إننا سنتوقف كثيرا أمام يوم ٢٦ يوليو الماضى الذى شهد خروجا عظيما من عشرات الملايين من المصريين إلى الميادين والشوارع الرئيسية تلبية لرجاء الفريق أول السيسى، فما كاد اليوم ينتهى إلا وقد أصبح هناك ظهير شعبى مهول يقدر (٣٠ - ٣٣ مليون مصرى ) يقف خلف وزير الدفاع على أهبة الاستعداد لمساندته فى اى شأن يقرره وأى امر يذهب اليه، وهو ما نزل كالصاعقة على جميع التيارات والقوى السياسية ورموزها وشخوصها ومندوبيها، التى تململ البعض منها من دعوة وزير الدفاع للمصريين بالنزول يوم ٢٦ يوليو.
فكل فرسان المشهد السياسى واحصنة سباق الرئاسة وجدت نفسها فجأة امام رقم صعب من المستحيل منافسته ومن السذاجة سياسية مجاراته، فإذا تم القياس على الانتخابات الرئاسية السابقة باعتبارها المؤشر الكاشف للشعبية الجماهيرية فسنجد أن أقصى طموح التنافس فى الحصول على اصوات الصندوق لم تتجاوز ١٣ مليون صوت (مرسى) كمرشح فائز بالمنصب الرئاسى، اى يقل عن نصف من خرجوا إلى الميادين والشوارع من عشرات الملايين من المصريين يوم ٢٦ يوليو.
وإذا تم القياس على مفردات خطاب فرسان الحياة السياسية على مدى عامين مضوا وخريطة تحركاتهم بين الحسابات الضيقة والواسعة والمتغيرة، والتحالفات والمناورات والصفقات والمواءمات والخلافات، سنتأكد ان النظرة الشعبية لهم قد تغيرت كثيرا وربما تبدلت ايضا، ففى العمل السياسى لا الأبيض أبيض تماما ولا الأسود اسود خالصا، وبين البينين تتحرك مفاهيم الصدق والأمانة صعودا وهبوطا وثباتا، بينما الخطاب السياسى للفريق أول السيسى واضح وثابت ومحدد فيه الأبيض ابيض والأسود أسود، وهو ما أدركه المصريون وأحسوه من الوهلة الأولى وتفاعلوا معه بكل عبقرية الذكاء الفطرى وترجموه إلى ظهير شعبى مهول جاهز ومستعد طول الوقت.
ومن ثم نستطيع ان نفهم هذه الحالة من الاستكانة والرضاء بالمكتوب والاستسلام لواقعية الأمور التى اصابت فرسان السباق الرئاسى السابق وأحزابهم وتكتلاتهم والتى لم تكتف فقط بالإعلان عن قرارها بعدم الترشح فى السباق الرئاسى القادم ان ترشح الفريق اول السيسى، وانما أكدت على دعمها الكامل للفريق أول السيسى إن قرر الترشح للمنصب الرئاسى.
لا لأنها تحب أو تتمنى ترشح السيسى كضرورة وطنية وانما لإدراكها انها خاسرة للمعركة الانتخابية قبل أن تبدأ، فليس منها من يستطيع كسب الانصار بهذا الشكل وهذا الحجم، وليس فيهم من هو قادر على حصد حب الناس وايمانهم به بهذا الشكل وهذا الحجم وهذا الاتساع الذى يتمتع به الفريق أول السيسى، ومرة آخرى كل التقديرات والحسابات قد تغيرت يوم ٢٦ يوليو وخرجت من دائرة المشهد السياسى المغلقة إلى افق جديد بميلاد بطل شعبى ووجود ظهير جماهيرى مهول واسع واضح الإرادة وواسع التأثير أضاف شحوبا على الشحوب السياسى وعمقا من الجفاف الجماهيرى للشخوص والتيارات والائتلافات السياسية.