
كمال عامر
العيد وحماية «نسر»
■ العيد جائزة للصائمين.. وهم الأكثر فرحة.. لكن الصيام ليس الامتناع عن الأكل والشرب.. لكن بمفهومي هو بجانب ذلك الذين عملوا صالحاً وتعاملوا مع كل الموضوعات «زي ما بنقول» بنظافة.. نظافة اللسان والقلب واليد وغيرهم.. كلنا نعلم أن في مصر انفلاتاً.. أخلاقياً قبل أن يكون أمنياً.
والغريب أن المنفلت لديه مبررات لانفلاته.. والذي يلحق الضرر بالأفراد والدولة تسمع منه أحلي كلام وتكاد تنضم له.. أطباء علم النفس وحتي علم الإنسان أو غيره بدون شك لن ينجحوا في تبرير ما يحدث أو شرح أسبابه.
تعالوا نقل إننا نعيش موقفاً ملتهباً ناتجاً عن حدث أشبه بالزلزال ومن المفترض أن يكون له توابع وضحايا يعني بيوت تنهدم وناس تموت والأخطر ناس عايشة وقد ألحق بها الزلزال عدداً من الأمراض النفسية!
والثورة المصرية أشبه بالزلزال.. لم يتوقعها أحد.. لا تصدقوا من يدعي غير ذلك.. بل لا تصدقوا أيضاً من يحاول تسويق أنه ساهم فيها لأن الأرشيف الصحفي موجود وفيه اسم الذين دفعوا ثمناً لمعارضتهم لنظام الرئيس السابق مبارك من كل الاتجاهات والنوعية.
بالفعل هناك من سرق الثورة وزين للناس أنه صانها، والحقيقة هو سارقها وإذا كانت الظروف الحالية تمنع الفصل بين الصانع والحرامي، أعتقد أن الأمر لن يستمر طويلاً.
■ في العيد.. الناس بدأت تتردد علي الجوامع ليس لإظهار تدينهم ولكن قد يستجيب الله لدعاهم «اللهم ارفع غضبك ومقتك عنا».
في العيد.. شاهدت شباباً في سن المراهقة وهم يؤدون الصلاة.. هذه الشريحة العمرية كنت أراها في الكافيهات.. كم كانت سعادتي وأنا أراهم في مجموعات بالقرب من جامع عمرو بن عبدالعزيز بمصر الجديدة وهم ينصتون لخطبة العيد.. اللهم بارك لنا في شباب البلد.. هم يا إلهي مستقبل مصر وتقدمها.
■ في العيد اليوم مختلف.. النقاش.. الحوار.. شكل الناس وهي تسير في الشارع.. لكن لاحظت زيادة عدد المتسولين بدرجة مرعبة!
■ العيد اليوم.. الـ«فيس بوك» سرق الجو من الموبايل.. أصبح أسهل وأرخص وسيلة لنقل تهنئة العيد.. ناس لا تكشف عن اسمها ولا وظيفتها.. وناس قاعدة ترصد.. وناس «مزقوقة» تلعب لصالح حزب أو جماعة أو أشخاص.. وأيضاً ناس محايدة يهمها مستقبل البلد.. وناس حشاشة الفكر «بنت» نكتة وقفشة!!
■ منذ أسبوع كتبت في لقطات مطالباً بمنع النشر عن عملية «نسر» التي تقوم بها القوات المسلحة في سيناء لتطهير بؤر التطرف التي تمثل خطورة علي مصر.. قلت إن بث العملية علي الهواء يصيبها بضرر ويبطئ من تحقيق أهدافها ويمنح العدو فرصة للهروب أو للاستعداد!
نشرت رؤيتي يوم الخميس «الإعلام ممنوع من نسر» والكتابة مرة ثانية الجمعة الماضي في نفس المساحة تحت عنوان «نسر» كيف تحمي مصر؟
وأوضحت أن عمليات عسكرية علي الهواء مباشرة أمراً يلحق الضرر بالعملية وبالأفراد.. ويبطئ من تحقيق أهدافها.. وقلت أيضاً أننا نعيش التجربة لأول مرة وهو ما يجعلنا لا نفرق بين الإفادة والضرر.. وتتداخل علينا المساحات والألوان.. وبالفعل.. خلال الإعلام التقت والحرية غير المسبوقة والتي وصلت لمرحلة الفوضي.. اكتشفت ردود فعل متباينة تجاه العملية العسكرية.. وأخبار مشكوك في صحتها كان لها رد فعل سلبي.. وامتد الأثر السلبي للعملة إلي الشارع وبعد دخول قيادات إسلامية علي الخط ما بين مؤيد لها وحذر ورافض.. بخلاف قصص إعلامية قد تم تحريفها ونقلها بصورة غير ما جرت.. لخوفي علي العملية وتفتيت الحشد الشعبي خلفها طالبت الإعلام بالابتعاد عنها طواعية أو بتوجيه وطني للمحافظة علي سلامتها وبالتالي سلامة جنودنا وعلي فيس بوك تباينت ردود الأفعال حول ما كتبته لكن الأكثرية اتفقت معي حول ضرورة المحافظة علي سلامة المشتركين بالعملية نسر من أبناء وضباط القوات المسلحة بمنع النشر.. لم يمر يوم علي المقال الأخير - الجمعة 17/8 - إلا وقد طلع علينا أدمن القوات المسلحة المصرية يطالب الإعلام بالتعامل بحذر مع نسر شارحاً مبررات هذا الطلب وهي نفس المبررات التي كنت قد شرحتها خلال المقالين.
المحصلة أن علينا التزاماً أخلاقياً تجاه الآخرين ومنهم قواتنا المسلحة التي تحارب نيابة عن المصريين معركة ضد مجموعة أبدت رغبتها عملياً في تخريب مصر وقامت بقتل عدد من أبناء المصريين.
إذا كنت قد طالبت زملاء الإعلام بالحرص بشدة عند التعليق علي نسر أو التعرض لها إعلامياً.. فأنا أطالب أيضاً الشعب المصري بكل أطيافه بالمحافظة علي الحشد الشعبي لنسر.. نحن كإعلام أمام لحظات تاريخية لم نشهدها.. إما الالتزام طواعية لنقدم أنفسنا للغير بأن الوطنية عندما تتعارض مع المهنية فلتذهب الثانية للجحيم.. ونحن جميعاً وطنيون إلا أن يثبت العكس.