
كمال عامر
الاغتيال المعنوى المرفوض
▪ بدون شك حدث انزعاج واضح من جراء طريقة نشر خبر قيام السلطات السويسرية بتجميد أموال لـ17 مسئولا ثروتهم 700 مليون.. لرموز نظام الرئيس مبارك.. الخبر فى نشره واضح وهو يعنى أن هؤلاء المتهمين سيتم تجميد أرصدتهم أى أن هؤلاء بالفعل ناس ليسوا فاسدين فقط، لكنهم حرامية، لكن الملف أن د.أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق رد على الفور من خلال محاميه نافيًا أن للدكتور نظيف أى أموال فى سويسرا أو غيرها.. مطالبًا جهاز الكشف غير المشروع بتوضيح هذا الشأن.. بالتدقيق فى تلك القصة علمت أن هناك إجراء روتينيا معروفا بين الحكومات خاصة فى ظل موقف مثل ثورة 25 يناير، حيث تبادر الحكومات بإرسال برقيات روتينية لحكومات العالم بأسماء المتهمين على ذمة قضايا وهو ما يدفع الحكومة المتلقية للتنبيه المصرى بتعميم صفة خطاب للبنوك سواء فى سويسرا أو كندا أو أمريكا بتجميد أموال المتهمين فيما لو أن هناك «فلوس» أو أملاكا.. موقف د.نظيف من الخبر السويسرى واضح جدًا، ويؤكد براءة الرجل من الخبر المنشور وهذا يندرج على بقية المتهمين فى القائمة.
المحبوسون سواء على ذمة قضايا أو بعد الحكم عليهم فى قضايا ظهرت بعد قيام الثورة قد يكون بينهم من يملك أموالا هربها للخارج لكن بينهم أيضًا من لا يملك أى أموال بالخارج، والنشر بهذه الصورة بالفعل ألحقت بهم أضرارًا نفسية عميقة، وكأن لسان حالهم يقول بوضوح «مش كفاية القضايا والحياة اللى ضاعت فى الوظيفة والبقية منها التى حطمها السجن.. هى ناقصة تشويه سمعة الأولاد والزوجات والأحفاد».
أنا لا أدافع عن فساد أو فاسدين لكن أتعاطف مع من نال ظلمًا سواء دون قصد أو بقصد.. هؤلاء الموجودان فى السجون بعد الثورة المصرية بالطبع بينهم مظلوم.. والله سبحانه وتعالى أدعوه ألا يتخلى عن هذا المظلوم أو المظلومين.. هؤلاء المحبوسون معظمهم رأى نهاية حياته وهو يقظ.. معظمهم بدأ يرى نفسه وهو بين «يد» خالقه.. لا أحد منهم توقع أو مجرد مر خاطر عليه بأن يقوم حارس بغلق حجرة يقيم فيها من الخارج.. ويا ليتها حجرة.
أنا هنا أكرر وبوضوح أن هناك ضحايا وظلما وظالما ومتهما وبريئاوعدلا.. وهذه عناوين القضايا والأحكام ولذا هناك درجات التقاضى والنقض والطعن وغيرها من محطات قد يرى فيها القاضى بأن للمتهم حقا تم إغفاله.. المحبوسون فى سجون طرة والقناطر والعقرب من رموز نظام مبارك لم يكونوا بهذا السوء.. ولم يرتكبوا معظم الجرائم التى تقرأ عنها.. لكن نعيش لحظات قد تختلط علينا فيها الأشكال والأضواء، ولا نعلم فيها إلى أى مدى هناك برىء داخل السجن.. الأهم أن الإعلام لن ينحاز فى هذه المرحلة إلى العدل.. لن يشيد ببرىء ولن يترك الدنيا ليعمل صاحب القلم لآخرته على الأقل بالتدقيق فى كم الاتهامات الظالمة التى توجه إلى الوزراء والمسئولين عن طريق الأقلام والمحامين والمحتقنين والمختلفين معهم.. فى المرحلة الانتقامية لم يعد مواطن بعيد عن بلاغ لشخص واتهام وقضية وربنا يستر.. أعتقد أن الفترة الانتقامية يجب أن تتوقف لأن بناء مصر لن يتم أو يبدأ إلا بعد أن نلتفت لصناعة مستقبل مصر.. الأحقاد يجب أن تخف على الأقل.. وظاهرة الثأر أيضًا يجب أن تختفى.
المسئولون أو وزراء ما قبل ثورة 25 يناير ليسوا حرامية.. ولا شيوخ فساد.. لكن بينهم أيضًا من قدم لبلده وعمل لصالح وظيفته وأفنى عمره لخدمة ما يؤمن به.. إذا كان هناك فاسدون أيضًا هناك مظلومون كل ذنبهم أنهم كانوا مسئولين فى عهد مبارك.. على الرئيس مرسى تحديدًا أن يعلن بدء انتهاء الفترة الانتقامية رسميًا.. يدعو الجميع لفتح صفحة جديدة على الأقل يتجه الجميع إلى الانتاج.. المعارك الجانبية المفتعلة فى البلاغات أمر مطلوب فى بعض الأوقات لكن هذه المرحلة أعتقد أنها بدأت تتلاشى.. الرئيس مرسى يدعو إلى مجتمع صحى يتيح لانطلاقة نحو غد أفضل.. الرئيس فى حاجة إلى جهود كل الناس الغياب لن يفيد.
▪ بالفعل هناك أعمال جيدة موجودة فى كل المجالات بنية أساسية وتنمية حتى لو كانت غير كافية، لكن من العدل أن نوضح ثم نعلن ما يمكن أن نضيفه، مع الأسف البعض فى جهات ووزارات يتعاملون مع عقولنا على أساس أن مصر بدأت مع 25 يناير هذا قرار غير عادل، لكن من الممكن أن تقول إن مصر تستحق الأفضل وعلينا أن نضعها فى مكانة تليق بها.. شطب كل ما تم وإنكاره أزمة أخلاقية.. لو أن كل وزير قال كلمة حق وعدل وتعامل بحيادية مع ما هو موجود ومحقق على الأرض على الأقل تختفى ظاهرة الكذب الوزارى.. وأيضًا عملية التعيين.. كل وزير أو مسئول حالى عليه أن يلتزم بقواعد اللعبة «لو دامت لغيرك ما وصلت إليك».
كفاية ظلم للأبرياء.. كفاية تشويه.. سمعة.. كفاية اتهامات كاذبة.. ألم تخافوا الله.. وهو سبحانه وتعالى الحق والذى لا أعتقد أنه قد يتسامح تجاه ظالم أو مفترى.. اللهم ارحم واغفر لشعب مصر وحافظ على سلامة بلدى.
[email protected]