الأربعاء 19 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

التحركات الصينية والاقتصاد العالمى

التحركات الصينية والاقتصاد العالمى
التحركات الصينية والاقتصاد العالمى




أحمد عبده طرابيك  يكتب:

حظيت زيارة الرئيس الصينى شى جين بينج لبريطانيا، التى بدأت يوم 19 أكتوبر واستمرت أربعة أيام، بأهمية كبيرة داخل بريطانيا وخارجها، ومن قبلها حظيت زيارته لواشنطن بنفس القدر من الأهمية قبيل زيارته إلى نيويورك للمشاركة فى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك لما تمثله الصين التى تمتلك ثانى أكبر اقتصاد فى العالم من تأثير كبير على الاقتصاد العالمى صعودا وهبوطا.
كانت بريطانيا الدولة الغربية الأولى التى تنضم إلى بنك الاستثمار الآسيوى فى البنية التحتية والذى دعت الصين إلى إنشائه لتمويل مشروعات التنمية فى الدول الآسيوية والدول الأعضاء فى البنك، وليكون بديلا أكثر إيجابية فى مشروعات التنمية من المؤسسات المالية الدولية «البنك الدولى للإنشاء والتعمير، صندوق النقد الدولي» التى تهيمن عليهما الولايات المتحدة والدول الغربية، وتوجه سياستهما حسب مصالحهم فقط بفرض شروط قاسية لا تتماشى مع خطط التنمية فى الدول الساعية للنمو.
تعتبر بريطانيا أكبر مقصد للاستثمارات الصينية فى أوروبا، باستثمارات تبلغ قيمتها 29.2 مليار دولار ففى عام 2014، أطلقت الشركات الصينية 112 مشروعا فى بريطانيا، وفرت حوالى 6 آلاف فرصة عمل للبريطانيين، وتأتى زيارة الرئيس الصينى لبريطانيا وفى مقدمة أهدافها ضخ استثمارات جديدة تصل قيمتها إلى 30 مليار جنيه استرليني، أهم تلك المشروعات إنشاء محطة نووية فى جنوب غرب بريطانيا، واتفاق لتوريد الغاز الطبيعى المسال يقضى بتوريد مليون طن من الغاز الطبيعى المسال سنويا على مدى 20 عاما، والتعاون فى استكشاف الغاز الصخرى وإنتاجه فى حوض سيشوان الصينى تصل قيمتها إلى 12 مليار جنيه استرليني، بالإضافة إلى اتفاقيات لإنشاء مدينة ترفيهية بتكلفة 3.2 مليار جنيه استرليني، وكذلك إنشاء مصانع أغذية، ومحطتين للطاقة بقيمة مليارى جنيه استرليني، تعملان بتقنية تعتمد على تحويل الحرارة الناتجة عن تشغيلهما إلى طاقة تستخدم فى تدفئة المياه، وامتصاص انبعاثات ثانى أكسيد الكربون من الهواء، على أن تنتقل التقنية الخاصة بهما بعد ذلك إلى الصين والدول النامية.
فى ترتيب الدول المستقبلة للاستثمارات الصينية، تأتى الولايات المتحدة على رأس تلك الدول باستثمارات تبلغ قيمتها 93.3 مليار دولار، وتأتى استراليا فى المرتبة الثانية باستثمارات تبلغ 76.5 مليار دولار، ومن بين 12 دولة الأولى المستقبلة للاستثمارات الصينية لم تكن مصر من ضمنها، بل تأتى نيجيريا الدولة الإفريقية الوحيدة فى المرتبة الخامسة باستثمارات تبلغ 32.2 مليار دولار، بينما تأتى السعودية الدولة العربية الوحيدة فى تلك القائمة فى المرتبة الثانية عشرة باستثمارات تبلغ قيمتها 23.3 مليار دولار، وتشمل باقى القائمة كل من كندا، البرازيل، اندونيسيا، روسيا، بريطانيا، كازاخستان، باكستان، فنزويلا، ومنها يتضح مدى التنوع الجغرافى والاقتصادى الذى تختاره الصين لضخ استثماراتها.
تسعى الصين إلى تعزيز تواجدها فى العالم من خلال استغلال الوفرة المالية التى لديها فى استثمارات تعظم موقعها الاقتصادي من خلال ضخ تلك الاستثمارات فى مشروعات تتعلق بالطاقة والتقنية والبنية التحتية فى مختلف دول العالم، وفى المقابل تسعى الدول المختلفة المتقدمة والنامية على حد سواء إلى جذب تلك الاستثمارات لانعاش اقتصادياتها بمشروعات تحقق لها دخولا عالية من خلال الضرائب وغيرها من الرسوم التى تفرضها على المشروعات التى تقام على أراضيها، بالإضافة إلى تخفيض حجم البطالة لديها بما توفره تلك الاستثمارات من فرص عمل.. هذا إلى جانب ما توفره تلك المشروعات من حركة اقتصادية تنعكس على مختلف القطاعات الأخرى فى البلاد من خلال احتياجاتها من مواد ومستلزمات إنتاج، سواء خلال عملية التشييد أو خلال فترة عملها الانتاجي.
مصر التى تربطها علاقات تاريخية عريقة مع الصين، لم يعبر حجم العلاقات الاقتصادية بين البلدين عن تلك العلاقات حتى الآن، ولا على المكانة التى تحظى بها مصر بموقعها الجغرافى ومناخها ومواردها الاقتصادية والبشرية التى تتطلبها العديد من المشروعات الاستثمارية، فحتى الآن لم تتوصل الصين إلى صيغة تعامل مشتركة فى المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية ومشروعات التنمية والاستثمار مع الدول العربية وفى مقدمتهم مصر، حيث مازال الجانبان العربى والصينى متباعدين ولم يجدا صيغة مشتركة للتعامل فيما بينهما، رغم كل الجهود التى بُذلت من خلال منتدى التعاون العربى الصيني، أو من خلال التعاون الصينى العربى فى مشروع طريق الحرير، المعروفة بمبادرة «الحزام والطريق».