الأحد 18 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

علماء الأزهر يرفضون مبادرات تعدد الزوجات لحل مشكلة العنوسة

علماء الأزهر يرفضون مبادرات تعدد الزوجات لحل مشكلة العنوسة
علماء الأزهر يرفضون مبادرات تعدد الزوجات لحل مشكلة العنوسة




كتب - عمر حسن

 

شهدت الآونة الأخيرة حراكًا متجددًا فى قضية تعدد الزوجات، خاصة مع انطلاق مبادرات بعض الناشطات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتى تدعو الأزواج للأخذ بفكرة تعدد الزوجات كحل لمشكلة العنوسة فى مصر، مثل مبادرة الإعلامية منى أبو شنب، وهو الأمر الذى أحدث صدامًا مع المجلس القومى لحقوق المرأة، على اعتبار أن مثل تلك الدعوات تهدف لهدم ملايين الأسر، إذ يكون الزواج من ثانية على حساب استقرار الزيجة الأولى.

من جانبه علق الشيخ خالد الجندى، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، على تلك المبادرة قائلًا: «إن الإسلام شرع تعدد الزوجات، حتى لا يجرى الإنسان وراء شهواته»، مؤكدًا أن بعض الدول حرمت التعدد بسبب الممارسات الهمجية الشهوانية لبعض الرجال، وتابع: «أنا لا أدعو لتعدد الزوجات، واللى خايف من زيادة نسبة العنوسة، ما دام معاك فلوس ادفع للعزاب اللى قاعدين على القهوة، وزوجهم، وخليك راجل جدع ولا أنت لازم تحوز كل النساء عشان معاك فلوس».
وعن رأى علماء الأزهر الشريف، أكد الدكتور حامد أبو طالب عميد كلية الشريعة بجامعة الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الإسلام أباح التعدد عند وجود مبرر لذلك كمرض الزوجة أو رغبة فى كثرة الأبناء، أما إذا انعدم المبرر، فإن التعدد قد يكون نوعًا من ظلم المرأة إذا تم الزواج عليها بأخرى دون مبرر لذلك.
وتابع أبوطالب تصريحاته لـ «روزاليوسف» قائلًا: «فكرة القضاء على العنوسة هدف سامِ وكلنا يسعى إلى ذلك، ولكننى أرى أن الحل يكمن فى الناحية الاقتصادية، وذلك بمساعدة الشباب على الزواج ومعاونتهم عن طريق الجمعيات الخيرية ورجال الأعمال، من خلال توفير قروض ومنح لهم تسهم فى تكاليف الزواج».
ووجه عضو مجمع البحوث الإسلامية طلبه للإعلام بتشجيع الشباب على خفض تكاليف الزواج، والاكتفاء بمسكن صغير، لافتًا إلى أن الإمام الأكبر، شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب كان قد دعا رجال الأعمال إلى المساهمة فى بناء المساكن الصغيرة من غرفتين، وتوفيرها للشباب بأسعار مناسبة.
وأوضح أبوطالب أنه يجوز إنفاق الزكاة لتزويج الشباب من خلال توفير مسكن لهم، أو المساهمة فى تكاليف الزواج، بل ويجوز إنفاق كل الزكاة فى ذلك، مختتما بقوله: «التعدد ليس حل العنوسة، بل هو مشكلة تحل محل مشكلة أخرى».
ومن ناحيته بيّن الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر الأسبق، أن آية التعدد فى سورة النساء  التى تتُخذ كمسلك للزواج من أخرى لم تنزل لغرض التعدد، وإنما لصيانة حقوق اليتامى، فتقول الآية: «وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِى الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا»، موضحا أن اليتيمة قد يكون عمها الوصى عليها حتى تكبر، ثم يزوجها من ابنه ليستولى على إرثها، فلا يخرج المال عن حدود العائلة، لذا جاءت الآية لتمنح تشريعا للزواج من مثنى وثلاث ورباع بعيدا عن اليتيمة حتى لا تقع فريسة للوصى.
وتابع  قائلًا: حذر الله تعالى من عدم العدل بين النساء، وفى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى نعيشها يصعب على الزوج أن يعدل بين الزوجتين أو أن يوفر لكل منهما مسكنا خاصا»، مشيرا إلى أنه من حق الزوجة الأولى أن تعرف بخبر زواج زوجها من أخرى، ومن حقها أيضا أن تطلب الطلاق، ما يعنى خراب المنزل تحت مسمى «حل مشكلة العنوسة».
وفى سياق متصل، أوضح الشيخ صبرى عبادة، مستشار وزارة الأوقاف، أن الأصل فى الشريعة الإٍسلامية ليس التعدد، بدليل استمرار زواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من السيدة خديجة بنت خويلد - رضى الله عنها - لمدة 15 عامًا دون الزواج من أخرى، لافتًا إلى أن زواج الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما بعد من أخريات كان لأمور دينية أو دنيوية، أى علاج لقضية اجتماعية، أو أمر تشريعي، مثل زواجه من زينب بنت جحش التى كانت متزوجة من أسامة بن زيد.
وأضاف عبادة فى تصريحاته لـ «روزاليوسف» أن ما سبق يؤكد أن الإسلام ليس فيه دعوة للتعدد باسم الدين، وإنما لعوامل اجتماعية وأسرية تختلف من شخص لآخر، وفى هذه الحالة يبيح الإسلام الزواج من أخرى، مشيرًا إلى أن المبادرات التى يطلق البعض بالدعوة لتعدد الزوجات كحل للعنوسة من شأنها زعزعة استقرار البيوت، واصفًا تلك الدعوات بالباطلة، خاصة إن لم تُبنَ على أسس صحيحة، ولاسيما فى مصر التى ثبت فشل تعدد الزوجات فى مجتمعها.
وعلى الصعيد الاجتماعي، أكد الدكتور حسن الخولي، أستاذ علم الاجتماعى بجامعة عين شمس، أن الدعوات التى تطالب الرجال بتعدد الزوجات حل غير مرغوب فيه اجتماعيا، خاصة عند السواد الأعظم من النساء، لأنه سيخلق حالة من التوتر فى شبكة العلاقات الاجتماعية.
واستكمل الخولى حديثه قائلًا: «الزوج يكاد يغطى مصاريف منزله بصعوبة، فكيف له فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة أن يتمكن من توفير نفقات منزل آخر»، مشددًا على أن تلك الدعوات تحدث خلخلة فى بناء المجتمع المصرى الذى لا يحتمل مثل تلك المبادرات التى قد تفلح فى الدول الغنية مثل دول الخليج التى ترحب بالتعدد كحل للعنوسة.
وأشار أستاذ علم الاجتماع إلى أن مداخل حل مشكلة العنوسة فى مصر تكمن فى تحسن الظروف الاقتصادية، وتوفير فرص عمل للشباب، بجانب توفير المسكن، وبالفعل بدأت الدولة فى توفير الوحدات السكنية للشباب، مؤكدًا أن العامل الاقتصادى يأتى فى مقدمة أسباب ارتفاع نسبة العنوسة فى مصر.