الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
القرصان أردوغان وصدام متوقع مع الناتو

القرصان أردوغان وصدام متوقع مع الناتو

إعلان اليونان طلب الدعم من حلف شمال الأطلسى (ناتو) ردًا على الاتفاق العسكرى بين أردوغان وحكومة الوفاق الليبية يستوجب التوقف والبحث، ويفتح الباب لأسئلة عديدة، من نوعية تصدير صراعات إلى داخل الحلف العسكرى الأوحد المتماسك منذ تأسيسه وحتى الآن . ليست المرة الأولى التى تلجأ فيها اليونان إلى الحلف، فقد تحركت من قبل، حين وجه القرصان أردوغان سفنه وأسطوله، تجاه المياه الدولية اليونانية والقبرصية، للاستيلاء على آبار الغاز والنفط الموجودة بالمنطقة . تكرار استغاثة أطراف داخل الناتو، من ممارسات عدوانية  صادرة من حليف تجاه حليف آخر، تثير الانزعاج داخل الحلف العسكرى الأقوي، على خلفية تعدد أشكال النزاعات، وإصرار دولة على الاستمرار فى نهج الاعتداء على مصالح الدول الأخرى العضوفى ذات الحزب . تركيا لها مكانة خاصة داخل الحلف، خصوصا من الجانب الأوروبي، كونها القوة العددية الثانية، التى يُعتمد عليها، وهى تلعب دورًا مهمًا فى خطط الحلف، وسيناريوهاته المتعددة، وهى أيضًا حليف خاص جدًا لإسرائيل، وهى الوحيدة فى المنطقة، التى تمثل عنصرًا دفاعيًا فى التصور الأمنى الإسرائيلى . لكل هذه الأسباب وغيرها، تمثل التحركات التركية التوسعية فى الآونة الأخيرة، على حساب بعض الدول الأعضاء فى الحلف، مأزقا لقادة ناتو، الذين يجدون أنفسهم يوميًا، فى إطار نزاعات وصراعات داخلية، بالقطع ستلقى بظلالها على حالة الحلف . المسألة لا تقف عند حدود الاعتداءات التركية للقرصان أردوغان على المصالح اليونانية والقبرصية، أوالسيادة البحرية للدولتين، إنما هى تمثل خطرًا على ملفات مهمة للقارة العجوز، من زاوية الهجرة غير الشرعية وحركة جماعات الإرهاب بالمنطقة . الاتحاد الأوروبي، الحليف الأساسى للولايات المتحدة، وشريكه فى حلف الأطلسي، يعيش أزمة عميقة مع تركيا، وسياساتها الابتزازية فى ملف الهجرة غير الشرعية، والمصالح الأوروبية باتت تتعارض مع التوجهات الأردوغانية الاستعمارية فى شمال سوريا، والتى تمثل تهديدًا صارخًا للأمن الإقليمى، والأمن الأوروبى على حد سواء. الحاصل أن التصعيدات التركية المتزايدة، وتنوع أشكال وأدوات العدوان على الآخرين، تزيد المخاوف من تركيا فى ظل حكم أردوغان، وهى لا تتوقف عند حدود معاداة الشخص، بل بالقطع ستصل مداها ونتائجها إلى ما هو أبعد من ذلك، فى ضوء الخبرة الأوروبية التاريخية فى التعامل مع نظم الحكم الفاشية عامة، وفى التعامل مع المناورات والأكاذيب الأردوغانية من جهة أخرى . لا أتوقع انفجارا داخل اجتماعات الحلف نهاية الأسبوع الحالى، ولا أتوقع بالقطع طرد تركيا من الحلف، لأسباب عديدة جدا، إنما المؤكد أن صدامًا واضحًا، بدأت بذوره تتنامي، داخل « ناتو» فى ضوء إصرار أردوغان، على استمرار سياساته العدوانية، والتى تتسع دائرتها يوما بعد يوم، وتتداخل فى نطاقات تعارض المصالح الأوروبية، وهى مسألة بالغة الأهمية لدى الأوروبيين، الذين يملكون رصيدًا من المعاناة فى ملفات عدة  فى الفترة الأخيرة تجعلهم لا يقبلون ولا يرغبون فى فرض ملفات أزمات جديدة عليهم،أوإثارة النزاعات والخلافات بين صفوفهم أكثر مما يعانون. أردوغان يسير فى مسار صدام جديد، لكنه هذه المرة مع حلف الناتو.