محمود بسيونى
2020.. مصر سفينة النجاة
يتنفس الشرق الأوسط نسيم عام جديد، وهو يبحث عن السلام ويحلم بتوقف نزيف الدماء، وتستعيد الدولة الوطنية هيبتها واحترامها، وتتوقف التدخلات الدولية الفجة والتحرشات الإقليمية التى تسعى للاستيلاء على ثروته. تفتش شعوبه عن الأمن والاستقرار المفقود من عقود، تقف على شواطئ جنوب المتوسط وتنظر إلى الأفق الفاصل على نقطة انطباق السماء على البحر وتحمل بداخلها أمنية، أن تتحول البندقية المصوبة إلى صدور اليائسين على مراكب الموت إلى مصنع أو معمل أو مزرعة، فرصة عمل وحياة كريمة فى بلدهم أفضل من ركوب أمواج المجهول. وسط كل ذلك الغضب والجنون تقدم مصر الإجابة، تفرد اشرعتها لدعم الأمن والاستقرار، فى المنطقة وتقدم تجربتها ولا تفرضها على أحد، روشتة العلاج مكتوب فى مقدمتها الإنسان وحياته، تساوى بين كل مواطنيها أمام القانون، وتعمل جاهدة على زراعة الأمل والانتماء، وتجتهد من أجل احلال السلام ودعم قيم التسامح، تحمى قوتها العسكرية أمن شعبها وتحافظ على مدنية الدولة واستقرارها. فى سبتمبر 2016 اوقفت مصر مراكب الهجرة غير الشرعية، وقررت حل الأزمة من جذورها، كانت الإرادة السياسية حاضرة، وعازمة على عدم تكرار مأسى غرق سفن الهجرة غير الشرعية، بدأت فى استثمار مواردها فى مشروعات توفر وظائف للشباب، وأن تفتح أبوابها للعمل والحياة أمام الأشقاء الأفارقة والعرب بدلا من ركوب البحر، وبدأت فى دراسة الموقف من كل جوانبه واطلقت استراتيجية وطنية ممتدة حتى عام 2026 لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر. بحثت مصر عن الإنسان وكرامته، بينما قامت دول أخرى مثل تركيا باستخدام المهاجرين كسلاح وورقة ابتزاز لأوروبا، وقامت بتهديدها بأنها ستقوم بإغراق أوروبا بـ100 ألف لاجئ إذا لم تقم بزيادة المساعدات التى تصل حاليا إلى 6 مليارات يورو. يقف خلف النجاح فى ذلك الملف تنسيق وتناغم كبير بين كل أجهزة الدولة والمجالس الوطنية لتحقيق ذلك الهدف، لم تعتمد على الحل الأمنى فقط ولكن ذهبت لعلاج المشكلة والأساس فيها غياب التنمية وفرص العمل عن المناطق التى خرج منها راغبو الهجرة، فرأينا أكبر مزرعة سمكية فى بركة غليون بمحافظة كفر الشيخ، وهى من المحافظات التى عانت من الظاهرة لسنوات طويلة. لم تتوقف مصر عند نقطة النجاح والإشادة الدولية، فالعمل مستمر حتى تتعافى مصر تماما من آثارها، وكانت توصية الرئيس عبدالفتاح السيسى للحكومة فى ختام منتدى شباب العالم فى نسخته الثالثة بإطلاق مبادرة مراكب النجاة إشارة إلى استكمال الطريق والبدء فى مرحلة جديدة، تقوم فيها وزارة الهجرة بزيارة للمحافظات والقرى التى تعانى من الظاهرة، وتقدم خلالها عروضا لمشروعات صغيرة يمكن تنفيذها وتجارب ناجحة سابقة، وتواصل تقوم به الرائدات الريفيات مع الأمهات لتغيير الأفكار التى ارتطبت بالهجرة، ولم يتبق الا مشاركة القوى الناعمة بأعمال درامية بقوة «أرض الأحلام» و«أمريكا شيكا بيكا» لتغيير الصورة النمطية للغرب وغرس معنى جديد يقول إن الجنة ليست موجودة على الجانب الآخر من المتوسط، الجنة يمكن بناؤها فى الوطن.