
صبحي مجاهد
مسلم مسيحى.. وطن واحد
مصر هى وطن للجميع للمسلم والمسيحي، هذه هى الحقيقة التى يحاول بعض المتشددين أن يحاربونها، ويدعون زورا وكذبا ان الدين لا يعترف بجوار المخالف للعقيدة، مع ان الأصل هو التنوع وكما اكدت العديد من الفتاوى الصادرة من مؤسساتنا الدينية المعتبرة أن اختلاف الدين وتعدد الثقافات وتنوع العادات لا يعنى التفرق، وليس هو من العيوب بل هذا التعدد مزية تثرى هذا الشعب وتزيد من عظمة هذه الأمة. إن الاختلاف والتعدد سنة كونية تعد من دواعى التعاون والتكامل بين البشر، حيث قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾، والإيمان سنن الله هو من كمال الإيمان وعلى من يحاولون أن ينصبوا من أنفسهم قضاة على البشر فيحرمون ويكفرون أن يقرأوا قول الله تعالى « وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ» وهذا الاختلاف لا يعنى الصدام وإنما محاولة التكامل والتعاون فى بناء الوطن الذى يستظل به الجميع. ولا يزال البعض يرى ان الاختلاف العقدى يمنع المسلم من أن يهنئ المسيحيين فى أعيادهم ويعبترونه نوعًا من مخالفة الدين، فى حين ان علماء الأزهر اوضحوا ان التهنئة ليست بها أى مخالفة للعقيدة وإنما هى من باب البر الإحسان المأمورين به فى قوله عز وجل :» وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾. ولقد ذهب بعض العلماء ومن بينهم وزير الأوقاف د.محمد مختار جمعة إلى أكثر من هذا حيث اكد أن الاعتداء على الكنائس كالاعتداء على المساجد، وأن استهدافها أو استهداف قاصديها كاستهداف المساجد وقاصديها، مستشهدا بما ذكره العلامة ابن حزم أنه إذا جاء من يقصد من يعيش بيننا من غير المسلمين بسوء وجب على المسلمين أن يهبوا لحمايتهم، وأن نخرج للدفاع عنهم، وأن نموت دون ذلك مشددا على انه عندما نحمى مساجدنا وكنائسنا ومعابدنا معًا إنما نحمى وطننا معًا، وهذا هو مناط الوطنية المتكافئة. إن حقيقة التعايش والبر والتعاون نابع من الأخلاق والقيم الإنسانية التى يتفق عليها اتباع الأديان السماوية، وأود أن أشير لمن يدعون أن من يقدم التهانى للمسيحيين هو شخص مخالف للعقيدة الإسلامية ويتجاهلون حقيقة ما أفتى به الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية الكبرى من أن تهنئة غير المسلمين بأعيادهم من باب «البر» الذى تأمرنا به الشريعة الإسلامية، ويندرج تحت باب الإحسان الذى أمرنا الله عز وجل به مع الناس جميعًا دون تفريق، مذكرة بقوله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾، وقوله تعالى:﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾. أننا بحاجة لنشر المزيد من المودة والرحمة والتآلف بين أبناء الوطن الواحد من المسلمين والمسيحيين لمواجهة محاولات ومؤامرات نشر الفتن، وتحقيق قوة الوطن فى مواجهة من يتربصون به فعالم اليوم لا يبقى على بلد أبناؤه متفرقون ومتنازعون، ولا يوجد أشد فرقة من محاولة التفريق بين ابناء الوطن بسبب اختلاف العقيدة.