الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
جندى محارب.. «نادية لطفى»

جندى محارب.. «نادية لطفى»

هناك أوقات يكون فيها، الحياد خيانة .. يكون فيها الاصطفاف خلف بلدك وقيادتها فى وجه العدو واجب مقدس.. يكون مسك العصا من النص ندالة وخسة.. من لا يكتب الآن حرفاً دعماً لبلاده لا يحق له أن يحتفل لاحقاً معنا بالنصر. نعم قد تختلط المفاهيم فى رأس الكثيرين .. فالأمور تغيرت.. زمان كانت الحرب مباشرة بشكل واضح، خصمك واضح .. وكلمة الشرف والفروسية حاكمة للجميع. الآن حدث الكثير من تغييب العقل، الإرهابيون أطلقوا عليهم معارضة مسلحة، البلطجى  القاتل أصبح اسمه شهيدا، الجيش  النظامى الوطنى الذى يحمى الدولة، سموه «عسكر».. والميليشيات المسلحة باتت «جيش حر»!! خلط المفاهيم أحدث خللا حقيقيا، لكن تظل هناك قصص مضيئة تنير لنا الطريق دائما.. وسط هذه الحكايات تقف الجميلة المتألقة نادية لطفى والتى نحتفل بعيد ميلادها هذه الأيام كأيقونة نضال وحب للوطن . «نادية لطفى « التى أبهرتنا بجمالها ورقتها وشياكتها وعشقناها فى كل شخصية قدمتها.. مناضلة من طراز فريد.. محاربة ومقاتلة شرسة. «نادية لطفى» حملت  كثيرا من صفات الجندى المحارب، الذى لا يعرف الاستسلام، وقفت  إلى جوار الجنود على الجبهة فى حرب الاستنزاف وكانت تنظم زيارات للجبهة خلال الحرب جمعت فيها الفنانين والأدباء ومنهم فطين عبدالوهاب وفؤاد المهندس وجورج سيدهم، ونجيب محفوظ ويوسف السباعى ويوسف إدريس. «نادية لطفى»  جمعت شهادات الأبطال المصابين فى حرب أكتوبر فى  فيلم «جيوش الشمس» مع المخرج شادى عبدالسلام، وهو فيلم تسجيلى  يحتوى على مشاهد حقيقية من أحداث حرب أكتوبر 1973، وسجلت خلاله النجمة المناضلة شهادات الجنود المصابين والجرحى عن الحرب داخل مستشفى قصر العينى. وخلال حرب أكتوبر نقلت مقر إقامتها إلى داخل قصر العينى .. لتكون ضمن فريق المتطوعات فى أعمال التمريض بالمستشفى ولم تتردد فى المشاركة بأعمال التنظيف، ومسح الأرضيات . تطوعت  لتكون العين الساهرة على راحة الجرحى والمصابين من شجعان الوطن، متناسية نجوميتها وشهرتها، لتصبح فقط ملاك رحمة من أجل رعايتهم. فى عام 1982، ذهبت فى رحلة شهيرة إلى لبنان، أثناء حصار بيروت، ووقفت مع المقاومة الفلسطينية، ورغم أن الموت كان يطاردها فى كل لحظة إلا أنها كات أشجع من رجال كثيرين وقامت بتسجيل ما حدث من مجازر، ونقلته لمحطات تليفزيون عالمية، ما دفع العديد من الصحف والقنوات للقول إن كاميرا «نادية لطفي» التى رصدت ما قام به السفاحون الإسرائيليون فى صبرا و شاتيلا، لم تكن كاميرا بل كانت مدفع رشاش فى وجه القوات الإسرائيلية. وظلت لشهور ترتحل بنفسها بين عواصم العالم، لتعرض 25 شريط فيديو لوقائع حقيقية عاشتها بنفسها وتنفست فيها الحصار الإسرائيلى للمقاومة الفلسطينية ببيروت وتفضح ما قام به شارون من جرائم . «نادية لطفى» مارست هوايتها  القديمة فى التصوير وقامت بتسجيل 40 ساعة فى القرى والنجوع المصرية لتجمع شهادات الأسرى المصريين فى حربى 1956 و 1967 حول الجرائم الإسرائيلية. اعتادت «نادية لطفى» أن تهزم الخوف .. أن تكون جندى محارب حقيقى فى وجه الأعداء . نادية لطفى التى نحتفل بعيد ميلادها 3 يناير من كل عام، هى النموذج  للشخصية المصرية الحقيقية التى تظهر وقت الشدة . نموذج يكشف زيف من يرتدون أقنعة الدين والوطنية والإعلام والحياد.. وهم فى الحقيقة يحرضونك ضد بلادك ويسممون  عقلك ويصدرون  لك الإحباط واليأس. التخفى الآن وراء معانى رنانة كالحياد والديمقراطية وحقوق الإنسان .. خيانة وخديعة .. حتى الخوف من تلويث السمعة والاتهام المعلب الجاهز بأنك دخلت فى زمرة المطبلين لمجرد أنك تدافع عن بلدك هو  نوع من النفاق لا يقل خطورة عن نشر الأكاذيب والشائعات والتى تستهدف عقلك من البداية للنهاية كى تكون عدوا لنفسك وأهلك.. وبمجرد السيطرة على عقلك.. لن تكون هناك صعوبة فى الخطوة التالية .. وهى أنت نفسك تدمر بلدك.