الأرض والآلة والحاسب الإلكترونى

ماذا كان سيحدث إن مر الإنسان على الأراضى الشاسعة ولم يقم بزراعتها؟ أو أقام مصنعا ولم ينتج هذا المصنع أى منتجات ملموسة؟ فى الحالة الأولى ماكان لنا أن نسمى هذا العصر بالعصر الزراعى ولا أن نسمى العصر التالى له بالعصر الصناعى... ففى كلتا الحالتين كانت الأرض والآلة هما الأساس الذى قامت عليه تلك العصور. وبغض النظر عن مدى حدية تلك التقسيمات أو تداخلها فإن ما يعنينا هنا هو إعادة تعريف عصر المعلومات... إزالة الخلط بين العصر وأدواته الأساسية... عصر المعلومات يعتمد على البنية الأساسية من شبكات وأجهزة وبرامج وخلافه...ولكن الوقود وكذا أيضا المنتج النهائى هو المعلومة نفسها... التجميع والتحليل والاستنباط والربط بين المعلومات هو المنتج النهائى. عصر المعلومات ليس عصر الحواسب والأنظمة وقواعد البيانات والشبكات...فهذه مجرد أدوات لتسهيل العمل... تماما مثلما كانت الأرض والفؤوس والآلات والمصانع فى كلا من العصر الزراعى والعصر الصناعى. فى العصر الصناعى يكون رأس المال هو الرصيد والإنفاق منه هو المحرك للأمور أما فى عصر المعلومات فإن المعرفة هى الرصيد والتدريب للكوادر البشرية هو الإنفاق. فى العصر الصناعى عطل المعدات يوقف العملية بأكملها أما فى عصر المعلومات فإن اضطراب الموظفين هو المؤثر. العامل الموظف هو الوحدة الأساسية فى العصر الصناعى أما فى عصر المعلومات فإن الوحدة الأساسية هى «محلل البيانات». الأمثلة كثيرة و نلمسها يوميا فى كيف أن المعرفة والفكرة هما الأساس... شركات مثل جوجل وفيسبوك وتويتر تقوم على المعرفة والأفكار والتواصل بين البشر... والعجيب أن المحتوى ليس من إنتاجهم بل هو إنتاج المشاركين...تلك الشركات تقوم بتحليله فقط. شركات النقل مثل أوبر وكريم وخلافه....هى شركات تعمل من خلال معرفة وفكرة ولا يوجد لديهم سيارات.... أمازون وعلى بابا كانا رائدين فى استخدام أدوات العصر لتقديم خدمات بلا منتجات أو مخازن أو موظفين للشحن. ولذلك فإن الحديث عن محاور التطوير للعناصر البشرية بالمؤسسات مهم للغاية وهو أساس النجاح فى هذا العصر...تطوير للمهارات وخلق بيئة محفزة وحسن إدارة الوقت من خلال أنظمة مرنة. بالطبع مثلما التركيز داخليا على العنصر البشرى فإن هذه الاستراتيجية هى المناسبة أيضا فى التعامل مع العملاء والزبائن وباقى مكونات سلاسل القيمة المرتبطة بالشركة....التركيز على العنصر البشرى سيغير أساليب المعرفة والتعلم وستغير الأنماط التقليدية فى المدرسة والجامعة أيضا... عصر جديد إذا أخذنا الخط على استقامته فقد تختفى المدارس والجامعات وأساليب التوظيف الحالية بالضبط كما هو متوقع لاندثار وظائف عدة فى غضون السنوات القليلة القادمة واستحداث وظائف أخرى. تغريدة: سر النجاح...تعلم مستمر وتطوير دائم لمحور هذا العصر «الإنسان».