الجمعة 13 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أحمد سالم  اغتيال «ابن الذوات»

أحمد سالم اغتيال «ابن الذوات»

«اغتيال الشخصية» أو الاغتيال المعنوى .. فن وعلم، يتم تدريسه فى أماكن كثيرة، أبسط وأسهل طريقة للاغتيال المعنوى، السخرية، التشكيك فى مصداقيتك، الاستهزاء بما تقول، كوميكس لطيف يبدو فى الأول دمه خفيف وبيساندك، لكن الحقيقة هو بيهدم الصورة الذهنية عنك،الهجوم على الشخص دون التطرق لأفكاره أو مناقشة ما يفعل. لعبة كبيرة جدا ومتشعبة ومسلية أيضا.. علشان أقربها لكم تعالوا أحكى لكم حكاية أحمد سالم، ابن الذوات، المذيع والمخرج والممثل والكاتب، فنان شامل وشاب وسيم ناجح ومحبوب. الوجيه أحمد سالم، المعروف عنه أنه  شاب مستهتر متهور، عاشق للنساء والسهرات والناس كلها بتحكى حكاياته مع الملك فاروق والخناقة على الفاتنة كاميليا، حبه لأسمهان وإطلاق الرصاص المتبادل فى شقتها وإصابته فى صدره. كل الحكايات عن أحمد سالم قد تكون حقيقية وقد لا تكون ففى النهاية هى حكايات تروى، لكن المؤكد هو تحقيقات النيابة وما ثبت بالفعل فى المحكمة وأعترف به أحمد سالم نفسه. فى العام 1942 كانت هناك قضية اسمها قضية» الخوذات المقلدة»، وزارة الحربية المصرية  طرحت مناقصة عامة لشراء خوذات خاصة بالجنود، ووضعت مواصفات محددة  لهذه  الخوذات، اشترطت أن تكون من  صلب هادفيلد.  أحمد سالم أول مذيع مصرى وصاحب العبارة الأشهر «هنا القاهرة» والذى كان يدير عمل متشعب وكثير، منه - تأسيسه لاستديو مصر- بتكليف من طلعت حرب باشا، دخل المناقصة، ورسيت عليه بالفعل وورد، هو ومجموعة من أصدقائه الخوذات وسلمها فى موعدها واستلم شيك بالمبلغ المتفق عليه. الوجيه ابن الذوات اكتشف بعد فترة أن «الخوذات» التى تم توريدها  لوزارة الحربية لم تكن مطابقة للمواصفات، مصنوعة من خامات أقل فى الجودة وأسعارها أقل، وأن هناك تلاعبا تم بشكل أو بآخر من قبل الشركاء والموردين للخوذات لضمان أرباح أكبر. ذهب «سالم» وقدم بلاغا فى  نفسه وفى  شركائه، تم تقديمه للمحاكمة بتهمة التزوير والغش والتدليس. فى المحكمة حاول محاميه «وهيب بك دوس» التشكيكك فى متانة صلب هادفيلد، وأى صلب يلبسه الجندى لن يحميه، ففى النهاية هو جندى يحارب ومعرض للقتل والرصاصة التى لا تأتى فى الرأس قد تقتله أيضا لو أصابت أى مكان آخر . وقتها حاول بعض من أصدقاء أحمد سالم إنقاذه بأى طريقة فالسجن فى انتظاره لا محالة .. اقترح عليه البعض إثارة الرأى العام واستخدام منافسته للملك فاروق على حب كاميليا، أو استخدام الأزمات التى تسبب فيها انتاجه فيلم « لاشين» عام 1941  والذى منع من العرض بقرار من حكومة النحاس باشا الوفدية  بعد أن طلبت السراى تغيير نهاية الفيلم التى ينتصر فيها الشعب على الحاكم، لكن  أحمد سالم رفضها بإصرار وقدم استقالته من رئاسه شركه مصر لصناعه السينما. كل تللك المحاولات استقبلها أحمد سالم بهدوء شديد ورفضها جملة وتفصيلا مفضلا السجن على الخروج بهذه الطرق الملتوية والتى ستغتال معنويا آخرين، وبالفعل صدر الحكم ضده وقضى فترة العقوبة وخرج بعدها. هذه الحكاية الثابتة يقينا بأوراق التحقيقات والمحكمة وشهادة الشهود، لن تجدها فى حكايات أحمد سالم بسهولة، ستجد حكايته مع كاميليا واكتشافه لها فنيا وخناقته مع الملك على حبها.. عشقه لأسمهان والرصاصة التى أصابت قلبه عندما زارها فى البيت فوجد أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكى فى عهد الملك فاروق فتبادلا إطلاق النار، وفى رواية أخرى مشاجرة عنيفة بينه وبين اسمهان فأطلقت عليه الرصاص.. حكايات اغتيال معنوى من الطراز الأول ستجدها بكثرة، لكن الحقيقة دائما مختلفة. حكاية أحمد سالم تتكرر كثيرا الأن، ومتشابهة جدا مع حكاية طريفة ومشهورة، «تشارلز داروين قال الإنسان أصله قرد .. والحقيقة الرجل  لم يقل هذا الكلام، لم يقل أبدا أن القرد تطور فأصبح إنسان.. الحكاية كلها شائعات روجها رجال الدين والمتدينين فى عصره لاغتياله معنويا والخلاص من أفكاره التى تهدد سيطرتهم على عقول الناس. الطريقة واحدة وواضحة، مهاجمة الشخص وليس أفكاره حتى ولو بحكايات جنسية أو بالسخرية والضحك تكون الطريقة أسرع وأفضل وأكثر إيلاما وتأثيرا. حملات التشويه بتستخدمها دول وأجهزة مخابرات ومؤسسات إعلامية  للاغتيال المعنوى، تابع فقط ما يثار حول أى شخص يدافع عن موقف هو مؤمن به، عن قضية، عن بلده ومستقبلها، هل تمت مناقشة أفكاره، هل الانتقادات لمشروعه أم تطرقت  لشكله و«صلعته» وأخلاقه وعلاقاته وسهراته، يغتالوك معنويا.. فتسكت.. أو على الاقل لا يصدقك أحد بعد أن شوهوا  سمعتك!!