الجمعة 2 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
صناعة الجهل 2/2

صناعة الجهل 2/2

المثال السابق ذكره والخاص بأن وجود هذا العدد المهول من القنوات الفضائية لم يقابله زيادة فى كم المعارف والمعلومات بنفس القدر ليس هو المثال الوحيد....الشكوك والحيرة يحدثان لمن لديه حد أدنى من المعرفة أصلًا...المشكلة تكون فى من ليس لديه أى معلومة على الإطلاق...إنه يكون مثل الصفحة البيضاء تنتظر من يكتب فيها ما يشاء... ربما التعبير المناسب للمعلومات المغلوطة هو «صناعة الكذب»....من أشهر ما نطالعه بصورة شبه يومية ما يطلق عليه «أحدث الدراسات العلمية» والتى نجدها تتحدث اليوم عن فوائد تناول قرص يوميًا من دواء معين ثم تأتى فى اليوم التالى دراسة اخرى لتحذر من نفس الموضوع...الكثير من الشركات الكبرى تقوم بدعم تلك المراكز من أجل زيادة مبيعات منتجاتها المختلفة...يتم ذلك سواء من خلال صناعة جهل تام أو مجرد فك الارتباطات والقناعات السابقة  أو تقليل إيمان الناس ببعض المسلمات...فعلى سبيل المثال نجد أن شركات التبغ تنفق الملايين من الدولارات مقدمة لمراكز ابحاث متعددة من أجل أن تقلل من الآثار السلبية للتدخين!!! أو على الأقل لمحاولة فك الارتباط بينه وبين أمراض القلب والسرطان....بعض شركات المياه الغازية تقوم بالشىء نفسه لمحاولة فك الارتباط أو لتقليل قوة الارتباط بين المشروب الذى تنتجه الشركة وبين الإصابة بالسمنة مثلًا....يتم ذلك على المستوى الكلى وأحيانًا على مستوى مناطق معينة فى العالم...ربما التى حدث بها انخفاض أكثر فى المبيعات أو التى يمكن أن تنجح فيها تلك الحملات لأسباب متعددة منها ثقافة تلك الشعوب ومدى وعيها أو مدى نشاط الجهات التنموية المختلفة فى حملاتها ضد مسببات الأمراض مثلًا. صناعة الجهل السابق الإشارة إليها معروفة منذ مئات السنين ربما يكون المغول هم أشهر من استخدموها فى غزوهم للمنطقة ...إثارة للرعب والشك والحيرة وإطلاق أخبار كاذبة ...تهويل لقدراتهم وتهوين من قوة البلاد التى يحاولون غزوها...النوادر والحكايات المرتبطة بالحرب النفسية التى قام بها المغول لا تعد ولا تحصى...تذخر بها كتب التراث والمواقع الإلكترونية على شبكة الإنترنت أيضًا. وبما أن الحديث وصل بنا إلى شبكة الإنترنت فيجب أن نؤكد أن الإنترنت بوضعها الحالى- والمستقبلى أيضًا- وبتغلغل شبكات التواصل الاجتماعى فإنها تعتبر أكبر مصنع للجهل يشارك فيه البشرأجمعين...وسط هذا الظلام والجهل وقلة المعلومات نجد بعض النقاط المضيئة ومنها الصفحات الرسمية الموثقة للجهات المختلفة وللشخصيات العامة أيضًا. هل تريد أن تجرب عزيزى القارئ لتعرف درجة المعرفة والوعى...ضع صورة للأديب نجيب محفوظ على صفحتك الشخصية واكتب تحتها «البقاء لله أديب نوبل العظيم» وشاهد ما سيحدث لتعرف حجم المشكلة.