الثلاثاء 8 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عودة ذئاب داعش المنفردة

عودة ذئاب داعش المنفردة

تكرر أوروبا الخطأ دون ملل، وتسيطر عليها أوهام السيطرة على الإرهاب سواء بالقدرات الاستخباراتية أو بنمط حياتها المتساهل مع الإرهابيين، تظن أن الإرهابى يحترم القانون أو يقدر الإفراج عنه، أو أنه يعيش فى مجتمع متقدم ومنفتح يقدر الإنسان وحقوقه، تمارس انفتاحا غير واع على إرهابيين ولأئهم المطلق لداعش لا لجنسياتهم الأوروبية.  ما قام به سوديش أمان الإرهابى الذى قتلته الشرطة البريطانية بعد طعن ثلاثة أشخاص هو الفعل ذاته الذى سبقه إليه عثمان خان الذى حاول تفجير بورصة لندن وكشفت التحقيقات أنه واحد من الخلايا النشطة فى منطقة «ستوك أون ترينت»، وهى جزء من شبكة كبرى من المتشددين يرأسها الداعية الاسلامى أنجم تشودرى. ويشترك كلاهما فى أنه تم القبض عليه وسجنه ثم الإفراج عنه لينفذ مهمته الإرهابية، وكلاهما ادعى أنه توقف عن الانتماء للتنظيمات المتطرفة حتى يتم الإفراج عنه وينفذ مهمته، وكلاهما مات تحت تأثير وهم أنه ذاهب إلى الجنة، وأنه يقتل ليتقرب من الله، والله ودينه الحنيف أبرياء تماما منهم. ما حدث فى بريطانيا يتكرر فى بلجيكا، ألمانيا، فرنسا، السويد، وهى من الدول التى تتساهل مع العناصر الإرهابية، بل فتحت أبوابها إليهم بدافع الاستخدام السياسى ضد دولهم أو تطبيقاً لمفهوم حقوق الإنسان، خاصة أن بها أصوات سياسية ومنظمات حقوقية تدافع عنهم وتضغط على الإعلام للإفراج عنهم ثم نصل إلى نفس النتيجة ويقع حادث طعن جديد بتوقيع تنظيم داعش. بدأت بريطانيا تحت تأثير الذعر الذى صاحب الحادث فى تمرير قانون يمنع الإفراج عنهم، ويمدد عملية حبسهم، وهى محاولة لعلاج العرض دون اقتراب من أصل المرض الحقيقى، مجرد مسكن للرأى العام القلق من تبعات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى ومحاولة لإظهار قوة الحكومة الجديدة وأنها قادرة على مكافحة الإرهاب. بالتأكيد المواجهة مع عناصر داعش المنفردة ليست بتلك السهولة التى تطرحها حكومة بوريس جونسون، فالمكافحة الحقيقية من واقع تطور الظاهرة يطرح تحديات جديدة فى مقدمتها ملاحقة الأفكار الإرهابية والجماعات التى تتبناها بشكل جدى، داعش عارض لكن أصل المرض كان وسيظل جماعة الإخوان الإرهابية. إذا لم توقف الحكومة البريطانية سيطرة الإخوان والتيارات الإسلامية الأخرى على شبكاتها الاجتماعية المنتشرة بطول وعرض لندن فهى تحرث فى الماء، اذا لم يتوقف أئمة الإرهاب عن خطب الجمعة، فالخطر سيظل قائما، ذئاب داعش المنفردة ليست نبتا ظهر من فراغ بل يقف خلفهم منظومة شحن متطرفة تعتمد فى أدبياتها على أفكار سيد قطب أحد كبار منظرى جماعة الإخوان الإرهابية ثم تقوم بغرسها داخل عقول المراهقين من الأجيال الثالثة وربما الرابعة للمهاجرين حتى تصل بهم فى النهاية لتكفير المجتمع الذى ولدوا وتربوا فيه وبعدها يصبح إقناعهم بالقتل سهلا سواء بيد داعش أو أى تنظيم إرهابى آخر. حادث ستريتهام لن يكون الأخير، ولندن لن تكون العاصمة الأوروبية الوحيدة، وداعش لديها رغبة فى إظهار قوتها مرة أخرى، ولديها دعم من كل التيارات المتشددة، والتحرك الجدى والتعاون الدولى لمكافحة الأفكار الإرهابية وملاحقة الشبكات الاجتماعية المرتبطة بها وتجريم تلك الأفكار على مواقع التواصل الاجتماعى هى السبيل الوحيد لوقف طابور طويل من المراهقين الذين لا يرون فى الدول التى منحتهم الجنسية الأوروبية سوى حفنة من تراب عفن ولديهم اقتناع بأن القتل هو طريقهم للجنة.