الخميس 19 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى ذكرى ميلاده

«مصطفى أمين».. عاشق الحب والصحافة

«الذين لم يعرفوا طعم حب أمهاتهم لم يذوقوا أحلى شهد خلقه الله، والذين لم يستمتعوا بحب نسائهم كالذين لم يذوقوا السكر، والذين لم يحسوا بحب الأصدقاء كالذين يشربون دائما من البحر المالح.. ينادون بمجانية التعليم ومجانية الدواء وينسون أن يضيفوا إليها مجانية الحب يوم يصبح الحب كالماء والهواء لكل الناس بلا ثمن»..هكذا كانت حياته مع الحب وللحب وبالحب عاش ورحل.. لهذا لم يكن غريبا أن يجعل للحب عيداً يحتفل به المصريون فى الرابع من نوفمبر وتحل ذكرى ميلاد أبو الصحافة العربية مصطفى أمين تفصلها  أيام من عيد الحب العالمى ..  



ولد التوءم مصطفى وعلى أمين فى 21 فبراير 1914، كان والدهما أمين أبو يوسف محاميا كبيرا، أما والدتهما فهى ابنة أخت الزعيم سعد زغلول، ومن هنا انعكست الحياة السياسة بشكل كبير على حياة الطفلين حيث نشأ وترعرعا فى بيت زعيم الأمة.سافر مصطفى أمين إلى أمريكا لإكمال دراسته فالتحق بجامعة جورج تاون، ودرس العلوم السياسية، وحصل على درجة الماجستير فى العلوم السياسية مع مرتبة الشرف الأولى عام 1938، ثم عاد إلى مصر وعمل كمدرس لمادة الصحافة بالجامعة الأمريكية لمدة أربع سنوات.

روزاليوسف 

كانت الصحافة هى العشق الأول لمصطفى أمين وكذلك شقيقه، وبدأ العمل بها مبكراً وذلك عندما قدما معاً مجلة «الحقوق» فى سن الثمانى سنوات، والتى اختصت بنشر أخبار البيت، تلا ذلك إصدارهما لمجلة «التلميذ» عام 1928، وقاما فيها بمهاجمة الحكومة وانتقاد سياساتها، فما لبثت أن تم تعطيل إصدارها، أعقبها صدور مجلة «الأقلام» والتى لم تكن أوفر حظاً من سابقتها حيث تم إغلاقها أيضاً.

فى عام 1930 انضم مصطفى للعمل بمجلة «روز اليوسف»، وبعدها بعام تم تعيينه نائباً لرئيس تحريرها وهو ما يزال طالباً فى المرحلة الثانوية، وحقق الكثير من التألق فى عالم الصحافة، ثم انتقل للعمل بمجلة «أخر ساعة» والتى أسسها محمد التابعي، وكان مصطفى أمين هو من اختار لها هذا الاسم.

كان مصطفى أمين صحفياً بارعاً يعشق مهنته يتصيد الأخبار ويحملها للمجلة، يتمتع بقدر كبير من الإصرار والمثابرة، ويسعى وراء الخبر أينما كان، وكان أول باب ثابت حرره بعنوان «لا يا شيخ» فى مجلة روز اليوسف. وهو الذى قدم إحسان عبد القدوس لمحمد التابعى بعد أن اختلف إحسان مع والدته السيدة فاطمة اليوسف وترك مصطفى أمين آخر ساعة إلى دار الهلال.

وقد أصدر مصطفى أمين عددا من المجلات والصحف منها «مجلة الربيع « و»صدى الشرق» وغيرها والتى أوقفتها الحكومة نظراً للانتقادات التى توجهها هذه المجلات والصحف إليها.

أخبار اليوم

شهد عام 1944 مولد جريدة «أخبار اليوم» بواسطة كل من مصطفى وعلى أمين، وكانت هذه الجريدة بمثابة الحلم الذى تحقق لهما، وبدأ التفكير بها بعد استقالة مصطفى من مجلة «الاثنين» حيث أعلن عن رغبته فى امتلاك دار صحفية تأتى على غرار الدور الصحفية الأوروبية، وبالفعل ذهب مصطفى أمين إلى أحمد باشا رئيس الوزراء ووزير الداخلية ليتحدث معه فى الصحيفة الجديدة، وطلب منه ترخيص لإصدار صحيفة سياسية باللغة العربية باسم «أخبار اليوم»، وبدأ مصطفى فى اتخاذ الإجراءات القانونية لإصدار الصحيفة فى 22 أكتوبر 1944، وجاء يوم السبت 11 نوفمبر ليشهد صدور أول عدد من «أخبار اليوم»، وقد حققت الصحيفة انتشاراً هائلاً، وتم توزيع عشرات النسخ منها مع صدور العدد الأول، وقد سبق صدورها حملة دعاية ضخمة تولتها الأهرام، وقد قام الأخوان أمين بعد ذلك بشراء مجلة «أخر ساعة» عام 1946 من محمد التابعي.

أمين وثورة يوليو

بداية علاقة مصطفى وعلى أمين  بسلطة ثورة23 يوليو عام 1952 كانت الاعتقال يوم الأربعاء 23 يوليو عام 1952 ولكن مساء يوم26 يوليو عام 1952 لم توجه لهما السلطة الجديدة أى اتهام وخرجا يمارسان العمل فى أخبار اليوم.

كان لمصطفى أمين  الصحفى الجسور مصطفى رشدى  أثناء فترة العدوان الثلاثى فى أكتوبر عام 1956. حيث ظل رشدى داخل بورسعيد وحمل آلة تصوير مصورا مشاهد من داخل جبهة القتال تفضح بشاعة العدوان وتسلل فى ليل دامس فى ملابس صياد وغاص فى بحيرة المنزلة. ووصل إلى دار أخبار اليوم فى الفجر وسلم أفلام الدمار إلى «مصطفى وعلى أمين» وبأمر من القيادة حمل مصطفى أمين هذه الصور النادرة وطار بها ووزع الصور على كبرى صحف العالم لتنشر على صدر صفحاتها الأولى بفضح العدوان الثلاثى للحلفاء الثلاثة إنجلترا وفرنسا وإسرائيل.

عندما ساءت العلاقات بين مصطفى أمين وعبد الناصر وغيره من القيادات قبض عليه وصدر الحكم بسجنه 9 سنوات قضاها مصطفى أمين فى السجن وقضاها على أمين خارج مصر.

أمين روائيا

صدر لـ «أمين» العديد من الروايات بعضها حملت  تجربته القاسية فى المعتقل السياسى فى تسعة كتب هى سنة أولى وثانية وثالثة ورابعة وخامسة سجن وكذلك روايات هى «صاحب الجلالة الحب« و»صاحبة الجلالة فى الزنانة»، تحولت روايته سنة أولى حب» إلى فيلم ثم تحولت رواياته (لا) و(الآنسة كاف) إلى مسلسلات إذاعية ثم تليفزيونية، كما قدم للسينما أفلام (معبودة الجماهير) و(فاطمة).

 صدرت رواية الآنسة كاف عام1985، وعرض فيها الكاتب لانعكاس معارك الحرب العالمية الثانية على الحياة السياسية والعسكرية والاجتماعية على مصر المكبلة بمعاهدة 1936 مع انجلترا.

 أما رواية «لا» كتبها من وحى السجن، ويعنى بـ «لا» رفض التبعية والخنوع، وراويها قابع بزنزانة ثلاثة أمتار فى مترين، ويحلق فى دنيا بلا حدود باتساع حلم الحرية.تلاها بثلاثية سنة أولى وثانية وثالثة سجن.

 ثم ظهرت «سنة أولى حب» التى يطلعنا من خلالها مصطفى على أسرار السياسة المصرية فى ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين بأسلوب صحفى وقصصي، يتسم بسلاسة وتشويق. ويتبعها بـ «سنة أولى حب» لتحكى قصة حب وكفاح وصراع وعذاب ومتعة، وتتشكل صور يلمح القارئ من خلالها صورة المجتمع المصرى فى ذلك الوقت بصراع طبقاته. قصة حب يحمِّلُها مصطفى أمين الكثير مما أراد الحديث عنه من هموم السياسة فى ذلك الوقت.

 أما رواية «صاحب الجلالة الحب»والتى  تدور أحداثها فى قلب القاهرة أثناء حرب فلسطين عام 1948، فى عمارة تجمع شقة الضابط المتفانى الذى فقد أصابعه العشرة من أجل تحرير فلسطين، مع جرسونيرة المسئول الكبير، وشقة موظف يعرف أخبار البلد من صفحة الوفيات، وغيرهم من أطياف مجتمع ما قبل الثورة، مجتمع ما قبل الثورة هذا كان الهدف الأول الذى يوجه له «مصطفى أمين» سهامه الأدبية، وكان يراه سببا فى الهزيمة بحرب فلسطين. وتأتى رواية «الآنسة هيام»والتى  تدور حول هيام التى أشعلت مشاعره التى تصور أنها انطفأت تماما منذ زمن بعيد، ويعيش معها كل المتناقضات.