
رشدي أباظة
«تنجيد» الخطاب الدينى!
صنعت المؤامرات على الدولة كيانًا موازيًا يظهر عليها من حين لآخر وهو الأزهر. منذ أن صنع لنفسه نصًا دستوريًا فى دستور جماعة الإخوان وهو يناوئ المصالح العليا حتى صار عقبة حقيقية أمام المصالح المرسلة بدعوى الحفاظ على التراث!
كانت اللحظة التى ظهر فيها شيخ الأزهر د.أحمد الطيب مستقويًا بجمهوره من أصحاب العمائم على ممثل الدولة المدنية د.محمد الخشت إحدى تجليات ظهور دولة الأزهر على الدولة المصرية! كانت إيذانًا بظهور الأزهر كيانًا مستعليًا بذاته على الدولة.
نحن إذن أمام خيارين الأول أن تكون متطرفًا أزهريًا أى منحاز لمؤسسة الأزهر فوق انحيازك للدولة.. والثانى أن تكون متطرفًا دينيًا!
فى الوقت الذى تدعو فيه الدولة لتجديد الخطاب الدينى فإن ما يتم تنفيذه فعلًا هو عملية «تنجيد للخطاب الدينى» أى إعادة طرح نفس المضامين بنفس هياكلها الفكرية مع تغيير شكلى طفيف من أجل التماشى مع مستجدات الإعلام .. وهنا تظهر المفارقة لأن من تكلم عن استخدام «الشوكة والسكينة» باعتبارها مفهوم الحداثة عنده هو نفسه من يظهر فى التليفزيون بانتظام على الرغم من أن جهاز التليفزيون هو أهم مظاهر الحداثة!
والحقيقة أن استقبال هذه المؤسسة العريقة لدعوات التجديد يتم من منطلقين:
١- نحن شيوخ ومشايخ لا نأخذ تعليمات من أحد
٢- التجديد أمر إلهى، حيث يبعث الله على رأس كل مائة عام داعية للتجديد.. وبالتالى ليس هناك أى دور بشرى سوى انتظار هذا «المهدى المجدد» دون أن نحدد إطارًا زمنيًا لبدء حساب القرن المنتظر!
أى أنه ليس هناك إجابة للسؤال متى ستبدأ المائة عام المنتظرة.. وهل بدأت بالفعل أم لا؟
وحتى نحصل على الإجابة فإنه ليس هناك أى دور بشرى سوى «التنجيد» ثم إعادة «التنجيد».. وهكذا!