الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
دلع «شادية»

دلع «شادية»

البنت «الدلوعة  «، بملامحها الجميلة، وعيونها الشقية، ورقة صوتها، ورشاقة قوامها، التى تجرى بالوردة خلف حبيبها تغنى لها وله، وتشاغله، وتنجح فى إيقاعه بشباكها فى نهاية المطاف، ليجد نفسه هائما فى براءتها. هذه هى «شادية» على الشاشة.. «فاطمة شاكر» التى ذبنا فيها عشقا ،عاشت بوجهين طوال عمرها .. وجه نراه ونعرفه ونحبه.. ممثلة جميلة موهوبة، ومطربة يأخذنا صوتها العذب للسماء . ووجه آخر لم نعرفه إلا بعد رحيلها ..ملائكى وبشوش،  بركان من الخير مازال ينفجر حتى اللحظة . «معبودة الجماهير».. خصصت مبلعا شهريا كبيرا لكل الطلبة الوافدين من إفريقيا للدراسة فى الأزهر .. الحكاية كشفها طالب أزهرى سابق من دولة نيجيريا فى بوست على الفيسبوك. الطالب قال: «من سنين كتير فاتت ومن اللحظة الأولى اللى وصلت فيها مصر للدراسة فى الأزهر الشريف وأنا شايل الهم.. الحقيقة إن أهلى كلهم كانوا شايلين الهم مش أنا بس!. فكرة السفر من نيجيريا والحضور لمصر للتعلم كانت رحلة محفوفة بالمخاطر بسبب ضعف الموارد المادية لأسرتى، واللى كنت بساهم بجزء كبير منها لما كنت بشتغل فى واحد من مصانع مدينتنا.. بس والدى أخد القرار الصعب..»زين» لازم يتعلم فى مصر.. فى الأزهر الشريف. لما وصلت مصر فوجئت بالظروف المعيشية الصعبة اللى هتواجهنى، وفى نفس الوقت المبلغ اللى باقى معايا يادوب هيكفى كام يوم بس.. أجرت غرفة فى فندق متواضع وبسيط.. ضغطت نفسى ومصاريفى على قد ما أقدر.. كان أكلى كل يوم رغيفين عيش وكام قرص طعمية من عربية فول «عم سيد العفى» فى الغورية. الفلوس كانت بتتناقص تدريجياً، وكان ضرورى البحث عن مصدر رزق يساعد معايا.. سألت طالب نيجيرى زميل فى الأزهر تعرفت عليه عن شغلانة يقدر يرشحنى أو يدلنى عليها.. قال لى وتشتغل ليه!.. إنت جاى تدرس ولا تشتغل!.. قولت له أومال هصرف منين!.. رد: سيبنى أشوف وهقول لك.. تانى يوم مباشرة أخدنى من إيدى وودانى لواحد قال إنه اسمه «أحمد».. اتعرف عليا وقال لى: أنت هتدرس وتذاكر ومالكش دعوة خالص يا «زين» لا بالسكن ولا بالمصاريف.. سألته: إزاى؟.. قال: الحاجة «شادية» متكفلة بكل حاجة.. مين الحاجة «شادية»!.. عرفت بعد كده إنها الفنانة الجميلة «شادية».. طيب وهى «شادية» بتعمل كده ليه!.. سألت زميلى وإحنا راجعين من مقابلة «أحمد».. رد: مش معاك أنت بس هى بتعمل كده مع ناس كتير فى الأزهر وغيره.. ربنا يباركلها. كانت بتدفع مصاريف السكن لشباب كتير جايين يتعلموا فى مصر.. وكانت بتديهم مصروفا شهريا يكفيهم حوجة السؤال.. استمر ده معايا شهر واتنين وتلاتة.. بعدها كانت ظروفى بدأت تتحسن  وبدأت أتعود على الأجواء فى مصر وبقى عندى مساحة وقت إنى أشتغل.. رحت قابلت السيد «أحمد» اللى كنا بنتعامل معاه من طرفها.. المفروض إنى كنت رايح فى ميعاد استلام الشهرية بتاعتى واللى كان متعود يبعته لغاية السكن عندى كل شهر بس هو فوجىء بيا عنده!.. قال لى إن الشهرية فى طريقها للسكن بتاعك يا «زين»!.. قلت له إنى جاى النهاردة عشان أقول لك إنى مش محتاج الشهرية تانى وإنى من بكره هستلم شغل جنب دراستى وبشكره هو والحاجة «شادية» على وقفتكم معايا الفترة اللى فاتت.. قلت له كمان إنى ملتزم كل شهر أسدد جزءا من ديونى ليها من مرتبى.. رفض وقال لى مستحيل وشهريتك هتفضل توصل لك لحد ما تتخرج!.. صممت.. رفض  وقال لى إنها هى نفسها مش هتوافق.. قلت له إنى ماتعودتش آكل بلاش أو حد يصرف عليا، وكده كده الأزهر بدأ يساعدنى كطالب مغترب.. رد: ومين قال لك إن هى مش هتاخدهم!، هتاخدهم بس مش يداً بيد.. سألت: أومال؟.. قال: لما تتخرج وتشتغل إبقى إعمل بيهم خير وساعد حد غيرك، هى كده هتبقى مبسوطة أكتر.. انتهى الحوار هنا ورفض إنى أستمر فى المقاوحة.. عدت السنين وخلالهم كان امتنانى ومحبتى للست دى بيزيدوا.. وكان دايماً السؤال اللى شاغلنى هى بتجيب الفلوس دى كلها منين!، وإيه اللى يجبرها تساعد ناس كتير ماتعرفهمش بالشكل ده!.. فى آخر سنة اتعرفت على أخت صديق نيجيرى عايشين فى مصر وقررت أخطبها.. رحت اتكلمت مع أخوها ووالدها ووافقوا.. حكيت على ظروفى زى ما هى بالظبط بدون تجميل ولا تزويق.. قبلونى زى ما أنا.. تانى يوم الخطوبة لقيت ظرف جاى على عنوان سكنى فيه فلوس ومكتوب فيه «الحاجة بتقول لك مبروك وربنا يتمم على خير يا زين».. «شادية» تانى!.. الامتنان والمحبة بيزيدوا والله يا ست.. هذا هو الوجه الثانى الحقيقى للدلوعة معبودة الجماهير .. الوجه المستمر فى عمل الخير حتى اليوم .. فكانت كلما تخرج شاب وأراد أن يرد الجميل توصيه أن يتبرع بجزء من دخله ليتعلم غيره . هى نفسها شادية التى  احتوت «نادر عماد حمدى» وظلت لآخر يوم فى حياتها تعامله كابن لها وترسل له الهدايا والأموال رغم انفصالها عن والده.