
حازم منير
إلى أين يذهب هذا الرجل؟
قصص ظهور وأفول الرموز والقادة فى التاريخ عديدة ومتنوعة، لكن هذا الرجل يمثل ظاهرة غريبة، تحتاج إلى التوقف والتبين، إذا كان ما فعله فى بلاده طبيعيا، أم أنه منح الأولوية لطموحه وأحلامه، فاصطحب بلاده معا إلى مصير مؤلم.
أردوغان حاكم قادر على خسارة أنصاره وحلفائه فى لحظات، لمجرد أن أحدهم اختلف معاه، أوطالبه بتصحيح مسار، أو تغيير سياسات، وهولا يتباحث ولا يناقش، وإسنما هويختصم ويصارع، وأحيانا يتصادم ويقاتل.
الخطابات الأخيرة فى التجمعات الحزبية، واللقاءات الشعبية الأخيرة بين أنصاره، أوضحت مدى التوتر والقلق الذى أسصاب الرجل جراء تراجعاته، واتساع دائرة الحصار التى يعانى منها على مختلف الأصعدة داخليا وخارجيا.
قبل يومين فقط خسر الجيش التركى 34 قتيلا فى مواجهة واحدة مع الجيش السورى، وهى واقعة تعكس دلالات ومعانى كثيرة، خصوصا أن قتلى الجيش التركى، قضوا فى صدام على الأراضى السورية، فتركيا دولة معتدية ومحتلة لأراضى الغير، وقتل جنودها عملية تحرر شرعية وفقا للقانون الدولى، لا يمكن ولا يجوز إدانتها.
الرجل يواجه ضغوطا داخلية شديدة، المعارضة طالبت دعوة البرلمان للانعقاد، والمعارضة التركية لها ثقلها الشعبى الضخم، وهى تمكنت من إطاحة أردوغان وحزبه فى انتخابات أسطنبول الشهيرة التى تابعها العالم كله، ولكن يبدو أن أردوغان آثر الهروب، فرفض حزبه صاحب الأغلبية فى البرلمان عقد الجلسة التى طالبت بها المعارضة، و الرفض هنا له دلالته، فالمؤكد أن حزب الرجل يخشى ولا يرغب فى مواجهات سياسية جديدة.
مع تصاعد الخسائر التركية العسكرية فى سوريا وفى ليبيا التى شهدت سقوط قتلى أيضا، يواجه أردوغان ضغوطا أوروبية، وهى ضغوط تتلعق بملفات عدة، منها أزمة غاز اليونان وقبرص فى شرق المتوسط، وأزمة التصعيد العسكرى فى إرسال قواته إلى ليبيا، وأزمة المهاجرين، أو صندوق السحر الأسود، الذى يحتفظ به الرجل، وينفق عليه أموالا، ليفتحه ويهدد به أوروبا، ويتيح للمهاجرين الهروب إلى داخل الأراضى الأوروبية، بما يمثله ذلك من تهديد للمصالح والأمن الأوروبى .
الحاصل أن الرجل تحول من حاكم تركيا، الحليف للأوروبيين والأمريكان، وصاحب المكان المهم داخل حلف الناتو، إلى عنصر ضاغط ومهدد للمصالح الأوروبية والأمريكية، ومتسبب فى إثارة توتر وإشعال حرائق فى مناطق عدة من الشرق الأوسط، وهى كلها عناصر تؤدى إلى خسارته الكثير والكثير من عناصر القوة والنفوذ الإقليمى،، لأن ما يتحقق بالقوة العسكرية بات يتسبب فى أزمات أكثر عمقا من حلول المشاكل.
المواجهة الروسية التركة تمثل أزمة حقيقية لأردوغان، فروسيا أصبحت عنصرا مهما فى الاقتصاد التركى، وباتت أنقرة تعتمد فى كثير من ملفاتها الدولية على التوازن العالمى بين روسيا وأمريكا، ويظل ملف دعم تركيا لجماعات وتنظيمات الإرهاب فى سوريا مثل النصرة وغيرها عنصر خلل مهم فى العلاقات بين البلدين، والأداة الكفيلة بإثارة مشاكل جادة وحقيقية فى العلاقات بين البلدين.
المؤكد أن طريق أردوغان للمستقبل لم يعد واضحا .