الموت على الطريقة الإلكترونية

ساعدت شبكات التواصل الاجتماعى على انفصال الفرد عن أسرته وأصدقائه ومجتمعه وساعدت على توحده مع أشخاص وجهات مجهولة المكان والنوايا حيث يكون الهدف فى أحيان كثيرة مرتبط  باستقطاب سياسى أو دينى مع تغيير فى المفاهيم والمعتقدات ومنظومة القيم والعادات والتقاليد والأذواق أيضا. ولكن ليس هذا كل شىء فمجرد إدمان تلك الشبكات يؤثر سلبا على الاستيعاب والتواصل والنوم والهضم والصحة البدنية والنفسية بشكل عام. من أخطر تبعات هذا الإدمان أن يؤدى بصاحبه إلى الموت... سواء عن طريق محاولة الحصول على صورة سيلفى مميزة... من فوق جبال أو على سور بناية مرتفعة... أو الموت نتيجة الانشغال بالهاتف المحمول أثناء القيادة. فى الماضى وقبل انتشار شبكات التواصل الاجتماعى بدأت قوانين المرور فى تجريم التحدث فى المحمول أثناء القيادة إلا باستخدام سماعة للأذن... بالطبع هذا أقل ضررا من عدم استخدام السماعة الا أن الخطورة لا تزال موجودة فربما يتلقى قائد السيارة خبرا سيئا أو تحدث مشادة بينه وبين من يتحدث معه تخرجه عن صوابه أو تركيزه وقد تؤدى به إلى التصادم....قوانين المرور تركز على السرعة الزائدة والسير عكس الاتجاه وعدم ارتداء حزام الأمان أكثر مما تركز على التحدث فى المحمول أثناء القيادة وهى الحالة التى لا تخطأها عين من يقود سيارته فى الشوارع أو على الطرق السريعة... فتجد دائما سيارة تسير ببطء شديد... أبطأ من سرعة الطريق ومن متوسط سرعة السيارات من حوله... لا يلتزم بحارة مرورية ففى أغلب الأحيان يسير بين حارتين مترنحا وربما ينحرف يمينا أو يسارا بدون وعى للطريق على الاطلاق.... عندما تمر بجواره ستجده يتحدث فى الهاتف المحمول.... عندئذ تعرف سبب هذه القيادة الناعسة الكارثية. أتذكر تجربة عملية لقياس التركيز فى القيادة أثناء التحدث فى الهاتف حيث أشارت التجربة إلى أن قائد السيارة يفقد نحو80% من تركيزه. هذا كان فى عصر ما قبل شبكات التواصل الاجتماعى.... حاليا أن مررت بجوار تلك السيارة الشاردة ستجد صاحبها يبتسم لشاشة المحمول الذى يمسكه بيد ويتجول فى الصفحات بأصبع من يده الثانية... ينظر إلى الطريق مرة وإلى شاشة الهاتف مرات ومرات فى الدقيقة الواحدة. تشير إحصائيات المجلس الوطنى للسلامة بالولايات المتحدة الأمريكية إلى أن حادثة من كل أربع حوادث فى الولايات المتحدة الأمريكية  تكون ناجمة عن استخدام الهاتف أثناء القيادة أى نحو 1.6 مليون حادثة سنويا مخلفة نحو 390 ألف حالة إصابة وتشير الإحصائية أيضا إلى أن الكتابة أثناء القيادة تسبب الحوادث 6 مرات أكثر من القيادة تحت تأثير الخمر. أتمنى أن ننتبه إلى خطورة الأمر ونستمر فى التوعية لخطورته وأيضا تشديد العقوبات المرتبطة بهذا النوع من المخالفات.