مرسى قاد البلاد للفوضى.. وسعى لهدم كيان الدولة
مصطفى بكرى يروى حكايات ونوادر الإخوان فى زمن الحكم والسلطان الحلقة الحادية عشرة

فى فصل جديد من كتابه، قال مصطفى بكري:» الوطن فى أزمة والرئيس لا يبالى لقد أطاح بكل شىء الدستور والقانون، حنث بالقسم، وأصدر إعلانًا دستوريًا باطلًا، احتكر بمقتضاه جميع السلطات، أطاح بالسلطة القضائية والنائب العام وحصن مجلس الشورى والجمعية التأسيسية، وأعلن نفسه الآمر الناهى دون أن يكون للشعب وسلطاته حق الاعتراض، مضيفاً:» لم تعد هناك خطوط حمراء رفض جميع التحذيرات لم يستمع حتى لرأى مستشاريه المقربين لم تكن تلك هى الأزمة الأولى، فمنذ توليه السلطة والوطن يعيش الأزمات، تفرغ نظامه لتصفية الحسابات والتلصص على الناس، ونسى أو تناسى أن عليه مهام جسام، وأن الوطن مهدد بالانقسام، وأن ثورة الجياع باتت قاب قوسين أو أدنى!!، وحول الرئيس جوقة من الفشلة والمغرضين يبررون ولا ينصحون كل همهم السيطرة على مصر، وقمع المعارضين، بل التحريض على تلفيق الاتهامات والإساءة لسمعة كل المخالفين. وتابع: «يبدو أن الرئيس بات سعيدًا بمشورتهم وهو لا يريد أن يتعلم الدروس، ويرفض حتى مراجعة الذات، فى ستة أشهر استطاع الرئيس أن يحدث الانقسام والصراع المجتمعى الذى سيقود البلاد للحرب الأهلية والخراب، أصبح المصريون فى صراع وأزمات ومعارك صباحًا ومساءً، انتقلت المعارك من الغرف المغلقة للشوارع، استخدمت فيها أسلحة السلاسل والسيوف والشوم، وغدا ستزداد حدة الصراع، ومع أول رصاصة تنطلق، ستدخل البلاد الى مرحلة خطيرة لا نعرف كيف تنتهى!!، موضحًا:» لقد حنث الرئيس بالقسم على احترام الدستور والقانون، وأصبح فى نظر العديد من أساتذة القانون فاقدًا للشرعية، ومن ثم باتت البلاد أمام تحديات خطيرة وتوقعات صعبة، بين رئيس يرفض التراجع، تسانده فى ذلك جماعته وفصائل إسلامية عديدة، وبين جميع القوى السياسية الأخرى تساندها فئات شعبية عريضة، ومع إصرار الرئيس على مواقفه، والتهديدات التى تطلقها جماعته بإعلان الجهاد ضد المعارضين تصبح البلاد أمام وضع خطير، يستوجب تدخل المحكمة الدستورية العليا، لتصدر الحكم الحاسم فى مدى شرعية الرئيس، بعد أن حنث بقسمه أمامها على احترام الدستور والقانون». وأضاف:» إن اصرار الرئيس على نهجه الاستبدادى لن يقود البلاد إلى الفوضى وحسب، بل سيهدم كيان الدولة وهو ما تسعى إليه القوى المعادية لمصر، التى تدرك استحالة التقسيم على الأرض، لكنها حتمًا ستسعد كثيرًا بتقسيم المجتمع إلى فئتين متصارعتين بما يؤدى إلى نشوب الحرب الأهلية التى تهدد الوطن بأسره!!، أذكركم هنا بمخطط «كونداليزا رايس» عن الفوضى الخلاقة، وعن تفجير المتناقضات الكامنة، التى تؤدى فى نهاية الأمر إلى انهيار وحدة الشعوب والأوطان وهنا تأتى الاجابة عن السؤال المطروح: لماذا تصمت أمريكا على هيمنة الرئيس وعصفه بالحريات، فى حين وقف «أوباما» وبكل قوة ضد الرئيس السابق حسنى مبارك حتى بعد أن أبدى استعداده للتخلى عن جميع سلطاته إلى نائبه عمر سليمان!، إن الأيام القادمة حاسمة فى تاريخ هذا البلد، كما أن كل الخيارات باتت مفتوحة، مما يستوجب من كل الحريصين على وحدة واستقرار هذا الوطن، أن يجهضوا المخطط الرامى إلى التفتيت وتزكية الصراعات، وأن نعود جميعًا للاحتكام إلى الدستور والقانون وأن يتم التوقف فورا عن هذا العبث الذى أهدر مبادئ الثورة، وأعادنا إلى أكثر العصور استبدادية فى شهور قليلة فقط».
واستطرد:«أكاد لا أصدق هذا المشهد، إنه أقرب إلى الكابوس» بعد وصلة الشتائم والتشهير واستباحة الأعراض، زحف المئات إلى هناك، إلى مبنى المحكمة الدستورية، لقد قرروا منع القضاة بالقوة من الدخول لساحتها، لنظر القضايا وإصدار الأحكام، لا تقولوا لى إن الأمر جاء بمحض المصادفة، الأمر مخطط له منذ أسبوع مضى، باءت كل الحيل بالفشل، ولم يعد سوى منطق القوة، هكذا قررت الجماعة، وهكذا وافق الرئيس، كأنها مؤامرة مكتملة الأركان، لم يعد هناك احتكام لدستور أو قانون، لم تعد هناك قيم أو أعراف، لقد مهدوا الطريق قبل ذلك بالتشهير والتهديد، أطلقوا لجانهم الإلكترونية دفعوا بعناصرهم لتشكك فى الأحكام، وتتجاهل الحقائق، وتطلق الأكاذيب، الحملة بدأت باعتداء الرئيس شخصيًا على حكم المحكمة بحل مجلس الشعب، وقبلها بتردده فى القسم أمامها على احترام الدستور والقانون!!». وأردف:» لم يكن الرئيس بعيدا، لقد وصل به الحال للتشهير فى خطابه أمام جماعته فى الاتحادية ببعض قضاتها الأجلاء، لقد ساق معلومات خطيرة وعندما طالبته المحكمة بتقديم الأدلة، تجاهل الأمر ولم يقدم شيئًا بل راح يعطى إشارة البدء للانتقام الكبير منها، وجاء مشروع الدستور المطروح على الاستفتاء لينكل بالمحكمة، فبعد أن كانت هيئة قضائية مستقلة، أصبحت جهة قضائية بعد أن كان قضائيها فى دستور 71 غير قابلين للعزل، أصبحوا لعبة فى يد السلطان، وبعد أن كان تشكيلها مكونا من 19 عضوا أصبحوا من رئيس وعشرة أعضاء فقط، رغم أن تشكيل الدائرة الواحدة لا يقل عن سبعة أعضاء، أى أنه إذا قام أحد المدعين برد الدائرة التى تنظر إحدى الدعاوى فلن يجدوا له دائرة أخرى بديلة، وبذلك تعجز المحكمة عن أداء دورها، كثيرة هى السلبيات التى تضمنها باب السلطة القضائية فى مشروع الدستور الجديد، وتحديدًا ما يخص المحكمة الدستورية فيها، إلا أن كل ذلك لم يعد كافيًا ولذلك جرى تنفيذ خطة الحصار والترهيب لمنع قضاتها من نظر قضيتى حل مجلس الشورى وحل الجمعية التأسيسية». وقال بكري:» زحفت الجماهير المحمولة بالباصات والميكروباصات التى جاءت بهم من كل حدب وصوب، حاصروا المحكمة ومنعوا دخول القضاة، كانت مهمة قوات الأمن محصورة فقط فى حماية المبنى، لم يكن المشهد غائبًا عن الرئيس وجماعته، لقد كانت الفضائيات تنقل البث مباشرة من أمام المحكمة بالمعادى، وكان الرئيس يتابع لكنه صمت وبدا وكأنه موافق تمامًا على ما يجرى لقد كان بإمكانه أن يعلن رفضه وأن يطلب من قواته تأمين دخول القضاة، لكنه لم يفعلها، وبعد نجاح المخطط وإعلان المحكمة تعليق جلساتها، صدر بيان هزيل لا يُسمن ولا يغنى من جوع!! هكذا كانت «الفضيحة» أمام الرأى العام بالداخل والخارج قضاة أعلى محكمة فى مصر يمنعون من الدخول بتعليمات عليا، ليس مهما ردود الأفعال وبيانات الاستنكار وحملات الإدانة التى ستصدر من الداخل أو الخارج، ليس مهما إهانة هؤلاء القضاة الأجلاء، والإساءة لجميع الهيئات القضائية، المهم هو إسكات صوتهم ومنعهم بالقوة من نظر القضايا وإصدار الأحكام!! الأمر لم يقتصر على ذلك بل صدرت التعليمات بإقامة الخيام حول مبنى المحكمة لمنع أى من القضاة من الوصول لساحتها فى غفلة، وبذلك يفشل المخطط، لذا كان الاتفاق بحصار المحكمة لما بعد الاستفتاء على الدستور، لقد كانوا يعرفون أن الرئيس سعيد بهذه الأفعال، بعد تمهيده بمواقفه وتحريضه على المحكمة، ولذلك راحوا يناشدونه «ادينا الإشارة.. ونجيبهم لك فى شيكارة» أى أنهم فى انتظار إشارة الرئيس للقبض على قضاة المحكمة وشحنهم فى أجولة وإرسالها له»، أى إهانة تلك وأى إرهاب هذا فى مواجهة أعلى محكمة قضائية فى مصر!! لقد أصبح كل شيء مستباحًا فى الوقت الراهن، حكم لا يستند لدستور أو قانون، رئيس يمسك بكل السلطات، تهديد وإرهاب لكل من يتعارض مع مصالح السلطة فى فرض الاستبداد والديكتاتورية، لم يبق فقط سوى إعطاء إشارة البدء بقتل المعارضين فى الشوارع!!». وتابع:» لقد كشف النظام عن وجهه سافرًا أسقط كل الشعارات التى كان ينادى بها رموزه فى أوقات سابقة، بدأوا فى إعلان الحرب على الجميع، حرب تستخدم فيها كل الأدوات وكل المحرمات، لم يعد يخيفهم شىء، أصابهم الكبر والغرور، وتلك هى بداية النهاية مهما امتلكوا من أدوات ومهما أسالوا من دماء، ومهما شرعوا من قوانين ودساتير الهيمنة على البلاد وتركيع العباد!!».
وأكد بكري:» بعد أحداث الاتحادية، قرر مكتب الإرشاد تأديب الإعلاميين والانتقام من مدينة الإنتاج الإعلامى والفضائيات التى تضمها والعاملين بها، لقد قرر خيرت الشاطر إسناد الأمر للشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل وتنظيم “حازمون” التابع له، خاصة بعد قيام الإعلان المصرى بإحراج جماعة الإخوان، ونقل وقائع اعتداء ميليشيات الإخوان على المتظاهرين ضد الإخوان حول قصر الاتحادية، متابعًا:» فى هذا الوقت تجمع المئات من أنصار أبوإسماعيل أمام المدخل الرئيسى لمدينة الإنتاج الإعلامى، جاءوا وكأنهم مقبلون على معركة كبرى ضد «كفار» قريش، وبعضهم كان مسلحًا بأسلحة خفيفة، ثم سرعان ما صدرت إليهم الأوامر بالانتشار، لبّوا الأمر بالسمع والطاعة احتلوا الأماكن المؤدية للمدينة، فرضوا الحصار لمنع الدخول والخروج منها، والتحقيق مع كل من يحاول الخروج منهم والاعتداء عليه». واستطرد:» بعد قليل وصل الشيخ حازم وبرفقته مجموعة من الأتباع والحراس الأشداء المسلحين بالطبنجات والأسلحة الخفيفة، اقتحم الصفوف، مهتزًا طولًا وعرضًا استقبله الحاضرون بهتافات تندد بالإعلاميين وتتوعدهم وتعلن تأييدها للإعلان الدستورى الانقلابى، ولم يكن أمام الشيخ إلا أن يطلق هو الآخر هتافاته التى راحت تدوى فى أسماع الحاضرين وتحرضهم، وقف بينهم ليقول بصوت عال: «ما جئتم إلا لتطهير الإعلام من الفساد والفاسدين» فرددوا خلفه «وإنا لها لجاهزون»!!». وأردف:» قبل هذه الغزوة كما يحلو لهم تسميتها كان هناك بيان للجماعة السلفية الذى وقعه 15 حزبًا وحركة سياسية قد دعا لمليونية أمام مدينة الإنتاج الإعلامى، ما استدعى من قوات الأمن التواجد أمام المدينة خوفًا من اقتحامها وإحراقها والاعتداء على العاملين فيها، ما أثار غضب الإخوان ضد اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية فى هذا الوقت، والذى أصدر التعليمات للقوات دون الرجوع لمرسى أو مكتب الإرشاد، حيث مضى اليوم الأول فى جو من التوتر، خاصة بعد قيام أنصار أبوإسماعيل بإهانة الكثير من الإعلاميين والعاملين والضيوف». وأضاف:» لقد ظلوا يهتفون «اعتصام - اعتصام حتى تطهير الإعلام» والشعب يريد تطهير الإعلام، ووقف جمال صابر منسق حملة «حازمون» معلقًا على الأحداث التى شارك فيها بالقول يجب أن نوقف الإعلام الفاسد عند حده نظرًا للخراب الذى ألحقه بالبلد، وقال: إن الأزمة الحالية التى تمر بها مصر ليست خلافًا على الدستور لكنه خلاف بين قوى الحق والباطل، وظل الوضع متوترًا حتى وقت متأخر من هذا المساء وقد تداول نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعى صورة لأبو إسماعيل يظهر فيها نائمًا أمام مدينة الانتاج أثناء الاعتصام». واستطرد:» استمر الحصار قرابة أسبوعين بينما رائحة شواء الخراف والإبل كانت قد أزكمت الأنوف فى هذه المنطقة والمناطق القريبة منها وتحديدًا كومباوند الياسمين، و يبدو أن لعبة الحصار أعجبت الإخوان وأنصارهم وقد ظنوا أنها كفيلة بإرهاب الإعلاميين وتخويفهم, ففى 22 مارس 2013 وبعد تصاعد الغضب الشعبى ضد مرسى ونظامه قررت مجموعات حازمون والجماعة الإسلامية والعديد من كوادر الصف الثانى بالإخوان محاصرة المدينة مرة أخرى، وبعد أن حملوا الإعلاميين والفضائيات الخاصة المسئولية عن تدهور الأوضاع وزيادة الاحتقان الشعبى ضد حكم الإخوان، ومنذ البداية بدأوا فى محاصرة المدينة والاعتداء على العاملين فيها وضيوف الفضائيات، وقد قال أحمد الجزار رئيس تحرير برامج فى قناة «أون تى فى» منعونى من الدخول من أكثر من بوابة وحاولوا الاعتداء على أكثر من مرة وقال مصطفى ميزار المعد بنفس القناة: الإسلاميون لا يسمحون لنا بدخول المدينة ولكنهم يسمحون فقط بدخول العاملين فى القنوات الإسلامية». وأوضح:» ومع تطور الأحداث قام أنصار أبوإسماعيل بإغلاق أبواب المدينة بالحواجز والحجارة، وعندما وصل اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية لمدينة الإنتاج الإعلامى مساء الأحد 24/3/2013 لتفقد الحالة الأمنية ردد المعتصمون هتافات معادية للداخلية، وقد سعى المعتصمون للاحتكاك برجال الأمن المركزى الذين حاولوا حماية الإعلاميين، مما اضطرهم لإطلاق القنابل المسيلة للدموع لمنعهم من الاعتداء على الإعلاميين، ومع تصاعد حركة الجماهير ورفضها لحكم الإخوان وحدوث أعمال عنف بالقرب من مكتب الإرشاد بالمقطم فى ديسمبر 2013 قال صفوت بركات الراجحى المنسق العام لحركة حازمون:» إذا تم الانقلاب على الشرعية فى مصر فإنه سيدخل ومن معهم لمدينة الإنتاج الإعلامى وسيعلن بنفسه عن تنصيب الشيخ حازم أبوإسماعيل رئيسا للجمهورية، وأكد أنه إذا ما فكر أحد فى النيل من شرعية الرئيس أو الانقلاب عليه، فلن يجدوا إلا حشودا بالملايين وقال: إنه سيعلن ثورة إسلامية من داخل مدينة الإنتاج وسيطلب البيعة من جميع علماء ووجهاء مصر».