الخميس 1 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
كورونا والذكاء الاصطناعى

كورونا والذكاء الاصطناعى

أتاح لنا عصر المعلومات وثورة الاتصالات أن نقوم بتوصيف أدق للظواهر والأحداث التى تمر بنا مع المحاولات المستمرة لأن يكون التوصيف دقيقًا ومحايدًا بعيدًا عن الانطباعات الشخصية وخاصة فى مرحلة ما بعد التوصيف والتى يطلق عليها مرحلة التحليل Data Analysis. قبل أن ننتقل إلى الحديث عن تحليل المعلومات يجدر بنا الإشارة إلى موقع إلكترونى يقوم بعرض كل الإحصائيات المرتبطة بانتشار فيروس كورونا على مستوى العالم (https://www.worldometers.info/coronavirus/) وحتى كتابة هذه السطور فإن الموقع يشير إلى أن عدد حالات الوفاة حول العالم جراء هذا المرض قد وصلت الى 3287 حالة, فيما وصلت حالات الإصابة إلى 95606 حالات, ويشير الموقع أيضا إلى رقم آخر لايعيره الإعلام الانتباه الكافى ألا وهو عدد الحالات التى شفيت تمامًا من المرض والتى يشير الموقع إلى أنها وصلت إلى 53697 حالة. الموقع يحتوى على العديد من التفصيلات الأخرى المرابطة بتوزيع المرض على دول العالم والخط البيانى الزمنى لانتشار المرض بداية من 22 يناير وهو تاريخ عزل المدينة وحتى الآن. التحليل البسيط للأرقام السالف الإشارة إليها يدلّنا على أن نسبة الوفيات جراء المرض هى فى حدود 3% من إجمالى الإصابات, وللمتخصصين فإن هذه النسبة مقاربة جدًا لنسبة الوفيات جراء الإصابة بالإنفلوانزا العادية Common Flu، وذلك طبقًا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية World Health Organization (WHO) أما معدلات الشفاء من المرض فتصل نسبتها إلى 56% وهى نسبة لا تزال صغيرة ولكنها مرتبطة باستمرار بتسجيل حالات جديدة للمرض وهو الأمر الذى تقوم الحكومات وخاصة حكومة الصين باتخاذ مجموعة من الإجراءات لتحجيم المرض وإيقاف انتشاره. النسبة أيضا مرتبطة بفترة الحضانة للمرض وزمن التعافى والحالة الصحية العامة للمصابين. الإحصائيات الموجودة بنفس الموقع تشير إلى أن 84% من إجمالى الحالات موجودة فى جمهورية الصين ومتركزة فى مدينة ووهان عاصمة مقاطعة هوبى والتى تعتبر سابع أكثر مدينة صينية اكتظاظا بالسكان بحوالى 11 مليون نسمة. الإجراءات المعتادة لمسناها جميعًا ومنها الإرشادات لاستخدام الكمامات والاهتمام بالنظافة وأيضًا الحجر الصحى، وإيقاف رحلات الطيران وتشديد إجراءات الفحص للمسافرين والعائدين, بالإضافة إلى مسابقة الزمن فى إيجاد مصل واق من هذا المرض وتتضافر كل تلك الجهود للحد من انتشار المرض. نظرة سريعة على كل ماذكر فى المقال منذ بدايته حتى الآن يجعله مشابه لما تم من إجراءات فى أى واقعة سابقة خلال عشرات السنوات السابقة مع اختلاف بسيط فى سرعة الحصر والعرض للمعلومات. الجديد المرتبط بتحليل البيانات العملاقة Big Data Analysis والذكاء الاصطناعى AI هو مايعطى هذا الوباء خصوصية فى التناول مختلفة تمامًا عن ما تم فى وباء السارس فى عام 2002 ومن تلك الإجراءات ما يلى: قامت مفوضية الصحة العامة الصينية بمناشدة حكومة الصين للسماح بالحصول على واستخدام بيانات شركات المحمول وخدمات النقل المختلفة «قطارات- سيارات- دفع إلكترونى فى محطات البنزين-...الخ» حيث يتم تحليل كل تلك البيانات للتعرف على من قام بزيارة المدينة قبل وأثناء انتشار المرض ومقارنة أماكن تواجده بالأماكن الأكثر خطورة وتركزًا للمرض فى مدينة ووهان نفسها ويتم أيضًا فحص السجلات الطبية والأعراض المسجلة بها والتى قد تتشابه مع أعراض المرض والأدوية التى يتم صرفها من المنافذ المختلفة. فى الولايات المتحدة الأمريكية تم تطوير برنامج بواسطة خبراء الذكاء الاصطناعى يقوم من خلال تقنيات تعلم الآلة Machine learning بتتبع أى إشارات لأعراض المرض يقوم مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعى أو المتعاملون مع المواقع الإلكترونية وخاصة الطبية وأى مصادر أخرى من خلال متابعة المنشوارات وتحليلها لاستخراج ما قد يكون إشارة إلى إصابة أحد المواطنين بأعراض مشابهة للأعراض التى يسببها المرض. فى الصين قامت العديد من الشركات بتطوير تطبيقات للتليفون المحمول تمكن مستخدميها من الاستعلام عن ما إذا كانوا قد قاموا برحلة على متن طائرة أو قطار تم تسجيل وجود حالات إيجابية بها مع وضع تعليمات لمن يثبت أنه كان على متن تلك الرحلات ليقوم بالتحليل واتخاذ باقى الإجراءات اللازمة. يتم حاليًا الاستعانة بكاميرات تعمل بالاشعة تحت الحمراء فى محطات المترو والقطارات والمطارات, حيث تقوم بعمل مسح سريع وتتمكن من التعرف على الأشخاص عند ارتفاع درجة حرارتهم عن 37.3 درجة مئوية والمكافئة لـ99 درجة فهرنهايت بسرعة تصل إلى فحص 200 شخص فى الدقيقة الواحدة. يتم أيضا استخدام الروبوتات فى الأماكن العامة لتوجيه وتنبيه المواطنين إلى ضرورة ارتداء الكمامات واتباع إرشادات النظافة والتطهير وطائرات الدرون Drone لتصوير المناطق المصابة وأيضًا نقل بعض المستلزمات الطبية لها. هذه التجربة ربما تفتح الباب إلى إعادة النظر فى دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى إدارة الأزمات والكوارث والحد من مخاطرها فلا يقتصر الدور على التجميع والرصد، والعرض والقليل من التحليل بل يتخطاه إلى دمج شبكات التواصل الاجتماعى وتقنيات الذكاء الاصطناعى وتحليل البيانات العملاقة فى مجموعة من الجمل المفيدة لفرق الأزمات المختلفة.