الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
هنـا رأيـت مستقبـل مصــر

مدينة زويل للعلوم

هنـا رأيـت مستقبـل مصــر

قبل أيام، طالعت خبرًا عن فوز طلاب من جامعة العلوم والتكنولوجيا بمدينة زويل بالمركز الثانى فى مسابقة علمية عالمية، متفوقين على طلاب من روسيا وأمريكا وغيرهما، ولأن فكرة بناء الإنسان التى وضعها الرئيس عبدالفتاح السيسى على رأس أولويات فترته الرئاسية الثانية والمرتكزة على صحة الإنسان المصرى وتعليمه تشغلنى وتحتل مرتبة متقدمة من اهتماماتى كمواطن مصرى أولاً وككاتب ثانيا، كان قرارى زيارة مدينة زويل للعلوم لأقف على حقيقة ما تقدمه، وكيف استطاعت فى سنوات قليلة حتى بعد رحيل مؤسسها عالم نوبل «أحمد زويل» الوصول إلى هذه المكانة فى ظل دعم من الدولة المصرية.



بمجرد وصولى إلى مقرها الكبير فى مدينة حدائق أكتوبر شاهدت حرمًا جامعيًا رغم حداثته إلا أنه يتسم بطابع عالمى من حيث تخطيطه وحجم إنشاءاته ومساحته المترامية.

استقبلنى الدكتور «شريف صدقى» - الرئيس التنفيذى للمدينة - وقد أخبرنى الصديق شريف فؤاد مستشار مدينة زويل الإعلامى عنه الكثير حيث وجدت كل هذه الصفات فى الرجل وأكثر.

الرجل عالم مصرى متخصص فى «النانوتكنولوجى» والفيزياء، له العديد من أوراق البحث المنشورة فى دوريات علمية معتبرة وله أيضًا مجموعة من براءات الاختراع وضعته فى مكانة علمية عالمية ناهيك عن قدراته الإدارية المتميزة.

الدكتور شريف صدقى حرص - وأسعدنى ذلك - على تقديم عرض واضح عنوانه ماذا قدمت مدينة زويل للمجتمع خلال السنوات الأخيرة دون إغراق فى معوقات أو تحديات. بدأ عرضه بمكونات المدينة التى تتألف من جامعة للعلوم والتكنولوجيا، مراكز بحثية، ووادى للتكنولوجيا مهمته ربط مخرجات البحث العلمى بالصناعة والمكون الرابع هو مركز التواصل المجتمعى الذى يقدم خدمة لطلاب المدارس والجامعات ويعنى بإطلاعهم على الجديد فى العلم.

توقفت أمام طبيعة الدراسة بالجامعة التى تقدم مستوى علميًا راقيًا يضاهى أفضل المستويات الدولية وفى تخصصات حديثة تسير جنبًا إلى جنب أو تسبق الثورة الصناعية الرابعة بخطوة ولاحظت أن جميع أساتذتها من المصريين العائدين من جامعات كبرى من مختلف دول العالم.

■ ■ ■

معايير القبول بالجامعة تقوم على اختبار تحديد القدرات ويمثل التفوق العلمى المعيار الوحيد للقبول بالجامعة دون النظر إلى أى قدرات مادية رغم كلفة الدراسة التى تزيد على ربع مليون جنيه للطالب الواحد فى العام الدراسى.

العرض من الدكتور «شريف صدقى» لم يكن نظريًا فقد أكده الواقع وهو واقع يحمل الكثير من الأمل الممزوج بالفخر، إذ تخرج فى جامعة العلوم والتكنولوجيا ثلاث دفعات علمية وهندسية وفيما يشبه المعجزة وبفضل مستوى التعليم استطاع ربع الخريجين على الأقل الحصول على فرصة عمل فى كبريات الشركات داخل مصر خلال الثلاثة أشهر الأولى فور تخرجهم.

البعض من الخريجين اتجه إلى إنشاء شركات خاصة نجحت نجاحًا مدويًا فى مجالات تكنولوجية متنوعة، وهندسة البيئة من خلال تصنيع معدات وماكينات توفر الكثير من الوقت والجهد والمال للمجتمع سنفرد لها مستقبلاً مساحات أوسع على صفحات جريدة «روزاليوسف» كقصص نجاح تعكس عظمة شباب مصر وقدرته على النجاح والتفوق متى توافرت له البيئة المناسبة ومناخ التعليم والتعلم الجيد.

■ ■ ■

كان لافتًا أيضًا أن نسبة غير قليلة من خريجى الجامعة سافرت مباشرة إلى أكبر الجامعات وأعرقها فى دول العالم بعد أن حصلوا على منح كاملة لدراسة الدكتوراه مباشرة دون الحصول على الماجستير بفضل نبوغهم ومستوى التعليم الذى تلقوه فى مصر داخل معامل وقاعات مدينة زويل وهو ما حدا بكثير من هذه الجامعات إلى طلب التعاون مع مدينة زويل وتوقيع اتفاقيات تعاون وشراكة للدراسة وتخصيص منح سنوية لخريجيها بل ومنح شهادات مشتركة فأصبح هؤلاء الطلاب سفراء لمصر وهو الأمر الذى يشعر كل مصرى بالفخر وبقدرة أبنائنا على التميز والسعى نحو بناء قاعدة بحث علمية تسهم فيها مدينة زويل بالنصيب الأوفر فى ظل حرص مصر على النهوض اقتصاديًا اعتمادًا على البحث العلمى لتمضى فى بناء الإنسان كما تمضى فى التنمية والبناء والعمران وتوفير الحياة الكريمة لأبنائها.

قصص نجاح أبناء مدينة زويل لم تتوقف فقد أسهب الدكتور شريف صدقى فى شرحها لى كيف يتفوق طلابه على جميع طلاب العالم فى امتحان الفيزياء «GRE» الذى يجرى داخل السفارات الأمريكية حول العالم لمن يرغب فى التقدم للدراسات العليا بجامعات أمريكا وسعى الباحثين إلى علاج الكثير من قضايا المجتمع المصرى فى مجالات مختلفة أهمها الصحة والطاقة والبيئة والمياه وتعاونهم مع جهات وطنية للتصنيع واستكمال الأبحاث كوزارة الإنتاج الحربى والصحة والزراعة وكذا الهيئة العربية للتصنيع وغيرها. وقد استطاع الباحثون الحصول على 124 مليون جنيه من جهات مانحة لتمويل بحوثهم ونشروا ما يقرب من 1000 ورقة بحثية دولية وشاركوا فى عشرات المؤتمرات رغم قلة عدد الباحثين والأساتذة مقارنة بجامعات أخرى وتصنيع ضمادة ذكية لعلاج الجروح ومرضى السكر أثبتت نجاحًا كبيرًا والعمل على علاج مشكلة تبخر سماد اليوريا بجهد علمى سيعلن عن تفاصيله قريبًا ويوفر مليارات الجنيهات المهدرة.

■ ■ ■

إلى هنا لم أنته مما شاهدته ورصدته فى مدينة زويل فعرضت على الدكتور شريف صدقى تكرار الزيارة مع ضرورة البحث عن أفق للتعاون وتسليط الضوء على حقيقة ما يجرى داخل هذه المنظومة العلمية الدقيقة والرائعة وتعاون الكثير من المؤسسات معها إيمانًا بأهمية دورها وحتميته.

وغادرت مدينة زويل يملؤنى الفخر بهذه النبتة الطيبة على أرض مصر زرعها ابنها الراحل أحمد زويل ترعاها الدولة ومؤسساتها ويستكمل مسيرتها صدقى وزملاؤه وطلابه النابهون القادمون من كل ربوع الوطن.

فإن اهتمام الدولة واستثمارها فى البشر والعقول المصرية الشابة كانت ولا تزال عنوان الفترة الرئاسية الحالية للرئيس السيسى الذى يولى التعليم والصحة الأولوية القصوى، فلا إصلاح اقتصادى دون إصلاح فى البشر وهو ما فطنت له الدولة المصرية ممثلة فى قيادتها.

مدينة «زويل للعلوم» رأيت فيها مستقبل مصر التى يحلم به قائدها «عبدالفتاح السيسى»، «شباب زى الورد» يتخصصون فى علوم الفضاء والنانوتكنولوجى والطاقة المتجددة والفيزياء والعلوم الطبية.. حقًا هم ذخيرة المستقبل العلمية وقاعدة للبحث العلمى والتقدم يمكن البناء عليها لتتبوأ مصر الحديثة مكانتها التى تستحقها بين الأمم.