الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«التالتة تابتة»

«التالتة تابتة»

النقد وحده لا يبنى دولة ولا يحل أزمة، وإنما يساعد فى تعميق الأزمة وتكريسها، ولا يؤدى إلا إلى تعقيد الأمور، لكن فى الوقت ذاته من غير النقد لطرح الحلول، لا تستطيع ان تمتلك رؤى وافكارا جديدة، لمواجهة ازمات اعتدنا عليها من كثرة تكرارها. بالأمس كتبت مقالا تحت عنوان «تفاهة الساخرين » انتقدت فيه هؤلاء الذين لا يملكون من مفاتيح إلا السخرية والتهكم والإساءة للآخرين، وكأنهم اصحاب العلم والمعرفة، والحقيقة انهم اجهل من الدابة، لكن فى الوقت ذاته تحدثت عن استشراف المستقبل، فى ضوء تكرار متغيرات، صارت مرشدا لاحتياجات ضرورية علينا التنبه لها مبكرا. بالعلم نمتلك أهم مفاتيح الحياة، وبدقة الرصد والتحليل نتعامل مع حياتنا، ومن بين العلوم، هناك علم التنبؤ بالأزمات، وهوعلم يتيح لك التعامل المبكر، لكنه يتطلب آليات لتحقيق الهدف، ومن دون هذه الآليات نصبح أمام «منجمين» و«قارئ ودع».  نحن امام ظاهرة متكررة، ولوتنبهنا لاكتشفنا ان مناطق تجمع المياه وتكدسها لا تتغير، وكلما تعرضنا الى موجة طقس سيئ ، تتكرر نقاط تجمع المياه، وممرات سيول المياه المتدفقة من نفس النقطة فى نفس المسار والى نفس الاتجاه، وهى مناطق معروفة سلفا، تتكرر ولا تحتاج الى تحليل أوتنبؤ، انما هى مظاهر للازمة التى تتكرر ولا نتعامل معها. ما الذى حدث منذ أزمة التجمع الخامس الاولى، وما الجديد فى التعامل ما قبل وحتى أزمة التجمع الثانية، وماذا حصل فى موجة الطقس الأخيرة، يقينى أن شيئا لم يتم، ويقينى انه لوكانت هناك دراسات تمت، فقد تم استبعادها، ولم تخضع نتائجها الى التنفيذ العملى، وإلا ما كانت قد تكررت نفس المظاهر، فى نفس المناطق، ولنفس الأسباب . المسألة ليست فى القاهرة ولا الجيزة وحدها، رغم التكرار الواضح لمناطق الأزمات الحقيقية، إنما هى مسألة منتشرة فى اغلب المناطق، وآخرها فى منطقة الزرايب، التى احتل فيها الناس مخرات السيول، فى تكرار لمظاهر نعايشها منذ السبعينيات، وهى قابلة للتكرار مرة اخرى. هوالسؤال من المسئول عن التعامل مع كل هذه المظاهر والوقائع؟ الاجابة بسيطة لا تحتاج الى تحليل عميق، فطالما ظلت المحليات الشعبية غائبة، ستظل المحليات التنفيذية فى سبات عميق، طالما غاب الرقيب المباشر عنها، وطالما ظلت الادوات الشعبية الرقابية غائبة منذ عام 2008 وحتى الآن . بالقطع المحليات ليست وحدها السبب، انما نحن نتحدث عن مشكلات مسئول عنها اولا واخيرا الأجهزة المحلية، ونتحدث عن مظاهر متكررة، لم يدرسها احد، ولوتمت دراستها فقد تم إهمال النتائج والتوصيات . حديث الاحتياج لمليارات من اجل التصحيح أمر طبيعى، لكن ايضا عدم توافر الموارد ليس مبررا، لأن ضياع عشرات المليارات الناتجة عن تكرار مظاهر الخسائر، اكثر كلفة على ميزانية الدولة، وهوالأمر الذى يقتضى توفير الموارد للتطوير من اجل حماية الموارد من الخسائر .  نجحت الدولة فى العبور من الموجة المروعة بأقل الخسائر، وتعاملت بمهارة وحرفية، والمطلوب منها استكمال ذلك بالمهنية والاحتراف، حتى لا تتكرر نفس المظاهر للمرة الرابعة .