الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مؤسسات الدولة والأزمات

مؤسسات الدولة والأزمات

أجد نفسى مضطرا لإعادة كتابة بعض المعانى، التى وردت فى مواقف سابقة، خصوصا قدرة الدولة على التعامل مع الأزمات المتتالية التى واجهناها أومستمرين فى مواجهتها، وهى القدرة التى لا تقف عند حدود المؤسسات فقط، وإنما تمتد وبالأساس للناس، الذين هم جوهر الأمر. أفهم أن تختلف مع الحاكم، أومع الحزب الحاكم، وأن تحمل رأيا معارضا لسياسات محددة ، وتطرح بديلا لها، لكنى لا أفهم أبدا أن تتربص وتترصد وتنتظر أى أزمة طبيعية تمر بها بلادك، حتى تخلط الأمر وتكذب وتختلق مواقف، لتبرير مواقفك من الدولة المصرية، وهوموقف انتهازى حقير، لا يضع مصالح الناس فى الاعتبار، ويزايد بمصائرهم ومصالحهم.



لا أتحدث فى الهواء، وإنما من واقع حقيقى نعيشه، ما بين أكاذيب فيروس كورونا وانتشاره، وبين اختلاقات وتزييف فيديوهات عن أحداث قديمة يعاد نشرها، وعن ظروف مناخية واستعدادات ملائمة للتعامل معها، وقدرة على استيعاب مساحات ضخمة من خسائر كانت متوقعة.

كل ما نمر به، والقدرة على تلبية احتياجات المواجهة، أمور ترتبط  ارتباطا وثيقا، بقدرة الدولة مؤسسات وشعب، ونحن فى الحقيقة ومن دون غضب، نمر بحالة نقاهة من فيروسات، ظلت مزمنة فى الجسد المصرى لسنوات طويلة، وتركت آثارها على قدراتنا المؤسساتية. صحيح أن الدولة المصرية استعادت جانبا مهما من عافيتها خصوصا مؤسستها العسكرية والشرطية الأمنية، وتمكنت من إعادة بناء مؤسسات سياسية تنفيذية وتشريعية، لكن قدرة مؤسسات الدولة لا تقف عند هذه الحدود، وإنما ترتبط بالقدرة على قيام باقى المؤسسات بالأدوار المنوط بها القيام به، سواء من جانب تنفيذ السياسات المطلوبة بدرجة كفاءة عالية، أومن جانب المساهمة فى البناء السياسى للتواصل مع الرأى العام والمواطنين.

لاشك أننا مازلنا فى مرحلة التعافى بالنسبة لباقى المؤسسات، فمازال الأداء التنفيذى يشوبه ملاحظات كثيرة، ومازالت قدرة الجهاز التنفيذى على تحقيق أهدافه تشوبها شوائب كثيرة،  شوائب متعلقة بالتواصل الداخلى، ونفاذ القرارات والقدرة على التعامل المباشر بين الأجهزة الإدارية. وبالرغم من ذلك، فإن تعامل أجهزة الدولة مع الأزمات الأخيرة، بدأ يُظهر جانبا إيجابيا، أوتقدما محسوسا، لكننا فى نفس الوقت مازلنا نسعى إلى التعافى الكامل، ودليل ذلك استمرار العديد من الملاحظات السلبية، لذلك حين نتحدث عن قدرة الدولة فى التعامل، علينا أن نضع فى الاعتبار كل هذه الملاحظات.

من الخطأ الجسيم، أن تتعامل مع واقع يعانى مظاهر محددة وكأنه سليم، فتطرح ملاحظاتك وانتقاداتك، وكأن الأمور مستقرة وطبيعية، وهى غير ذلك تماما، وما يصلح لأن تطرحه فى الظروف الطبيعية، لا يجوز الحديث عنه فى الظروف الاستثنائية.

ليست المسألة فى أن نسجل ملاحظاتنا ونكتفى بذلك، إنما المهم أيضا أن نلعب الدور المطلوب فى البناء، وأن نرصد وبدقة أوضاع البلاد، وما تمر به، ليس مهما أن نصفق قدر ما يجب أن نسهم فى البناء.