الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«الشللية تحكم» !

«الشللية تحكم» !

أخطر ما يواجه أى موهوب ومبدع وعبقرى هو «الشللية».. الشللية هى الباطن  اللى بيتحكم فى حياتنا الظاهرة..هى الكيان الأهم فى أى عمل وأى مكان.. هى الباطن القادر دائما وفى كل وقت على فرض طريقته وتوجهاته حتى على متخذ القرار.. والذى قد  يبدو لنا  فى الظاهر هو المتحكم فى كل شىء. خطورة  الشللية فى باطنها الخفى والذى يحرك الأحداث كيفما يشاء.. من يقدم فروض الولاء والطاعة «للشلة» فى الباطن تفتح له الأبواب فى الظاهر حتى لو كان بلا موهبة. ومن يخرج عن طاعة الشلة فى الظاهر تغلق فى وجهه كل الأبواب فى الباطن ودون سبب منطقى أو معلن.. كثيرون انتهت طموحاتهم المهنية على أعتاب شلة طاغية تتحكم ، وكثيرون خسرتهم مؤسساتهم وخسرهم وطنهم بسبب شلة فاسدة. المعجون موهبة والعبقرى الفذ  المعذب حيا وميتا «محمد فوزى» أكثر من عانى من «الشللية» وتحكمها الباطن فى مصائر العباد سواء  فى حياته أو مرضه وحتى بعد وفاته. «محمد فوزى» فى الظاهر شقى مرح عاشق للحياة والفن.. اشتهر بخفة الدم والظل، سواء فى التمثيل أو الغناء أو حتى التلحين  لنفسه ولغيره..دائما تشعر معه بالسعادة.. ضحكته مرسومة على وجهه ليل نهار. وفى الباطن معذب من الشللية المتحكمة..مهمل  يلاقى الأمرين من رجال نظام جمال عبد الناصر والذين «انتقموا من فوزى لا لشيء سوى لصداقته مع اللواء محمد نجيب». فوزى فى الظاهر فاتح دراعاته للدنيا نجم عاطفى.. ظريف و بشوش.. وفى الباطن يحفر فى الصخر.. حتى وصل  للقمة.. ينتج أفلامه.. وأول من يقدم فيلما بالألوان.. وينشئ أول شركة أسطوانات مصرية تنافس الشركات الأجنبية.. يحارب الاحتكار الأجنبى لسوق الأسطوانات الفنية، ويؤسس شركة بإسم مصر فون ، تصنِّع أسطوانة محلية رخيصة بنصف سعر الأسطوانة المستوردة.. وغير قابلة للكسر. فى الظاهر يفتتح مشروعه رئيس الوزراء وقتها الدكتور عزيز صدقى شخصيًّا فى 30 يوليو 1958، ويثنى على وطنيته وتوفيره النقد الأجنبى للأساسيات التى تحتاجها الدولة. وفى الباطن تحاك له المؤمرات من «الشلة» ليتم  تأميم شركته « مصر فون» فى نهاية عام 1961. لم تعبأ الشلة من نظام عبدالناصر بقيمة الفن الذى يقدِّمه الموسيقار محمد فوزى ، ولا خسارته لكل مدخراته وأملاكه فى سبيل تأسيس الشركة.. ولم يُقدَّر له شعوره الوطني، ورغبته فى دعم بلده! لم ترحمه الشلة التى تحكم من خلف الستار.. رغم أنه لم يكن  مُناهضًا لها أو للجيش، لكنه أيضا  لم يكن مُطبِّلاً أو منافقًا أو مُشاركًا فى حفلات الثورة السنوية أو خاطبا ود الشلة ومسبحا بحمدها  فى الخفاء. «فوزى » لم يقرأ المشهد السياسى جيدا.. اكتفى بالظاهر أمامه.. لم يعرف الباطن الذى يحكم فعلا..ولم يحاول الاقتراب من الشلة التى فى يدها السيف والذهب.. كان وطنيا مخلصا للبلد تراه دائما فى مقدمة الصورة فى كل المشاريع القومية التى قادها محمد نجيب. وطنية  فوزى الظاهرة ظلت الشوكة التى غرستها الشلة التى تحكم من الباطن فى جنبه.. ظل  مطاردا طوال حياته.. والاتهام سابق التجهيز ، «صديق نجيب».. «الشلة» ومن الباطن حيث تسيطر على الجميع، دفعت بمخرج معروف للطعن فى موهبة وعبقرية فوزى فأرسل للشركة المنتجة عام 1959 برسالة يقول لهم فيها أنه «فاشل وعديم الموهبة » ولما لم تنجح الخطة تم  فرض الحراسة على موزع أفلام فوزى عام 1961.. فى «سابقة لم تعرفها الحياة الفنية فى مصر من قبل ».. وفى الظاهر بدا الأمر وكأنه قرار وطنى خالص.. تأميم لصالح البلد ومستقبل الدولة.! فى الظاهر «لم يتوقف فوزى عن الغناء للثورة ، ولم يترك حدثا وطنيا كبيرا إلا وغنى له... كذلك تغنى بالاشتراكية والعدالة وحقوق العمال وبكل مكاسب الثورة المصرية فى أكثر من أغنية وطنية». وفى الباطن وعن طريق الشلة بقى الاضطهاد..ليظل السؤال مشروعا ومطروحا  «هل لم يكن عبدالناصر يعرف؟.. هل كان مدير مكتبه السيد سامى شرف الذى سبق وطلب يد السيدة كريمة «زوجة فوزى الثالثة» قبل زواجها من محمد فوزى وأيضا بعد رحيله  ضمن الشلة وسببا فى المعاناة والتى امتدت حتى وقت طلبه العلاج على نفقة الدولة؟ ألم أقل لكم من البدأية أن «الشللية» والعمل فى الخفاء  أخطر ما يواجه المبدع العبقرى..ألم أقل لكم أن الشللية التى تحكم فى الباطن خطر على الأوطان.  ألم أقل لك أنك مع الشلة والخضوع لها فى الباطن  سيسمح  لك بالتجاوزات الشخصية بكل أنواعها فى الظاهر.. وسيعتبر تنمرك وجهة نظر، وتحرشك مغازلة، وفضائحك خصوصيات، احتيالك ذكاءً ووقاحتك جرأة وانحلالك انفتاحا وحرية. ألم أقل لك أن خضوعك لـ «الشلة» المتحكمة من الباطن  ستفتح لك الترقى فى الظاهر ، أخطاؤك مغفورة ومقبولة.. وأعمالك البسيطة غير المميزة إنجازات تستوجب المكافأة والشكر والتقدير والعرفان!!!