الجمعة 5 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
جريمة ناقل عدوى الكورونا «عمدًا»

جريمة ناقل عدوى الكورونا «عمدًا»

انتشرت فى الآونة الأخيرة فيديوهات تحرض مرضى فيروس كورونا لنشره بين الناس وزيادة أعداد المصابين، ومن ثم قتلهم، لما ثبت علميًا أنه ينتقل بين البشر بشكل أساسى من شخص لآخر، عادة عن طريق الاتصال الوثيق، أو من خلال قطرات الجهاز التنفسى المنتجة عندما يسعل الشخص المصاب أو يعطس، أو حتى بمرور ناقلى العدوى فى تجمعات بشرية دون ملامسة، على نحو لم يسبق له مثيل عبر تاريخ الإنسانية. 



وهو ما يثير التساؤل حول مسئولية ناقل عدوى فيروس الكورونا، وما تشكله من جرائم؟

فى اعتقادى، أنه ينبغى التفرقة بين فرضين (الخطأ والعمد).. فلا مسئولية جنائية – بيقين – لناقل عدوى فيروس الكورونا (كوفيد – 19) القاتل، إذا كان انتقال المرض للآخرين «خطأ» وهو سيناريو يتكرر يوميًا فى مختلف دول العالم، فلا يمكن محاسبة من لا يعلم أنه مريض بالفيروس، ومن ثم غير ناقل للعدوى، حتى لو تحقق نقل العدوى للآخرين، لأنهم جميعًا مجنى عليهم من آخر مجهول.

ولكن تنعقد تلك المسئولية – فى اعتقادى كذلك – تجاه ناقل عدوى الكورونا للآخرين «عمدًا»، أى بتوافر أركان الجريمة من سلوك إجرامى ونتيجة وبينهما علاقة سببية، وتحقق القصد الجنائى من علم وإرادة.

 والنموذج الإجرامى لذلك؛ أن يقوم حامل الفيروس، بسلوك إيجابى يتخذ صورًا عديدة منها؛ مخالطة آخرين، أو ترك بصماته، أو أدواته الحاملة للفيروس فى أماكن يلمسها آخرون، مع علمه بتحقق النتيجة الإجرامية وهى نقل الفيروس إليهم، وهو ما سيؤدى حتمًا إلى إصابتهم به، بما يؤكد توافر القصد الجنائى الخاص بنقل العدوى، وتحقق النتيجة بإزهاق أرواحهم، وإن لم تتحقق تلك النتيجة فيرجع هذا لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو شفاء المريض، باتخاذ إجراءات إسعافه فى المستشفى ووقف النتيجة التى يبغاها الجانى ناقل العدوى وهى موت المجنى عليه. 

وقد اختلف الرأى فى قيد ووصف تلك الجريمة؛ فمن قائل إنها تشكل جريمة إعطاء المواد الضارة التى ينشأ عنها مرض أو عجز وقتى عن العمل يزيد على 20 يومًا المجرمة بالمادة 265 من قانون العقوبات وعقوبتها الحبس لمدة لا تزيد على سنتين فإن توافر سبق إصرار أو ترصد تكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد على 3 سنوات، طبقا للمادة 242 عقوبات،  ولكن الرأى الذى أعتنقه – حتى يصدر تعديل تشريعى - هى أنها تشكل جريمة القتل العمد المقترن بسبق الإصرار والترصد المعاقب عليها بالإعدام وفقًا لصريح نص المادة 230 من قانون العقوبات، فلا شك فى توافر أركان تلك الجريمة فى حق الجانى، سيما وأن النتيجة المتحققة قد تستطيل إلى موت عدد غير محدود من البشر، فى ظل سرعة انتشاره وشراسة توغله فى الرئتين.. وفى مجال الإثبات الجنائى لتلك الجريمة الخطيرة فى قانون العقوبات، فيقوم الدليل الفنى بالتقارير الطبية بثبوت إصابة الجانى بالفيروس فى وقت سابق لأفعاله الإجرامية مع علمه بذلك، والدليل القولى بشهادة شهود الواقعة السابقة والمعاصرة لأفعاله بنشره العدوى بين الناس الصحيحة والخالية من الفيروس.

 وعلى صعيد التشريعات المقارنة، فوفقًا لقانون العقوبات الاتحادى الإماراتى، يخضع للمساءلة القانونية، وفق المواد 339 و342 و348 من قانون العقوبات، التى تعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات، والغرامة التى لا تقل عن 50 ألف درهم ولا تجاوز 100 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفى حالة العودة تضاعف مدة عقوبة السجن، وفقًا لنص المادة 34 من قانون مكافحة الأمراض السارية، كما يعاقب بالحبس والغرامة، أو بإحدى هاتين العقوبتين، من ارتكب عمدًا فعلًا من شأنه تعريض حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم وحرياتهم للخطر، وفقًا لنص المادة 348 من ذلك القانون. 

وفى الكويت هناك مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات وقد استحدث المشروع حكمًا يقضى بمعاقبة من علم أنه مصاب بأحد الأمراض السارية وتسبب فى نقل العدوى إلى غيره على نحو عمدى مقصود وذلك بعقوبة الحبس مدة لا تتجاوز خمس سنوات وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف دينار ولا تزيد على خمسين ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين.  وبالقانون تحيا مصر