محمود بسيونى
المفوضية السامية.. «شخلل عشان تعدى»
يعتبر فيلم «سلام يا صاحبى» للفنان الكبير عادل امام، علامة من علامات السينما المصرية، خاصة مشهد تجسيد شخصيات سماسرة السوق وهم يفرضون الاتاوة على التجار الجدد «بكلمة شخلل عشان تعدى»، والتى تحولت إلى جملة دارجة فى العامية المصرية ومرادف جاهز للتعبير عن محاولة أى شخص أو مؤسسة استغلال قوتها ونفوذها فى فرض الاتاوات على الآخرين وابتزازهم .
قفزت الجملة الى ذهنى عند قراءة رسالة البروفسير المصرى ياسين العيوطى، أستاذ القانون الدولى بجامعة نيويورك، والخبير الدولى السابق بالأمم المتحدة، الى الصديق المحامى والناشط الحقوقى محمود البدوى رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان تعليقا على بيان أصدره «البدوى« انتقد فيه دعوة المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة الإفراج عن السجناء بالتزامن مع دعوة الإخوان لإخراج عناصرهم مستغلين أزمة كورونا .
وصف البروفسير العيوطى الذى عمل لمدة 30 عاما فى أروقة الأمم المتحدة مصداقية بيانات المفوضية السامية لحقوق الإنسان بأنها غرقت فى المرحاض وهو لفظ قوى للغاية خاصة أنه قادم من أحد العاملين القدامى بالأمم المتحدة، كما اتهمها بالتحيز ضد مصر، ليضع أمامنا دليلا جديدا على استهداف هذه المنظمات لمصر، وعلى وجود من يتلاعب بمنظمات الأمم المتحدة من خلال التمويل المخصص للدعاية الانتقائية، وأن ذلك ينطبق على مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وهوما قد يفسر مواقفها المنحازة باستمرار لجماعة الإخوان الإرهابية بشكل يثير التساؤل والتعجب يرى العيوطى ان مصر تمتلك فى مواجهة ذلك الهجوم الإمبراطورى حسب وصفه سلاح ميثاق الأمم المتحدة، حيث تحظر الفقرة 7 من المادة 2 التدخل فى الشئون الداخلية للدول، ودعا المؤسسات الحقوقية الوطنية للتحرك بشكل مكثف فى مقر المفوضية بمدينة جنيف السويسرية لكشف الحقائق والرد على المغالطات المتعمدة عن اوضاع حقوق الإنسان فى مصر .
يمكن وضع شهادة العيوطى الكاشفة، بجوار شهادة أخرى للوزير محمد فائق رئيس المجلس القومى لحقوق الانسان انتقد فيها ضعف تأهيل العاملين فى مفوضية حقوق الانسان، حيث اكد فى حوار سابق له معى، أنهم وقعوا فى خطأ مهنى جسيم بإثارتهم الجدل حول وفاة محمد مرسى فى محبسه، رغم وجود تحقيقات قامت بها النيابة العامة فى حينها، لنكتشف أن هناك ترصدا لا شك فيه لمصر.
والشاهد على التحيز وانعدام النزاهة أن دعوة المفوضية للإفراج عن المساجين بسبب كورونا، لم تمتد الى دولة مثل تركيا بها مئات الآلاف فى السجون لمجرد الاشتباه فى انتمائهم لحركة فتح الله جولن، رغم تفشى الفيروس فى تركيا بمعدلات أسرع من مصر بكثير، وأيضا قطر التى تفشى بها الفيروس القاتل دون أى إجراءات لحماية العمالة الوافدة بها .
تجاهلت المفوضية بحديثها عن السجون المصرية إشادة منظمة الصحة العالمية بإجراءات الحكومة الاحترازية لمنع تفشى المرض، والتى اتسمت بالشفافية رغم كم الشائعات الهائل الذى صد ضدها، وأن مصر فضلت الخسارة الاقتصادية على خسارة حياة مواطنيها، فى انحياز واضح لحق الانسان المصرى فى الحياة والصحة وهو ما لم يتم فى تركيا التى أصرت على تجاهل إجراءات العزل المنزلى رغم ظهور إصابات واستأنفت انشطتها الاقتصادية حتى تفشى المرض بين سكانها، وبعد تدهور الوضع الصحى فى البلاد قام النظام التركى بالسطو على اجهزة تنفس صناعى كانت فى طريقها لإسبانيا .
انتقائية المفوضية السامية تدفعنا للتساؤل.. هل العمل الحقوقى الدولى تحت مظلة الأمم المتحدة قد أصيب بفيروس «شخلل عشان تعدى«، وهل تقبل الأمم المتحدة السكوت على تلك الجريمة المستمرة، ويصبح ما قاله البروفسير العيوطى من غرق مصداقيتها فى المرحاض حقيقة وواقع .