الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
مصلون آثمون

مصلون آثمون

 على الرغم من مناشدات الجهات المختصة فى الدولة، وإصدار عدد من القرارات التى من شأنها الحفاظ على أرواح المصريين من تفشى وباء كورونا، إلا أنه ما زال من بيننا أناس لا يعقلون الأمور ويصرون على إلباس باطلهم ثوب الحق والدين، ويدعون العلم، وهم بعيدون كل البعد عن فهم الدين الصحيح.



فمع أن وزارة الأوقاف أصدرت قرارها منذ أسبوعين بغلق المساجد، ومنع صلاة الجماعة حماية على الأنفس من انتشار الوباء القاتل كورونا، واتخذت فى ذلك إجراءات صارمة مع العاملين بالمساجد حتى لا تحدث أى تجاوازت، إلا أن هناك من يظل يبعث برسائل مفادها أن التجمع للطاعة من شأنه أن يحفظ اتباعه من المرض، وأن الدولة بغلق المساجد ضد الدين. ولا يزال هناك من بين الناس العاديين من يحمل فى عقله فهم التدين المغلوط فيصر على فرش الحصير والتجمع بالقرب من المسجد للصلاة جماعة، وبعاطفة المصريين التى يصاحبها أمية دينية يتجمع الناس للصلاة والدعاء غير مبالين بما قيل لهم. إن الطاعة إن جاءت على غير مراد الله أصبحت معصية، ونزول الوباء هو من إرادة الله تعالى ليعلمنا أهمية الحفاظ على الأنفس، ويعلمنا كيف نشعر بنعمه العديدة علينا.

واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الطاعة تقف عندما يصبح هناك خطر على النفس، حيث إن نبينا الكريم أوقف صلاة الجماعة عند نزول المطر بشدة فأذن سيدنا بلال بأمر من الرسول المصطفى: «ألا صلوا فى رحالكم»، وذلك رغم أن المطر خطورته أقل بكثير من الوباء، كما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى الحديث الصحيح: «(لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، وفر من المجذوم فرارك من الأسد)، ولذلك جاءت حفظ النفس على رأس المقاصد الشرعية لأنه دون نفس لن تحقق عبادة. 

إن إصرار البعض على فهم الدين والطاعة كما يحلو لهم يجعلهم فى قائمة العصاة رغم الطاعة لأنهم خالفوا أمر الله تعالى بحفظ النفس، حيث قال العلماء: إن حفظ الساجد أولى من المساجد، لأن السجود يتحقق بالإنسان لا بالمكان، والاجتماع للصلاة فى وقت تيقن فيه انتشار المرض القاتل كبيرة من الكبائر لأنها تزهق النفس، فإذا كان أهل الاختصاص والعلم فى عالمنا الإسلامى أجمعوا بأن الصلاة جماعة تعلق فإن المخالفة تصبح معصية وكبيرة من الكبائر، ويصبح المصلون فى جماعة فى الشوارع رغم قرارات المنع آثمين وعصاة، فإذا مرض أحدهم ومات بمرضه اصبح كالمنتحر الذى علم ان فعله سيودى بحياته ولم يكترث، وتناسى قدرة الله فى خلقه وأنه وهبهم الحياة ليحافظوا عليها ويطيعوه فى سننه والتى منها حفظ النفس من العدوى.

وكلمة حق.. إن الجمود فى فهم الدين، والوقوف عند الأفعال دون المقاصد، والخروج عن إجماع أهل العلم يؤدى بنا إلى طريق مسدود ومصيبة فاضحة ثمنها فى وقت الوباء إزهاق الأرواح، ولقاء الله تعالى على معصية كبيرة.. وخالص التحية لوزارة الأوقاف التى اتخذت قرارًا بانهاء خدمة كل من يخالف قرار غلق المساجد فى هذا الوقت العصيب والتحدى الكبير الذى نواجهه حفاظًا على الأرواح.. حفظ الله مصر والعالم أجمع من شر هذا الوباء.