الخميس 1 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أنت بعد كورونا

أنت بعد كورونا

العالم بعد كورونا لن يكون مثل العالم قبل كورونا...جملة منتشرة ويرددها الجميع.. يرددها خبراء السياسة والاقتصاد والتجارة والتحول الرقمى والتعليم والخدمات الطبية ورؤساء المؤسسات والشركات والحكومات وقادة الدول كما يرددها جمهور شبكات التواصل الاجتماعى وتنتشر فى كل قنوات الاعلام المقروء والمسموع والمرئى.. الخ.



الجميع محق فى هذه المقولة فلا اعتقد أن البشرية قد توحدت على محاربة عدو واحد مثلما هى الآن.. عدو غير مرئي لايفرق بين كبير وصغير.. غنى وفقير.. أبيض أو أسود.

أتصور أن الدول والحكومات والمؤسسات والشركات تعمل حاليا على عدة محاور رئيسية أولها محور الوقاية وتحجيم انتشار المرض.. المحور الثانى مرتبط بمحاولات مسابقة الزمن لإيجاد دواء ومصل...المحور الثالث مرتبط بمحاولة وضع خطط لانعاش الاقتصاد وتقليل الخسائر الناجمة والمتوقعة لأقل حد ممكن.. المحور الرابع هو المحور المرتبط بمستقبل وشكل العالم بعد انتهاء تلك المحنة.. أسلوب وشكل العلاقات السياسية والتحالفات.. التدفقات المالية والارتباطات الاقتصادية.. تدفق السلع والخدمات.. اعادة ترتيب اولويات المنتجات والخدمات.. ربما ايضا اعادة النظر فى المناهج الدراسية واساليب الادارة والتعلم والانتقال والتفاعل البشرى.. اساليب الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وادوات التحول الرقمى والدخول بقوة وسرعة الى ادوات الثورة الصناعية الرابعة خاصة الذكاء الاصطناعى وتحليل البيانات العملاقة والبلوك تشين وخلافه.. الخروج من منطقة التنظير الى منطقة التطبيق الحقيقى وليس التطبيق الاختبارى الاستعراضى على نطاق ضيق فالتجربة اثبتت فاعلية واهمية تلك الادوات بما لايدع مجالا للشك أو للتباطوء.

ومن داخل حالة الترقب الحالية يجب على كل فرد فى المجتمع ان يعمل على محاور مشابهة.. للحماية والوقاية واعادة ترتيب الاولويات فى المرحلة الحالية كما يجب ان يضع خطط لمستقبله بعد انتهاء الازمة.. خطط واقعية لتتواكب مع العالم الجديد كما ينبغى ان يعيد النظر فى قناعاته واسلوب تعامله مع المحيطين به.. اذا لم تقربنا تلك المحنة من الله وتجعلنا نتمسك بالقيم والمثل فأننا لن نختلف كثيرا عن أقوام أراهم الله معجزاته واقتربوا من الهلاك ثم نجاهم فعادوا الى ما كانوا عليه.

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِى سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِى جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بحذافيرها).. هذا الحديث النبوى الشريف يلخص الحالة تلخيصا رائعا.. ان تشعر بالامن والعافية ولديك قوت يكفيك ليوم واحد فقط فهذا هو كل المطلوب.. ما مررنا به خلال السنوات منذ يناير 2011 وحتى الان يعطينا فرصة كبيرة جدا لترتيب الاولويات بصورة سليمة بعيدا عن الزيف او الخديعة.. ترتيب اولويات بوعى متميز.. وعى يختلف كثيرا عن وعى من مر بأزمة فيروس الكورونا فقط.. سنوات غيرت فى الشخصية المصرية الكثير وهذا الوعى هو الأساس لبناء الحضارة الراسخة المتينة. حفظ الله مصر و شعبها.