السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
من أجل هذا صدرت « المصرى اليوم »!!

استحداث وظيفة أم استحداث شكل جديد للدولة المصرية يهدد استقلالها ووحدة أراضيها

من أجل هذا صدرت « المصرى اليوم »!!

فى عام ٢٠٠٤ صدرت جريدة المصرى اليوم، ومنذ ذلك الحين ومن خلال صفحاتها عمدت الصحيفة عبر - مموليها وصناعها - إلى صك مصطلحات وتمرير أفكار بعينها تدفقت لوعى المصريين . مصطلحات وصياغات صحفية تعاملت مع فكرة الخروج على الدولة باعتباره  منهجا سياسيا أو وجهة نظر فكرية! بهدف خلق تطبيع شعورى، وبصرى، وصحفى مع تلك الحالة التى بدأت باختراع توصيف «الاستقلال عن الدولة» لنسمع لأول مرة من خلالها ما يسمى «تيار استقلال القضاة» .. «الصحفيون المستقلون»!



 حتى الصحف الخاصة كالمصرى اليوم سميت زيفا بالصحف «المستقلة» رغم صدورها بترخيص من المجلس الأعلى للصحافة آنذاك، وبرغم عدم استقلاليتها عن منهج ملاكها من رجال الأعمال. لقد كانت الجريدة منذ ولادتها سفاحا ولازالت تمهد وعى المصريين للتعايش مع حالة التفكك والتفكيك!

لكى نجزم الأمر، فإن جريدة المصرى اليوم هى نقل دقيق لما يدور فى ذهنية مالكها صلاح دياب، وأن كتاب الرأى فيها أغلبيتهم مستخدمون من قبل مالكها، وجرى تسخير أغلب أعمدتها ومقالاتها ومتونها الخبرية لتمرير أفكاره فيها وأوامر مشغليه. أى أن استراتيجيتها تعبر تعبيرا مباشرا مطبوعا ومنشورا عن أفكاره الموصوف والمعروف بأنه مهندس «التطبيع مع إسرائيل» فى مصر والمُبشر به، والمُصِر على اتخاذه نهجا مباحا فى عالم البيزنس.

هذا المالك الذى يمتلك شركة «بيكو» الزراعية هو صاحب السبق فى التطبيع الزراعى والمُستقبِل سنويا لوفد خبراء الزراعة الاسرائيليين لمتابعة تطور نمو أحدث الشتلات الزراعية الإسرائيلية داخل صوب مزارعه وخاصة الفراولة.

 اتساقا مع عقيدة التطبيع الراسخة فى وجدان «مالك الصحيفة» نجد الجريدة تنشر مقالا باسم الشخصية المستعارة «نيوتن» ، وهوالعمود الصحفى المعروف بأنه تعبير مكتوب يمليه يوميا صاحبها وتتم صياغته من قبل أحد غلمانه عنوانه «استحداث وظيفة»!

المقال جاء متضمنا الدعوة الصريحة لاستحداث وظيفة جديدة مسماها «حاكم سيناء» الذى ستكون له - حسب ما ورد فى المقال - صلاحية الاستقلال بإقليم سيناء عن الدولة. بل وإقرار نظام حكم له، وتكلم صراحة عن أداء هذا الموظف لعمله وفقا لعقد مدته ٦ سنوات دون أن يحدد طرفى التعاقد أو بنود العقد!

ولأن كاتب المقال المريب فى محتواه وتوقيته مضطر للقذف بهذه الأفكار فى وجه الرأى العام تنفيذا لإملاءات مالك الصحيفة المنصاع بدوره لمشغله ولعقيدته التطبيعية فإنه تعمد القفز الاستباقى على حالة رد الفعل، وسيطرت عليه حالة الريبة، فحذر من التفكير السيئ فيما كُتِب ومن اعتبارها مؤامرة لتفتيت الدولة لينطبق عليه القول « يكاد المريب يقول خذونى»!

لقد استخدم المقال لفظ «العقد» وأقر أن أحد طرفيه هو موظف وهو حاكمه الذى سيستقل عن ميزانية الدولة دون أن يحدد هل سيذكر العقد قيمة الراتب وجهة صرفه؟! مرتكزا على فكرة تحويل سيناء لما يشبه بالشركة التى ربما تقبل دخول مساهمين أجانب فتُطرح أسهمها فى بورصات بيع الأوطان.

 المقال الذى بدا محاولا التسلل للرأى العام بهدف الوقوف على رد فعله شعبيا ورسميا ارتكب أخطاء مهنية ترقى لدرجة الجرائم الوطنية التى تمس الأمن القومى للبلاد وتهدد سلامتها نستعرضها فيما يلى:

- دعا المقال لانفصال سيناء عن كل وزارات الدولة، بل وعن «البيروقراطية» وهو يعلم أن هذا المصطلح يولِد انطباعات غير جيدة لدى الرأى العام، بينما الحقيقة أن «البيروقراطية المصرية» جزء من ثوابت وصلابة الدولة العميقة، لنكون هنا أمام دعوة مبطنة لتفتيت وتقسيم البلاد.

 رغم الدعوة الصريحة للاستقلال عن البيروقراطية فإنه لم يحدد القاعدة القانونية والإدارية التى سيمارس هذا  «الموظف الحاكم» وظيفته استنادا لها،  وهل سترتكز هذه القاعدة على أرضية الدستور المصرى أم أن هناك كتالوجاً أجنبياً يتم إعداده أو جاهز للعرض سيُساق لنا فى مقالات مقبلة.

- لقد أطلق المقال لفظ الحاكم على الموظف المستحدث دون أن يحدد طبيعة علاقته برئيس الدولة وبسلطات الأخير تجاهه ليروج لفكرة الدولة ذات الرأسين.

 استعرض المقال توصيفا دقيقا لجغرافيا سيناء وجزم بأن مساحتها وإمكانياتها التى تقارب دول مستقلة ليوحى صحفيا وجغرافيا وسياسيا بأنها تصلح للانفصال كدولة.

- لقد تعمد المقال أن يكون إعلانا ترويجيا لصفقة مطلوب تمريرها باستخدام غطاءات الاستثمار لتكون مُقدمة لنماذج انفصالية أخرى لأن فى مصر أقاليم تتمتع بمساحات وإمكانيات لا تقل عما تحمله سيناء، فإذا نجح النموذج فما الذى يمنع تكراره؟!.

 تحدث عن نظام حكم يحقق الاستقرار للإقليم دون أن يحدد المقصود بهذا الاستقرار ودون أن يتحدث عن حالة عدم الاستقرار وأسبابها ومستهدفاتها .

- أكد أننا لن نضيع وقتا فى اختراع نظم وقوانين جديدة ليثبت وجود كتالوج معد مسبقا.

 راح يروج بصراحة لكون الإدارة الحالية عاجزة عن فك طلاسم سيناء وأن الثوابت الوطنية التى ظلت تعتبرها خطا أحمر تعبيرا عن قيمتها فى مفردات الأمن القومى هى السبب فى استمرار خضوعها للإرهاب وللتصحر، محاولا تمرير مفهوم نقل سيناء من مرتبة الخط الأحمر فى ذهنية وعقيدة الدولة المصرية قيادة وجيشا وشعبا إلى مرحلة الإقليم القابل لإعادة الصياغات الوطنية والتفاهمات السياسية المنفصلة عن كيان الدولة القديمة.

- المقال لم يشرح كيف سيتم إيقاف الإرهاب للبدء فى الاستثمار.. أم أن الإرهاب سيتوقف وحده بمجرد إعلان انفصال سيناء؟!

- المقال أكد أن نجاح التجربة يعنى إمكانية استنساخها فى محافظات أخرى بمعنى تحول الجمهورية لأقاليم مستقلة لها حكام مستقلون، مما يطرح تساؤلا حول طبيعة علاقتهم الدستورية بالجمهورية القائمة فعلا، أم هذا تمهيد لتعديل دستورى يسمح بتحويل مصر إلى دولة فيدرالية؟!

- المقال نسخ كل جهود التنمية التى قامت بها الدولة وتحدث عنها الرئيس مرارا وسخرت ووفرت ونفذت وضخت فيها الدولة الدماء والأموال لتنميتها وربط وشائجها بالوطن الأم وأخذ ما نشر فى المصرى اليوم يروج لها كونها مجرد أرض جرداء مهجورة معرضة لخطر الاستيلاء بوضع اليد!

- تحدث عن خطورة الصفقات المشبوهة على سيناء كما لو كانت يمكن أن تخضع لصفقات غير مشبوهة! - كشف صراحة عن دعواته الانفصالية التفتيتية وجزم بإمكانية استنساخ التجربة فى محافظات أخرى.

 من أجل هذا وغيره صدرت «المصرى اليوم» ولازالت تصدر متسقة تماما مع وجدان مالكها الذى أسس عام ٩٧ «جمعية القاهرة للسلام» من أجل رعاية التطبيع المجتمعى مع إسرائيل، وهو من وجه خطابا للسفارة القطرية بالقاهرة - إحدى أهم أدوات إسرائيل فى المنطقة -  لتوزيع جريدته فى الدوحة.

وهو نفسه المتبنى سرا وجهرا لتوجه غل يد القوات المسلحة عن أى مساحات اقتصادية لينفرد هو وزمرته بالاحتياجات الاستراتيجية للمواطن.

فى السياق نفسه يتمركز رئيس تحرير الجريدة «عبداللطيف المناوى» شاهرا جواز سفره البريطانى فى وجه كل من يقترب منه أو من صحيفته التى ننتظر صدور نسختها «العبرية» لتوزع فى سيناء بعد استقلالها كما يتمنون!

 «نيوتن» المجهول المستعار اسمه من العالم الشهير الذى اكتشف نظرية الجاذبية الأرضية تعيد الجريدة استنساخه باكتشاف نظرية الجاذبية الإسرائيلية.

لن نقول أن دياب لا يعلم قيمة سيناء فى علياء الأمن القومى المصرى، هو يعلم ذلك علم اليقين هو ومن تعبر الجريدة عن توجهاتهم وأطماعهم فى سيناء.

سيناء بوابة الشرق المصرية تستمد قيمتها من أعماق قدسية أراضيها التى اختارها المولى عز وجل، ليتجلى عليها بنور وجهه الذى أشرقت له الظلمات فلم يعد ممكنا لمحاولات الإظلام والتطبيع أن تطمس هويتها المضاءة بالأنوار الربانية. هى أشياء لا تشترى.