الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
المصيدة وحالة حوار  ‏

المصيدة وحالة حوار ‏

بعد إصدار كتابى المصيدة «كيف تسلل الإخوان لمنظمات حقوق ‏الانسان» عن مؤسسة دار الهلال، فوجئت باتصال هاتفى من الصديق ‏احمد ناجى قمحة رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية يسألنى اين انت، ‏الدكتور عمرو عبدالسميع يسأل عنك وعن كتابك، لم تكن هناك سابق ‏معرفة بالكاتب الكبير، لكنى كنت من متابعيه منذ تجربته الفريدة فى ‏مجلة الوسط التى اصدرها من لندن واعادت البريق للمجلات السياسية ‏العربية، وكنت مشاهدا مستديماً لبرنامجه المهم فى التليفزيون المصرى ‏حالة حوار، وتعرفت عليه اكثر من حواراته الصحفية سواء مع الساسة ‏البريطانيين اومع ابرز الشخصيات المسيحية فى مصر. ‏ لم اتمكن من اللحاق بالدكتور عمرو فى ذلك اليوم، وكتبت اهداء على ‏الكتاب وارسلته مع الصديق احمد ناجى قمحة الذى تفضل مشكورا ‏بإيصاله للدكتور، مرت الايام حتى فوجئت بمقال كامل فى الاهرام بقلم ‏الدكتور عمرو بعنوان «المصيدة والاخوان» كتب فيها «وقع فى يدى ‏كتاب مهم، يكشف بعضا مما جرى فى بلادنا خلال عملية يناير 2011، ‏ويميط اللثام عن حقيقة المؤامرة التى تعرضنا لها، وبداية فإننى قرأت ‏عشرات النصوص بالغة الأهمية ولكننى نادرا ما وجدت نصا بهذه البلاغة ‏وامتلاك أداة اللغة، كما وجدتها فى كتاب محمود بسيونى: (المصيدة.. ‏كيف تسلل الإخوان إلى منظمات حقوق الإنسان؟) إصدار كتاب الهلال، ‏يشرح بوضوح لا يقبل أى التباس حدود الاختراق الإخوانى لمنظمات ‏حقوق الإنسان».‏ كانت سعادتى بكلمات الدكتور عمرو بالغة، واتصلت به شاكرا، كانت ‏كلماته حميمية ومشجعة لأبعد حد رغم عدم معرفتنا الشخصية، لدرجة ‏انه سألنى عن كتابى القادم، ودعانى الى التوازن بين العمل الصحفى ‏اليومى والعمل على الكتب لأنها الكلمات الباقية منا بعد ان نرحل جميعا، شكرته مرة اخرى وودعته على وعد بلقاء لم يتم للأسف.  ‏ ‏ لم اتخلف يوما عن قراءة مقالاته، كنت أراها نموذجا للكتابة بمداد الوطن ‏بقلم رجل لم يتنكر لأفكاره ومبادئه وظل ثابتا قابضا على مشروعه ‏الصحفى الوطنى رغم العواصف والاعاصير التى مرت بالمهنة وبالوطن، لم يجار الريح أو«يتلون» ليتنقل بحرية بين المعسكرات، كان ‏ثابتا ًمخلصاً مؤمنا بالوطن الى أقصى حد، ونبيلاً شجاعاً داعماً للأجيال ‏الجديدة .‏ أهم درس تعلمناه من كاتبنا الراحل العظيم هو الايمان بأن الرأى يواجه ‏بالرأى، لم يمارس يوما حماقة احتكار الحقيقة التى ادمنتها تيارات ‏المعارضة والمثقفين، انفتح فى برنامجه المميز «حالة حوار» على كل ‏التيارات السياسية من اقصى اليمين الى اقصى اليسار، وكان قادرا بثقافته ‏الموسوعية ورشاقة كلماته من الرد والمواجهة فى العمق مع تيار الظلام ‏والإرهاب، وحينما جاءت 25 يناير وتعرضت البلاد للفوضى وقف ‏بصلابة فى الصفوف الامامية للمواجهة مع تيار الظلام والارهاب الذى ‏تصور ان بإمكانه الاستيلاء على مصر.‏ شارك بحماس فى التمهيد لثورة 30 يونيو، وبعد استعادة الدولة ‏المصرية بريقها وظل كاتبنا فى مكانه دون انتظار ثمن لمواقفه الوطنية، ‏رغم امكانياته الصحفية الهائلة، كان ايمانه بمصر أعمق من صراعات ‏المهنة، كان مكتفيا بعموده فى الأهرام وحوله الى منارة للتنوير وترجمة ‏المشروع الوطنى وتبسيطه للأجيال الجديدة، ومدفعية ثقيلة فى مواجهة ‏العملاء والإرهابيين.‏ رحم الله كاتبنا الشجاع الذى لن ننساه ‏