محمود بسيونى
المصيدة وحالة حوار
بعد إصدار كتابى المصيدة «كيف تسلل الإخوان لمنظمات حقوق الانسان» عن مؤسسة دار الهلال، فوجئت باتصال هاتفى من الصديق احمد ناجى قمحة رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية يسألنى اين انت، الدكتور عمرو عبدالسميع يسأل عنك وعن كتابك، لم تكن هناك سابق معرفة بالكاتب الكبير، لكنى كنت من متابعيه منذ تجربته الفريدة فى مجلة الوسط التى اصدرها من لندن واعادت البريق للمجلات السياسية العربية، وكنت مشاهدا مستديماً لبرنامجه المهم فى التليفزيون المصرى حالة حوار، وتعرفت عليه اكثر من حواراته الصحفية سواء مع الساسة البريطانيين اومع ابرز الشخصيات المسيحية فى مصر. لم اتمكن من اللحاق بالدكتور عمرو فى ذلك اليوم، وكتبت اهداء على الكتاب وارسلته مع الصديق احمد ناجى قمحة الذى تفضل مشكورا بإيصاله للدكتور، مرت الايام حتى فوجئت بمقال كامل فى الاهرام بقلم الدكتور عمرو بعنوان «المصيدة والاخوان» كتب فيها «وقع فى يدى كتاب مهم، يكشف بعضا مما جرى فى بلادنا خلال عملية يناير 2011، ويميط اللثام عن حقيقة المؤامرة التى تعرضنا لها، وبداية فإننى قرأت عشرات النصوص بالغة الأهمية ولكننى نادرا ما وجدت نصا بهذه البلاغة وامتلاك أداة اللغة، كما وجدتها فى كتاب محمود بسيونى: (المصيدة.. كيف تسلل الإخوان إلى منظمات حقوق الإنسان؟) إصدار كتاب الهلال، يشرح بوضوح لا يقبل أى التباس حدود الاختراق الإخوانى لمنظمات حقوق الإنسان». كانت سعادتى بكلمات الدكتور عمرو بالغة، واتصلت به شاكرا، كانت كلماته حميمية ومشجعة لأبعد حد رغم عدم معرفتنا الشخصية، لدرجة انه سألنى عن كتابى القادم، ودعانى الى التوازن بين العمل الصحفى اليومى والعمل على الكتب لأنها الكلمات الباقية منا بعد ان نرحل جميعا، شكرته مرة اخرى وودعته على وعد بلقاء لم يتم للأسف. لم اتخلف يوما عن قراءة مقالاته، كنت أراها نموذجا للكتابة بمداد الوطن بقلم رجل لم يتنكر لأفكاره ومبادئه وظل ثابتا قابضا على مشروعه الصحفى الوطنى رغم العواصف والاعاصير التى مرت بالمهنة وبالوطن، لم يجار الريح أو«يتلون» ليتنقل بحرية بين المعسكرات، كان ثابتا ًمخلصاً مؤمنا بالوطن الى أقصى حد، ونبيلاً شجاعاً داعماً للأجيال الجديدة . أهم درس تعلمناه من كاتبنا الراحل العظيم هو الايمان بأن الرأى يواجه بالرأى، لم يمارس يوما حماقة احتكار الحقيقة التى ادمنتها تيارات المعارضة والمثقفين، انفتح فى برنامجه المميز «حالة حوار» على كل التيارات السياسية من اقصى اليمين الى اقصى اليسار، وكان قادرا بثقافته الموسوعية ورشاقة كلماته من الرد والمواجهة فى العمق مع تيار الظلام والإرهاب، وحينما جاءت 25 يناير وتعرضت البلاد للفوضى وقف بصلابة فى الصفوف الامامية للمواجهة مع تيار الظلام والارهاب الذى تصور ان بإمكانه الاستيلاء على مصر. شارك بحماس فى التمهيد لثورة 30 يونيو، وبعد استعادة الدولة المصرية بريقها وظل كاتبنا فى مكانه دون انتظار ثمن لمواقفه الوطنية، رغم امكانياته الصحفية الهائلة، كان ايمانه بمصر أعمق من صراعات المهنة، كان مكتفيا بعموده فى الأهرام وحوله الى منارة للتنوير وترجمة المشروع الوطنى وتبسيطه للأجيال الجديدة، ومدفعية ثقيلة فى مواجهة العملاء والإرهابيين. رحم الله كاتبنا الشجاع الذى لن ننساه