الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
بنك مصر.. مئوية أول خطوة فى الاستقلال الوطنى

بنك مصر.. مئوية أول خطوة فى الاستقلال الوطنى

قبل أيام حلت مناسبة عزيزة على القلب هى مئوية تأسيس بنك مصر، مرور 100 عام على تأسيس أول بنك وطنى فى البلاد، وهى مناسبة إن تحدثنا بجدية فهى عزيزة على القلب والعقل والوجدان، لأنها وبالأساس جزء من تاريخ مصر الوطنى.



بنك مصر أول مؤسسة اقتصادية مصرفية وطنية، استهدف من اليوم الأول دعم الصناعة الوطنية، من خلال تشجيعها وتوفير المناخ المطلوب للنهوض بها، وهوبالطبع وكما نعرف جميعًا، اعتمد على قروش المصريين قبل ملايينهم.

تأسيس بنك مصر، مشروع للاستقلال الوطنى، واذا كانت المظاهرات قد خرجت عام 1919، تنادى بالاستقلال الوطنى، فإن الاستقلال الحقيقى لا يتحقق بالشعارات، أوالمواقف والمطالب السياسية، ولكنه سيظل استقلالًا منقوصًا، ما لم يتحقق الاستقلال الاقتصادى، من هنا كانت فكرة طلعت حرب بتأسيس البنك، هى الخطوة الأولى الحقيقية فى تحقيق الاستقلال الوطنى للبلاد، رغم كل ما سبقها من محاولات وجهود سياسية.

منذ تأسيسه حافظ البنك على مسيرة واضحة وأهداف محددة، وهى دعم وإنشاء إطار اقتصادى وطنى، فى مختلف المجالات والقطاعات، سواء كانت الصناعية أوالتجارية، ولعب ذلك دورًا مهمًا، فى تشجيع المصريين، على الدخول فى مجالات ظلت بعيدة عن البناء الاقتصادى المحلى، ولعبت تلك المجالات الجديدة دورًا رائدًا عبر السنين فى النهوض بالصناعة الوطنية.

وقائع التاريخ تقول, إن الطريق لم يكن مفروشًا بالورود ربما كما يتخيل البعض، فكرة اول بنك وطنى بقروش المصريين، وتأسيسه عبر حملة شعبية، استهدفت الصغير قبل الكبير، ونجحت فى تحقيق أهدافها، بالقطع هى خطوة لم يُرحب بها الكثيرون فى الخارج اوالداخل، لأنها وكما اعلن مؤسسها تهدف لدعم الصناعة الوطنية، وبأموال المصريين نبنى اقتصاد مصر الوطنى. من هنا كان تركيز بنك مصر على تمويل وإنشاء أنشطة صناعية بالدرجة الأولى ومتنوعة مثل شركة مصر للغزل والنسيج، مصر للطيران، مصر للتأمين، مصر للسياحة، مصر لصناعة وتكرير البترول، حتى السينما تنبه لها مبكرا الراحل طلعت حرب، وتعامل معها باعتبارها صناعة بالدرجة الاولى فأسس ستوديو مصر، واتجه لسوق العقار فأسس اشركة المصرية العقارية، ومصر للغزل والنسيج، ومصر للكتان، والابرز بنك مصر – سوريا، فى مؤشر على وعى وفهم قومى عميق للدور المصرى فى المنطقة.

خطوات ومشروعات بنك مصر، سجلت فى صفحات التاريخ، نموذجا وطنيا عميق الوعى، بأن التحرر من الاحتكار المصرفى الاجنبى، هو بداية الطريق لإنشاء اقتصاد وطنى وصناعات محلية، أساس للاستقلال الوطنى الذى كانت تسعى له الامة المصرية فى هذا التوقيت، عبر اشكال احتجاجة عدة ترفض الاستعمار وتطالب بخروجه من البلاد.

لذلك كان شعور العداء تجاه طلعت حرب وبنك مصر من الاستعمار وأذنابه من بعض المصريين، الذين وجدوا فى الخطوة الجديدة خطرًا شديدًا على مصالحهم، وما كان للمستعمر أن يرفض المحاولة، لوكانت فقط فى الإطار الاقتصادى، لكن ما تنبه له الاستعمار والقوى الدولية وقتها، ان المحاولة لها جوانب وانعكاسات سياسية ووطنية واضحة، تهدد وجودهم فى مصر وفى المنطقة. ما سبق ليس تضخيما ولا تهويلا فى الحديث عن مسيرة بنك مصر، ولكنها الصورة والجوانب الحقيقية لمبادرة طلعت حرب، ولتأسيس بنك مصر، الذى يمر على تأسيسه هذه الأيام 100 عام بالتمام والكمال، حقق خلالها المئات من الإنجازات الوطنية، التى يحتاج للحديث عنها مجلدات ترصد الدور الوطنى لبنك مصر عبر مسيرته الطويلة، وانعكاساتها السياسة والاقتصادية والاجتماعية. نحتاج لاحتفال يليق بمئوية بنك مصر، أول بنك وطنى، وأول خطوة حقيقية وجادة لتحقيق الاستقلال الوطنى، ليعرف المصريون جانبًا خفيًا في تاريخهم الوطني.