الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
جدار العار التركى

جدار العار التركى

منذ سنة تقريبًا أعلنت السلطات التركية، أن أعمال بناء الجدار العازل بين تركيا وسوريا شارفت على الانتهاء، وكانت قد أعلنت قبلها أن الهدف من هذا الجدار هو حماية الأراضى التركية من الإرهابيين، ومحاولات التسلل التى تحصل على طول الحدود، والآن بعد انقشاع الصورة بات واضحًا أن الهدف الأساسى من الجدار هو الاحتلال لسوريا وليس شيئًا آخر، خصوصًا وأن الجدار لا يمتد فقط على طول الحدود بل يدخل فى بعض المناطق السورية، كمنطقة عفرين التى أصبحت داخل القسم التركى من الجدار بالكامل، وللتذكير فإن عفرين مدينة فى الشمال السورى احتلها الجيش التركى منذ سنة، وقام بتهجير أهلها واستبدلهم بمجموعات مرتزقة من الجماعات الإرهابية وعائلاتهم.



الجدار الذى تم تصنيفه لى أنه الثالث عالميًا بعد سورى، السور التاريخى، والسور الحديدى الفاصل بين المكسيك والولايات المتحدة الامريكية، يمتد لمسافة 711 كيلو مترًا داخل الأراضى السورية، ركب من قبل القوات الهندسية فى الجيش التركى، بالإضافة إلى بعض المؤسسات الخاصة المملوكة كليًا أو بجزء منها لابنه بلال، وهو مؤلف من كتل أسمنتية ضخمة بعلو أربعة أمتار وعرض ثلاثة، يعلو اسلاك شائكة وأخرى مكهربة، والجدار معزز بكاميرات مراقبة وأجهزة إنذار حرارية، ويتخلل الكتل الأسمنتية إبراج مراقبة عالية تحتوى على جنود أتراك يطلقون النار على كل من يقترب منه.

ورغم سيطرة القوات الموالية لتركيا على المنطقة السورية المقابلة للحدود وانتشار مخيمات اللاجئين، إلا أن عمليات إطلاق نار على محاولى التسلل وجميعهم دون أى استثناء من المدنيين الراغبين بالهروب من جحيم الحرب السورية، الذين يحاولون الدخول إلى تركيا طمعًا بالانتقال إلى حياة أفضل فى أوروبا أو حتى فى تركيا، واللافت أنه وعلى رغم العدد الكبير من ضحايا الجدار العزل، إلا أن الأبواق الإعلامية التابعة للمحتل التركى والخلايا الإخوانية لا تتناول الموضوع على الاطلاق، بل إن خيانتهم العظمى وصلت إلى حد التصفيق للجدار، متناسين جنسيتهم وبلدهم ووطنهم، بالإضافة إلى حالة انكار تامة للاطماع التركية فى سوريا وهى ليست بجديدة بل هى تاريخية موغلة فى التاريخ وتمثل أحد أسباب التدخل التركى المستمر فى الشؤون السورية.

إن اختلفت أو اتفقت مع سياسة الحكومة السورية ورئيس البلاد، إلا أن الأمر لا يبرر على الاطلاق الخيانة العظمى المرتكبة بشمال سوريا، فهذا الجدار لم يكن سيتم ويكتمل، بل ربما لما كان أردوغان يحلم بالتفكير ببنائه لولا الانصياع التام للفصائل السورية الإرهابية فى المنطقة للحكم التركى ورأسه ومعه فكرة الجدار، وهذا أمر يعود لذهنية تنظيم الإخوان الإرهابى الذى انبثقت منه جميع هذه التنظيمات، كون هذه الذهنية لا تعطى أى اعتبار للوطن والوطنية بل تقدم كل الولاء للمشروع الكبير الذى يتم تنفيذه حاليًا.

تركيا ومن خلال مراحل بناء الجدار قامت باقتلاع الآلاف من شجر الزيتون الذى ينتشر فى المنطقة ويعتبر رمزًا تاريخيًا واقتصاديًا مهمًا لأبناء المنطقة، وقامت بجرف مئات المنازل وأصبحت العديد من الممتلكات منقسمة بين طرفى الجدر، مما حرم سوريين من املاكهم وأراضيهم، البعض من هذه الأراضى والممتلكات تعود لأكراد سوريين تم إجبارهم على النزوح من المنطقة والبعض الآخر بعض أبناء المنطقة من العرب السوريين والذين لم يحركوا ساكنًا طمعًا بإرضاء السلطان العثمانى ومشاريعه التوسعية.

ولولا تقدم الجيش السورى مؤخرًا فى نقاط عديدة من ريف محافظة إدلب، ربما كانت المساحة المحتلة ستكون أكبر، خصوصًا أن نقاط المراقبة التركية التى تم نشرها فى مناطق مختلفة من إدلب ادخلت معها تحت ستارة الدعم اللوجستى مئات قطع الأسمنت لاستكمال بناء الجدار عند أطراف إدلب فى محاولة لتوسيع المنطقة المحتلة فى الداخل السورى والسيطرة على حركة التنقل فى بعض الطرقات الاستراتيجية وبالتحديد تلك التى تربط ادلب بباقى المحافظات ومنها العاصمة دمشق.

فأقل وصف من الممكن أن يطلق من تسميات على هذا الجدار هو جدار العار، فهو مبنى من قبل دولة تدعى التدخل فى سوريا لحماية المدنيين وتحت ستارة الإسلام، بينما هى دعمت فى السابق ولا تزال المجموعات الإرهابية لتحقيق اطماعها، وتأكيدًا لصحة عبارة جدار العار فهو عار سيلاحق آلاف حاملى الجنسية السورية واللاهثين وراء الدولة التركية، علما أن قسمًا كبيرًا، منهم حصل بالفعل على الجنسية التركية ويدعم الدولة التركية ضد وطنه الأم، وهذا أمر ليس بغريب عن أبناء جماعة المحظورة الذين سبق وقاموا بنفس الأفعال فى مصر وليبيا.

خطة بناء الجدار لا تقتصر على احتلال وسرقة الأراضى السورية، بل تشتمل أيضا على خطة للتغيير الديموغرافى فى شمال سوريا وإحلال تابعين للوالى العثمانى بدلا من أصحاب الارض الرافضين له، بالاضافة إلى عملية تتريك فاضحة تمارس فى نواحى الحياة المختلفة واللغة والتدريس، وهو أمر سيتم التوسع به خلال المقالات المقبلة تباعا للتاكيد على الخطر التركى فى سوريا وضرورة التخلص منه بأى من الوسائل المتاحة.