
محمود بسيونى
الاختيار.. ملحمة شعب
مشهد التفاف المصريين حول الشاشات لمتابعة مسلسل الاختيار حسم السباق الرمضانى مبكرا جدا لصالح سيرة شهداء مصر، صحيح أن الشهيد أحمد المنسى هو بطل الحكاية إلا أن ظهور باقى الشهداء أعطى تأثيرا مضاعفاً، وأكد أن بطولتهم أكبر من النسيان، ومصر لا تنسى شهدائها أبدا. لدى الشعب المصرى ولع قديم بالتوثيق، نقش الفراعنة العظام بطولاتهم على جدران المعابد لتظل البطولات خالدة على مر العصور والأزمان، ونجح «الاختيار « بالدراما من تنظيف عقول تعرضت لعواصف من الجهل والتشكيك والتشوية حملتها مواقع التواصل الاجتماعى ولجان الجماعة الإرهابية للجيش المصرى العظيم وبطولاته فى حماية وطن وشعب.
صحيح أن الاختيار فى المسلسل مرتبط باختيار المنسى للوطن واختيار الإرهابى هشام العشماوى للخيانة، إلا أن هناك معنى آخر أعمق وهو اختيار الشعب للثورة على حكم الجماعة الإرهابية فى 30 يونيو واستعادة الدولة المصرية، واختيار القوات المسلحة الانحياز للشعب وتحدى كل القوى الدولية والإقليمية التى تجمعت لإجهاض حلم المصريين فى الخلاص، واختيار أبطال الجيش لحماية سيناء من الطامعين، وتطهيرها من فئران الإرهاب ثم تنميتها وربطها بالوطن الأم.
لكل منا اختياره الحر، فالاختيار فى أساسه وأصله حرية، والحرية فى مصر مرادف لمعنى أهم وأخطر وهو السيادة الوطنية، وعدم التفريط فيها كان خيارا جمعياً اتفق عليه كل المصريين، وعبر عنها سيناريو المسلسل بحديث الفلاح المصرى الصعيدى مع جاره المسيحى الذى قرر الهجرة عقب وصول الإخوان إلى الحكم وقال له «دى أرضنا ومحدش يقدر يطلعنا منها، أما ندفنه فيها أو نندفن فيها».
الاختيار دراما تستكمل الطريق المهم الذى بدأ مع ملحمة الممر، وثقت ملحمة استفاقة الشعب المصرى وتحديه لكل الظروف الصعبة التى وضعتها قوى عديدة لهدم دولته، شعب لم ينخدع بتجار الدين أو بتجار الشعارات، وأن المواطن المصرى هو أقوى داعم لدولته، بتحمله وصبره وقدرته على مواجهة الظروف الصعبة .
لم يقدم الاختيار عملا وطنيا تقليديا، يعتمد على الكلمات الحماسية والانشائية، ولكن قدم رؤية واقعية عشناها جميعا بتفاصيلها الدقيقة، وكان أميناً فى عرض الأحداث، بسيناريو متماسك وتصوير مبهر وإخراج متميز، لقد رأينا تاريخنا القريب كما عشناه، وزاد فخرنا بصحة اختيارنا، وهو ما أصاب إعلام الإرهابية بالجنون لأنهم راهنوا وأقنعوا مموليهم على نجاحهم فى جذب المصريين والسيطرة عليهم بالإعلام، ودائما يأتى صراخ إعلامها على قدر آلمها.
لمس المصريون بطولات الجيش المصرى عن قرب، شاهدوا شهداءهم من لحم ودم، وكيف قاتلوا ببسالة وقاوموا الطامعين فى سيناء وشاهدوا جبناء الإرهاب، كيف يعيشون ويفكرون، من يحركهم ويدعمهم، وكيف ثأر الجيش لشهدائه بملحمة تلاحق ملحمة بطولات الدفاع عن سيناء لا تقل أبدا عن بطولات التعمير والبناء والتى تحتاج لعمل درامى يشير لحجم الإنجاز الهائل ويقدم إلى العالم سيناء الجديدة التى بناها المصريون لتكون قاعدة للإنتاج الزراعى والصناعى والنقل البحرى فى جنوب المتوسط، وكيف خططت الدولة المصرية لربط سيناء بالوادى بأنفاق التنمية وقضت فى الوقت نفسه على أنفاق الإرهاب والتهريب..لتعطى دليلا دامغا على صدق التغيير الكبير الذى شهدته سيناء.