الحاجة أم الاستخدام
مقولة إن الحاجة أم الاختراع ليست صحيحة دائما...فالعديد من الاختراعات تم التوصل إليها بالصدفة أو أثناء محاولة علاج مشكلة أخرى تماما...هناك مثال شهير لدواء لعلاج ضغط الدم...حتى أحد المشروبات الغازية الشهيرة كانت مخصصة أصلا كدواء لعلاج الكحة والسعال.... ناهيك عن بعض الاختراعات التى ظهرت الحاجة إليها بعد انتشارها وبدأ الجميع فى التساؤل...»كيف كنا نعيش بدون هذا المنتج أو ذاك؟».
أمثلة كثيرة إلا أن الحاجة-الاحتياج- هى المحرك الرئيسى للاستخدام فربما يكون الاختراع موجودا بالفعل إلا أن الإقبال على استخدامه لا يكون بالقدر المطلوب حتى تحين لحظة احتياج حقيقية والتى يبدأ منها الاستخدام المحموم لمنتج موجود منذ سنوات.
وما ينطبق على المنتجات قد ينطبق على بعض العلوم التطبيقية أيضا... فعلم الذكاء الاصطناعى ومبادئه موجودة منذ ما يقرب من نصف قرن ولم تظهر الحاجة إلى دمجها فى مناحى الحياة المختلفة إلا مؤخرا بعد هذا الزخم الشديد من البيانات والمعلومات والشبكات والأنظمة والتى أظهرت الحاجة إلى استخدام تلك التقنيات لتسهيل الأمور.
قد يكون بعضنا قد تعرض للمثال الشهير لعامل أمى لا يقرأ ولا يكتب ولكنه بارع فى حساب أسعار قطع الغيار وأتعابه ويستطيع استخدام الهاتف المحمول لإجراء المكالمات أو لعمل عمليات حسابية معقدة باستخدام الآلة الحاسبة.
أمر مشابه نمر به جميعا خلال أزمة فيروس كورونا التى تجتاح العالم كله... اضطر الموظفون والطلبة إلى العمل والتعلم عن بعد فتم تحميل برامج لإدارة المؤتمرات المرئية وتحميل وتبادل الملفات واقتناء أجهزة حواسب آلية وتوصيل خطوط انترنت فائقة السرعة فى المنازل.
ولن تكون تلك الحاجة هى حاجة مؤقتة تنتهى بانتهاء الأزمة فالعديد من الأعمال ستستمر والعديد من أساليب التعلم عن بعد ستستمر...سيكون هناك احتياج إلى زيادة سرعات الربط مع شبكة الإنترنت وزيادة التغطية لكل المناطق كما ستزداد الحاجة لزيادة سعة الربط الدولية أيضا..... كما ستظهر الحاجة إلى وجود خدمات محلية لا تحتاج إلى الاتصال بالإنترنت دوليا... ببساطة أن تكون لبعض من تلك الخدمات بديل محلى فى مصر أو على الأقل خوادم محلية تؤدى نفس الخدمة وخاصة الخدمات كثيفة الاستخدام للشبكة مثل خدمات الفيديو المختلفة.
ربما نحتاج إلى أسلوب مختلف للتسعير لخدمة الإنترنت على حسب الجهة التى تتصل بها فعندما تحتاج إلى الحصول على بيانات من خارج مصر تكون التكلفة ضعف تلك التى تدفعها عندما تحتاج إلى بيانات موجودة داخل مصر.... ربما هذا سيسمح بتشجيع زيادة خدمات الاستضافة المحلية وربما يشجع المستخدمين على استخدامها أيضا.
تغريدة: الفترة القادمة ستكون ملعبا لمن يفكر خارج الصندوق بشجاعة وابتكارية.