الأحد 8 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
العمر الحقيقى

العمر الحقيقى

يحكى أن أميل زولا الأديب الفرنسى الكبير قد ذهب فى مرة من المرات إلى قرية بعيدة وسأل عمدة القرية عن كيف يعيش الناس فيها فأخذه العمدة إلى المقابر مما أثار دهشة الأديب الكبير إلا أن العمدة بدأ فى قراءة المكتوب على شواهد القبور...ولد فلان عام 1801 وتوفى سنة 1861 وعاش عشر سنوات ...وآخر كتب على شاهد قبره...ولد عام 1811 ومات سنة 1873 وعاش عامين...وعندما سأل الأديب الكبير عمدة القرية عن كيفية حساب السنوات التى عاشها كل فرد ولماذا تختلف عن الأعمار الحقيقية أجاب قائلا: «نحن نكتب فقط الأيام السعيدة المملوءة بالخير والعطاء فى حياة الإنسان...وطريقة الحساب هذه قد تجعل نصيب أحدهم بضع سنين أوشهور أوأيام وربما نصيب البعض الآخر يكون صفرا»



الفكرة فلسفية ولكنها حقيقية جدا فكما نتحدث عن أن السعادة تنبع من الداخل وأن السعادة فى العطاء إلا أننا لا نطبق هذا الأمر بنفس البلاغة التى نتحدث بها ..

حقيقة إن السعادة فى العطاء لا يمكن أن يحس بها إلا من جربها... أن يكون العطاء لا أى انتظار لأى مقابل ولا حتى كلمة شكر...عطاء مطلقا غير مشروط وإلا تحول إلى صفقة بشرية تخضع لقواعد البشر وتدخل الشيطان أيضا...العطاء فى انتظار الجزاء من الله هوالعطاء الحقيقى وهويضفى سعادة واطمئنانا على صاحب اليقين واليقين قضية أخرى نحتاج إلى الانتباه إليها ضمن باقى القيم والمعتقدات المهمة للحياة على الأرض ولما بعد ذلك أيضا.

للأسف الشديد كلما أصبحت الأمور صعبة كلما كان العطاء أكثر صعوبة ولكن الفرصة أن العطاء فى هذه الظروف تكون نتائجه أكثر قوة وأكثر فاعلية.

يحتاج كل منا إلى أن ينحى هاتفه المحمول جانبا ويغمض عينيه مسترجعا ومستحضرا لحظات السعادة والعطاء ويحاول أن يحسب عمره حتى هذه اللحظة ويبدأ فى الاهتمام بزيادة عمره الحقيقى قدر الإمكان.

تجربة صعبة ولكنها تستحق ... من المعايير المهمة لعمر الإنسان أيضا هى مقدار ما يضيفه لمن حوله وللبشرية كلها...الإضافة قد تكون ابتكارا أو اختراعا وقد تكون نصيحة أو شجرة يتم غرسها...بداية العمل فى هذا الاتجاه تقتضى التفكير أيضا فى النماذج السلبية التى يكون وجودها فى الحياة خسارة وانتقاصا وليس مكسبا وإضافة....الاختيار لك والفرصة قائمة حتى قبل النهاية.