د.مهند خورشيد مدير معهد الدراسات الإسلامية بجامعة مونستر بألمانيا: ليس لدينا مرجعية موحدة لمسلمى ألمانيا والخلافات حول رؤية الهلال مستمرة

حوار - صبحى مجاهد
د.مهند خورشيد مدير معهد الدراسات الإسلامية بجامعة مونستر بألمانيا, هو أحد أهم شهود العيان على مسار الفكر الإسلامى فى الغرب، ويعد شهر رمضان وما يحدث فيه من خلافات هو نموذج لما عليه مسلمو الغرب.. وخلال حواره مع «روزاليوسف» أكد د.مهند أن مسلمى ألمانيا لا يزالون بحاجة إلى توحيد مرجعيتهم, حيث إنه توجد هيئات كبرى تعمل على تفرق المسلمين لتبنيها خطابًا متشددا، لافتا إلى أن الخلافات رغم أنها أيديولوجية إلا أنها تنعكس على الخطاب الدينى، حتى فى تحديد رؤية هلال رمضان, كاشفًا مدى تأثير شباب ألمانيا المسلم بالخطاب الدينى المتطرف، والحلول التى لابد منها.
بداية كيف تتعامل الحكومة الألمانية مع الوجود الإسلامى؟
ألمانيا دولة علمانية، أى أنها غير معادية للأديان، بل تقف محايدة أمام جميع الأديان، فهى تدعم الإسلام كما تدعم المسيحية دون تفرقة، فيُسمح مثلًا بإنشاء المساجد لمن أراد, ويبلغ عددها فى ألمانيا أكثر من ألفين، كما يُسمح تدريس الدين الإسلامى فى المدارس الحكومية وفى الجامعات وذلك كله على نفقة الدولة. فالقوانين الألمانية تعطى المسلمين حرية كبيرة فى ممارسة دينهم لدرجة أنها تعطى السلفيين وغيرهم الحق فى إنشاء المساجد وذلك تحت غطاء الحرية الدينية, كما يسمح للطالبات ارتداء الحجاب فى المدارس الحكومية. أما صورة الإسلام فى المجتمع فيطغى عليها السلبية وذلك بعد أحداث سبتمبر ٢٠٠١، وجماعات الإسلام السياسى نجحت بتكريسها صورة أقل حضارية عن الإسلام تنعكس فى تصرفات المسلمين أنفسهم فى تعميق الرؤية السلبية عن الإسلام يستفيد اليمين المتطرف منها لتوظيفها فى خطابه العدائى.
ما المرجعية الدينية التى تعتمدون عليها فى ألمانيا كمسلمين؟
ليس لدينا مرجعية موحدة، فكل جماعة لها للأسف مرجعيتها، لذلك لا تجد أن كلمة المسلمين موحدة. فى عام ٢٠٠٧ تم تأسيس مجلسًا يضم الهيئات الإسلامية الكبيرة، لكن معظم هذه الهيئات ناطقة باسم الإسلام السياسى وبعضها يخضع لرقابة أمن الدولة بتهمة التطرف.
هل أثرت أفعال وأفكار الجماعات المتطرفة على الساحة العالمية على الوجود الإسلامى بألمانيا؟
الجماعات المتطرفة، خاصة جماعات الإسلام السياسى تكاد تكون مسيطرة على معظم المساجد فى ألمانيا ويصلها دعم خارجى كبير وهنا نفتقد دور دول إسلامية كبيرة ترفع شعار التجديد كالسعودية اليوم والإمارات ومصر, فالخطاب التنويرى غير مدعوم فى ألمانيا للأسف.
هل تحدث خلافات فى قضايا إسلامية مثل رؤية الهلال؟
للأسف نعم.
بصفتك مدير مركز دراسات لماذا برأيك فشلت كل الجهود لتحقيق قوة لكلمة المسلمين أمام الدول الغربية؟
المسلمون غير متفقين بين بعضهم، فكيف لهم أن يكونوا قوة موحدة؟ الجماعات المتطرفة أقامت شرخًا كبيرًا بين المسلمين. ثم لنكن صريحين، ما الذى نريد أن نقدم اليوم للغرب؟ التقنية الحديثة، أم نظريات الاجتماع والفلسفة، أم دروس فى الحرية والمساواة؟ نحن نظن أننا شعب الله المختار وأننا أفضل من غيرنا مجرد لأننا نحمل شعار «مسلم»، لكن الإسلام تطبيق وليس شعارات. نفتخر بأن القرآن أمر فى مئات المواضع باستخدام العقل، فإن فعلت ذلك وطرحت فهمًا جديدًا لهذه أو تلك القضية الدينية، فسيكون أول من يتهمك بالفسق والعلمانية هم من يفتخرون برسالة التعقل القرآنية. لدينا حالة فصام عجيبة بين ما نُنظر له وما نطبق. ليتنا نفهم الإسلام بروحانياته وأخلاقه التى يدعو لها، لنحمل هذه الرسالة للعالم، لكن يأتينا مثلًا المسلم إلى ألمانيا ليُفهم الألمان أن المرأة خلقت للمطبخ وأن شعرها وصوتها فتنة وأن رسالة الإسلام هى تطبيق الحدود وأن سقف التدين يكون بإطلاق اللحية، تسطيح الدين هذا هو أكبر جريمة بحق الإسلام، ومرتكبوها هم من أكثر المزايدين والذين يدعون أنهم محاموا الإسلام.
ما حقيقة تأثر أجيال مسلمى أوروبا بخطاب الجماعات المتطرفة كداعش؟
الخطاب المتطرف يجلب الشباب إليه لأنه يعطيهم الشعور بالقوة وأنهم شعب الله المختار الذى يملك الحقيقة المطلقة. المشكلة فى أوروبا هى أن معظم المساجد تخطب وتدرس بلغات لا تفهمها الأجيال الجديدة، ثم تجد الإمام يتحدث من سياق بلده الإسلامى الذى جاء منه دون مراعاة لظروف الشباب فى أوروبا، فلا يجد الشاب فى المسجد بيتًا روحيًا له يتفهمه، وهنا تأتى مساجد التطرف والتى تقوم بعمل اجتماعى تصل به إلى عواطف الشباب وتستغل فقدانهم لبيت روحى يحاكى ظروفهم.
ما سر نجاح داعش فى اقناع عدد كبير بتفسيراتها الخاطئة للدين؟
داعش توظف الدين لتأسيس خطاب سياسى مُوجه ضد الغرب ومن يواليه من المسلمين، إن قوته تكمن فى لعبه بورقة ادعاء الدفاع عن الإسلام الحق ضد الغرب، وهذه ورقة رابحة فى زمان العواطف، يستخدمها الإسلام السياسى وكل من أراد تصفيق الجماهير.
كيف يمكن للعالم الإسلامى إنقاذ النشء من الوقوع فى براثن فكر التطرف؟
أولًا بدعم الخطاب التنويرى التجديدى وإنشاء مؤسسات علمية فى أوروبا لتجديد الخطاب الدينى
ثانيًا بإنشاء المساجد التى تنشر خطاب التنوير. نحن فى معهدنا نقوم بتأهيل الأئمة أيضًا، لكن هؤلاء لا يجدون المساجد التى توظفهم، لأن معظم هذه تابع لجماعات تكفرنا.
ثالثًا بالعمل على مراجعة فهم الدين اليوم، ابتداء بفهم القرآن والسنة إلى تحليل الحجج التى يعتمد عليها المتطرفون من داعش وغيرهم، لأننا سنجد الكثير من هذه الحجج فى تراثنا الذى طالما علمناه أبناءنا.