الخميس 1 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ثقافة المولد

ثقافة المولد

صخب.. عنف.. سخافة.. خرافات.. تلك هى السمات الرئيسية لحياتنا هذه الأيام.. الصوت العالى هو السائد.. لا أدرى لماذا يصرخ أغلب مقدمى البرامج فى وجوه المشاهدين بهستيريا وتحريك سريع للأيدى فى كل الاتجاهات...الصخب فى الشارع.. حدث ولا حرج.. خطبة الجمعة والتى لم نشهدها منذ عدة أسابيع كانت تتسم بقدر لابأس به من التشنج والصراخ...الأعمال التى يطلق عليها أعمال درامية تمتليء بالعنف والخيانة والسرقة والنصب والاحتيال.. الكثير من الالفاظ البذيئة والمشاهد الصادمة.. على الجانب الآخر وهو الجانب المرتبط بالترفيه والفكاهة نجد الكثير من ثقل الدم والسخافة وهى أمور لايمكن أن يطلق عليها كوميديا بأى حال من الأحوال بل بالعكس فأنها تحيل الأمر إلى مأساة مكتملة الأركان.



الخرافات تغلغلت وأخذت مساحة كبيرة فى معتقدات وأحاديث الناس.. قنوات فضائية لفتح المندل وجلب الحبيب ورد المطلقة وزيادة الرزق.. برامج مسابقات شبيهة بورق اليانصيب.. يتصل 10 ملايين فرد ويفوز واحد بقروش قليلة وتفوز الشركة بملايين من الدولارات..

العالم الافتراضى تحول الى «مولد الكترونى».. الكثير من الاخبار المغلوطة والشائعات ومقاطع الفيديو والصور المفبركة.. عناوين براقة.. شاهد قبل الحذف.. كائنات فضائية فوق التجمع الخامس.. شاهد لحظة وفاة فلان الفلانى.. فتحوا مقبرة فلان الفلانى فشاهد ماذا وجدوا.. فتاة النار والكهرباء والعجل ابو راسين كانا من اشهر أساليب الجذب للعروض الفنية الهزيلة فى الموالد.. عادت بصورة الكترونية بغيضة من اليوتويب والتيك توك والانستجرام والفيسبوك والتويتر والعديد من التطبيقات الاخرى.. وسط هذا العبث تجد الفيسبوك يشكل مجلسا عالميا للاشراف على المحتوى ويضم إلى عضويته شخصات لها توجهات  مناوئة للفطرة ولقناعات الملايين  من البشر.

ألعاب فيديو تصيب الأطفال بهستيريا وتضعف قدراتهم على التحصيل والدراسة والتفكير المنطقى العقلانى والهادئ.. رفع لمستويات التوتر والادرينالين بصورة لم يشهدها حتى الانسان الاول الذى كان يتعرض يوميا الى مصارعة الوحوش والحيوانات.. المشكلة ان هذا العالم بشقيه الواقعى و الافتراضى يسير نحو المزيد من رباعية الصخب والعنف والسخافة والخرافة ويبقى الإنسان حائرا بين تلك القيود مستمتعا حينا ومستسلما أحيانا كثيرة.. يفكر قليلا فى الهدوء والاسترخاء والفكاك من تلك القيود.. مجرد تفكير قاصر غير مقرون بأى فعل أو حتى محاولات للنجاة.

لا أجدنى مستسيغا لفكرة أن ما أشعر به هو صراع الاجيال وأن الجيل الجديد قادر على التعامل مع تلك الأدوات ببراعة وبساطة.. ذلك الشعور وتلك القناعة يعودان الى  عدة أسباب ابسطها أن هذا الجيل الجديد لم يخلق بعقل حديدى أو أعصاب فولاذية ولا يفرز جسمه مشروبا غازيا عند التوتر ليكون بديلا للأدرينالين  كما أن الموصلات العصبية والخلايا والشرايين والاوردة و كل الاعضاء الداخلية لا تزال مخلوقة من نفس المادة وتعمل بنفس الطريقة..ربما يتحمل الانسان الآلى المدعوم بانظمة للذكاء الاصطناعى هذا الصخب ويستطيع أن يتعامل معه لكن حتما لايمكن للانسان العادى أن يستمر هكذا كما لايمكن له ان يحاكى الآلة أو يجاريها فى قدراتها للتحمل لأنه ببساطة.. بشر. تغريدة: لابد من عودة... وتوازن.