الخميس 1 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ميكروباص الأمل

ميكروباص الأمل

لاتزال شبكات التواصل الاجتماعى تلعب دورا كبيرا فى تثبيط الهمم وإحداث حالة من الارتباك فى المشهد المصرى فيما يتعلق بمكافحة انتشار فيروس كورونا مستغلة ميلنا إلى كل ما هو غريب أو فكاهى حيث يتم ذلك من خلال استغلال غريزة حب الاستطلاع وكذا أيضا الميل إلى الدعابة والضحك فى مخاطبة العقل الباطن والمشاعر غير الموضوعية فى محاولة لتغيير معتقدات ومسلمات العقل الواعى ومن ثم تغيير الوعى والتصرفات ومن ثم الوصول إلى نتائج كارثية.



قد أستطيع أن أتفهم أن يتم على مدار عشرات السنين تصدير صورة ذهنية إننا ننتمى إلى العالم الثالث أو الأخير حيث لا يوجد عالم رابع وأن العالم الأول المتقدم قد سبقنا بملايين السنوات الضوئية ولا أمل على الإطلاق فى اللحاق به وأحيانا لا أمل فى مجرد السير على دربه فى محاولة لتقليل الفجوة الحادثة.

نستمر فى نشر المقاطع الساخرة التى نشير فيها إلى سلبيات التعامل مع الإجراءات الاحترازية المرتبطة بالوقاية من الإصابة وتحجيم انتشار الفيروس.... أعترف أن العديد منها يحتوى على خفة الدم المعهودة والبعض الآخر ينتزع ضحكا هستيريا من نوع الكوميديا السوداء ولكنه على حد قول أبو الطيب المتنبى   «ضحك كالبكاء».

الحقيقة أن جائحة كورونا جعلت العالم كله على نفس الصف فى مكافحة هذا الوباء....ثلاث مراحل للمرض... علاجات ومسكنات ثم أجهزة تنفس صناعى ثم وفاة.....وفى كل مرحلة نجا من نجا وهلك من هلك....الإجراءات الاحترازية من غلق كامل أو جزئى وأيضا التباعد الاجتماعى والنظافة الشخصية وارتداء ماسكات الوقاية واستخدام المطهرات....كلها إجراءات بسيطة و سهلة...لا يمكن أن نتركها و نتحجج بأننا دولة من العالم الثالث أو أن للعالم الأول إجراءات احترازية يقوم بها المواطن ولا نستطيع أن نقوم بها نتيجة أي اعتبارات مرتبطة بالتراكم و المخزون الحضارى و التقنى كما يمكن لنا ببساطة أن نتحجج فى أى موقف آخر.

مازلنا أيضا نحتاج إلى التركيز على مدى وعينا فى التعامل مع المريض الإيجابى بدون أعراض أو الذى ظهرت عليه الأعراض أو الذى شفى تماما وتحولت نتائج التحاليل الخاصة به من إيجابية إلى سلبية أو المخالطين له...لابد من أن نتعلم كيف نتعامل معهم بصورة علمية وإنسانية أيضا.

اليوم استمعت إلى قصة حدثت منذ أيام قليلة أمام أحد مستشفيات العزل حيث استقلت احدى الممرضات ميكروباص لتعود إلى منزلها و من شدة التعب والإرهاق أغمضت عينيها وذهبت فى سبات عميق لعدة دقائق ثم انتبهت فابتسمت لمن تجلس بجوارها واعتذرت لها لأنها تعمل منذ أيام ولا تنام أكثر من ساعتين يوميا.... انطلق صراخ السيدة فور أن عرفت أن جارتها تتعامل مع مرضى الكورونا وطالبت سائق الميكروباص بأن يقوم بإنزالها فورا...انضم إليها فى الطلب عدد من الركاب...فما كان من السائق الشهم إلا أن طالب جميع الركاب بالنزول و قال إنه سيقوم بتوصيل الممرضة إلى منزلها ولن يأخذ منها أجرة واعتذر لها على تلك التصرفات الفردية من الراكبة....القصة لم تحدث أمامى و لكنى استمعت إليها وبغض النظر عن أى شيء فإننى كلما مررت بواقعة إيجابية أو استمعت إليها ولمست فيها تصرفات المصريين المبهرة لا أملك إلا أن أستمر فى الإيمان بقدرات هذا الشعب واستمر فى التمسك بالأمل وأردد دائمًا «فيها حاجة حلوة».