الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
التجارة التركوإخوانية بأطفال سوريا

التجارة التركوإخوانية بأطفال سوريا

وكأنه لم يكن يكفى أهل سوريا ما جرى وحصل لهم من ويلات بسبب توغل الجماعات الإرهابية المدعومة من تركيا، حتى كأن لأطفالهم الحصة الأكبر من التدمير النفسى والمعنوى وتحويلهم إلى أدوات للقتل، وتربيتهم على الارتزاق العسكرى ليتحولوا مع الزمن القصير إلى مرتزقة يتم نقلهم من منطقة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر لتنفيذ أوامر وأحلام السلطان العثمانى الجديد قائد الإرهاب الدولى أردوغان.



فتجارة أردوغان بالأطفال تجارة قديمة وهى متواصلة وممتدة ومتصلة بالفكر الإخوانى البغيض، فتركيا ومنذ اندلاع شرارة الأحداث السورية بدأت باستقطاب وتجنيد الأطفال، بدأت مع المجموعات الإخوانية تحت لواء نصرة الثورة السورية، ثم انتقلت إلى التجنيد المبكر فى صفوف تنظيم القاعدة وذراعها الشامى أى جبهة النصرة، ووصلت الذروة إلى مخيمات تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش)، والذى خصص جزءا كبيرا من قدراته المالية والعسكرية واللوجستية لإقامة مخيمات أشبال الخلافة.

السؤال هنا لماذا الأطفال؟ والجواب سهل جدا، فالشبان وكبار السن وهم الموجة الاولى من الإرهابيين إما سيقتلون او سيهربون او ينتقلون إلى تنظيمات أخرى طمعا بالإغراءات المالية والمناصب القيادية، اما الأطفال الذين تزرع فى عقولهم بذرة الشيطان الإرهابى وأفكاره فسيتحولون مع الوقت إلى مجرد أدوات تنفذ الأوامر بتغييب كامل للعقل والتفكير الصحيح، وهو أمر يراهن عليه أردوغان كثيرا فى سوريا لإكمال مخططه لتحقيق أحلامه بقضم الأراضى السورية، وربما أكبر دليل على نجاح فكرة غسل العقول وتغييبها أطفال عائلات تنظيم داعش الموجودون فى مخيمات شمال وشرق سوريا والذين لا يزالون يؤمنون بالخليفة والدولة الإسلامية ويثقون كل الثقة بالقيادة التركية، ونفس الأمر منتشر وبكثرة للأسف فى مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) ومناطق سيطرة ما يسمى بالجيش السورى الوطنى، حيث يعتبر أردوغان قائدا وقدوة وأوامر القيادة التركية تنفذ بلا جدال.

الأمر لم يتوقف فى سوريا حيث تم استغلال الأطفال والقسك الأكبر منهم الذى تحول إلى مرحلة الشباب بالمعارك الدائرة فى شمال سوريا، بل انتقل إلى خارج الحدود وتحديدا إلى ليبيا حيث اكدت تقارير عديدة نقل تركيا آلاف المقاتلين للمشاركة فى القتال إلى جانب الحكومة الإخوانية، وبينهم نحو 2000 طفل على الأقل، علما أن غالبية من تم نقلهم إلى ليبيا تدرجوا فى السابق فى مخنلف المراحل التى تم ذكرها، أى إن مخطط التجارة بأطفال سوريا بدأ يعطى ثماره بالنسبة لتركيا والتى أصبحت تسيطر على جيش من الأطفال والشبان السوريين يتم استعماله الآن فى سوريا وليبيا ومصر وقريبا جدا قد نجد هذا التواجد فى دول أخرى ومناطق أخرى.

والمشكلة الأساسية لم تبدأ بعد، فسوريا دون أدنى شك ستصل إلى الحل السياسى وسيادة دولة القانون الشرعية على جميع الأراضى، لكن كيف سيكون الحال فى المناطق التى زرعت تركيا بذورها الشيطانية الإخوانية فى عقول جيل كامل، كيف سيتعاطى هؤلاء مع الدولة السورية؟، هل سيكون الولاء لسوريا أو تركيا؟، هل سيؤدى هؤلاء الشبان الخدمة العسكرية؟،

هل سينفصلون عن تركيا والمجموعات الإخوانية؟، كلها أسئلة من الصعب الإجابة عليها فى الوقت الحالى لكن الجواب الذى يبدو للآن هو التبعية لتركيا وأن هؤلاء سيكونون ذراع تركيا فى سوريا، والأداة الضاغطة التى سيتم اللجوء إليها عند الحاجة خصوصا عند حاجة أردوغان لورقة ضغط لتحقيق مكاسب سياسية له ولمشاريعه وتوسعتها ليس فقط فى سوريا بل فى المنطقة.

ربما القاعدة الهرمية المتبعة لدى تنظيم الإخوان والتى تؤمن الانتشار الكبير فى القواعد الشعبية والتى تعانى منها دول عديدة منها مصر، وشراء عقول أجيال ليكونوا وقود تحركات مستقبلية، هو ما ستعانى منه سوريا مستقبلا، فالحرب السورية ربما لم تبدا فعليا بعد، لأن القادم سيكون سيئا جدا، فالمعارك الحالية تتم مع عدو موجود فى الجهة المقابلة لفوهة البندقية اما مستقبلا فستكون حربا شرسة مخفية لا ترى فيها العدو الذى سيلبس عباءة المواطن العادى ليحاول زعزعة الأمن والاستقرار وتنفيذ اجندات الخارج.

هذه المعادلة معادلة اخوانية بامتياز، بل قامت عليها جماعة الإخوان الإرهابية، وسيلزم وقتا طويلا للتخلص من نتائجها، فبالإضافة إلى العمليات العسكرية للتخلص من المجموعات الإرهابية والاوكار التى تضم الذئاب المنفردة والخلايا النائمة، فان الأمر يحتاج لعمليات استقطاب واسعة لهذه الأجيال فى محاولة لإعادتهم إلى رشدهم من خلال عمل دؤوب لمختصين نفسيين واجتماعيين للتعامل معهم وتخليصهم من رواسب ما تم زرعهم فى عقولهم، بالإضافة طبعا إلى خطة موحدة مدروسة علميا ودينيا، ومحاولة دمجهم فى المجتمع من جديد عبر المدارس والنشاطات المختلفة والأهم إبعادهم عن التاثيرات الخارجية التى ستحاول ابقاءهم فى الحظيرة الإرهابية.

ولا شك أنه من الصعب جدا القيام بهذه الأمور خصوصا فى بلد متهالك بسبب آثار الحرب المدمرة، وليس سوريا فقط فإن أى دولة عانت من حرب مستمرة لعشر سنوات ستحتاج لوقت طويل قبل المباشرة بهذه الخطط لتنظيف العقول، وكل ما يمكن القيام به حاليا التعجيل بانهاء الوضع الشاذ الموجود فى الشمال السورى والمتمثل بالاحتلال التركى وحل جميع الميليشيات الموالية لها، لأن القضاء على هذه المنظومة فى الوقت الحالى سيكون له أثره الإيجابى فى نفسية وعقل الجيل الشبابى والأطفال، فانهيار هذه المنظومة سيكون دليلا على ضعفها وعدم قوتها وعدم قدرتها على المتابعة والاستمرار وذلك بعكس ما يتم الترويج له من قوة للمحتل التركى واذنابة التابعة له، خاصة وأن المشروع فشل فى مصر وعلى طريق الفشل فى ليبيا، أى أن الضربة لن تكون قاضية على الصعيدين العسكرى والسياسى فحسب بل أيضا على الصعيد الاستراتيجى العام لهذه الجماعات التركوإخوانية.