الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
إجابات متناقضة لنفس السؤال

إجابات متناقضة لنفس السؤال

يشير الراحل الكبير  الدكتور جلال أمين استاذ علم الاقتصاد وصاحب العديد من المؤلفات المهمة الى ملحوظة مرتبطة بتدريس الاقتصاد وهى أن الأسئلة التى تطرح على الطلبة فى الاختبارات تكاد تكون ثابتة تقريبا على مدار العقود الخمسة الماضية....ثبات الاسئلة استرعى انتباه عدد من الاساتذة فى احدى جامعات انجلترا ايضا.... سئلت احدى الاساتذة عن السبب فى هذا وهل هذا خلل أو كسل فى وضع الأسئلة وما النتائج المترتبة عليه والتى قد يكون منها الغش ونقل الإجابات بين الطلاب... ربما ثبات الاسئلة قد يدعو الطلاب الى عدم الاهتمام بالمذاكرة والتحصيل أيضا.... جاءت الاجابة من منطقة أخرى بمنطق آخر.... أفاد أحد الأساتذة بأن ذلك قد حدث بالفعل ولكن لعلة مختلفة ألا وهى أنه بالرغم من ثبات الأسئلة إلا أن الاجابات تختلف باختلاف العصر والظروف والاحداث الجارية والتوقعات المستقبلية أيضا...... أعطى مثالا على هذا بأن سؤالا عن محفزات الاقتصاد ومن هو المسئول عنه إذا طرح فى الخمسينيات أو الستينيات فإن الإجابة ستدور حول دور الدولة فى أحداث ذلك النمو فيما لو طرح هذا السؤال فى الفترة بين السبعينيات إلى بداية التسعينيات فإن الإجابة ستكون للمشاركة بين الدولة والقطاع الخاص أما الإجابة فى العقد الأخير من القرن العشرين - بعد تفكك الاتحاد السوفيتى ونمو الشركات متعددة الجنسيات - فإن الدور الرئيسى سيكون لتلك الشركات وللاستثمارات الاجنبية...الخ. ربما هذا التنوع والتغير هو ما يتجلى فى الدعابة القائلة بأنه إذا جلس ثلاثة من المتخصصين فى علم الاقتصاد لمناقشة قضية ما لخرجوا على الاقل بأربعة حلول.



الامر نفسه فى السياسة والتى تحتوى على قدر كبير من التغيير وقدر اقل من الثوابت...ربما لأن كلا من الاقتصاد والسياسة مرتبطان ارتباطا وثيقا بالنفس البشرية بطبيعتها المتغيرة المتقلبة...التى ترغب فى شيء اليوم و ترفضه غدا والعكس....ربما لأن كم المتغيرات والعوامل كبير جدا لدرجة تجعل الثبات موت وهو ما يجعل المنطقة الرمادية هى الانجح على الاطلاق مهما كانت المنطقة البيضاء او السوداء تؤدى الى نتائج سريعة و كبيرة.

وهنا تظهر أهمية الاهتمام بالصورة الكلية وبأدق التفاصيل أيضا...الاهتمام بالحاضر وبالمستقبل المتوسط والبعيد....كلمة السر فى هذا الأمر هى «التوازن»... والتوازن يحتاج الى حكمة والحكمة ضالة المؤمن إن وجدها فهو أحق بها.